حيث كان من المفترض ان تكون مهمة المثقف العراقي تحت اية يافطة انتماء تحتية دينية او طائفية او اثنية هي الترويج لمفهوم المواطنة في الدولة العراقية المعاد تكوينها بالكامل بعد 9/4/2003على اسس ديمقراطية متكافئة، انجرف الكثير من المثقفين العراقيين لمبايعة حمَلة اليافطات التحتانية من الساسة الذين تقاسم بعضهم الكعكعة العراقية حتى قبل اسقاط النظام الدكتاتوري بقرار اميريكي وبجهد اميركي في الغالب، لم تكن للقوى العراقيية المتقاسمة اي جهد يذكر فيه،، بل وحتى تلك التي استخدمت ادارة الرئيس بوش بعض من معلوماتها التي تبين عدم صدقيتها فيما بعد، عن ترسانة العراق الصدامي من اسلحة الدمار الشامل وعلاقته بدعم القاعدة،،وهي التي يحسب لها وحدها انها كانت تمثل معارضة عراقية عامة نوعا ما قياسا بمعارضات اخرى كانت تعمل ولازال اغلبها حتى الان يعمل بمنطلقات معارضة الطائفة او القومية جاهدا لتكريسها في لعبة الحكم رغم ما درت وتدر عليه من محدودية التأثير والقيمة في الساحة السياسية العراقية المدولة حكما،اقول حتى قوى مشروع المعارضة الوطنية الاشمل بعيدا عن عقدة القومية والطائفة،واعني بالطبع قوى وشخصيات المؤتمر الوطني العراقي، سرعان ما افل نجمها بعدما انكفأت بنفسها لاستثمار متغيير الطائفة ومتغيير العامل الاقليمي على ثابتي الشعور الوطني والتدويل حكما لملف حيوي وستراتيجي اقتصاديا وامنيا للعالم اجمع مثل الملف العراقي،وان كنت الحظ مؤخرا على هذه القوى العدول عن المتغييرات التي الثوابت التي امل صادقا ان تعيدها الى الواجهة العراقية لتعزز،ولو معارضة، قوى الثابت الوطني والدولي ndash;الوفاق الوطني وحلفائه في القائمة العراقية- التي حجمتهم قوى المتغيرات وساهموا هم انفسهم بتحجيم انفسهم.
وبعد ان انجلى جل غبار فرسان الطوائف عن اعيين المواطن العراقي الذي عاش اقسى تجربتي استلاب واغتراب بسبب صولات هولاء الفرسان، خلت الساحة او تكاد لفرسان القومية من مثقفي وكتاب الكرد العراقيين الذي تجاوزوا ما توقف عليه اسلافهم من فرسان الطوائف من اشكالية تقاسم السلطة في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن الماضي حالها حال اغلب الدول العربية الحديثة التي ازعم انها لم تسبقها دولة(عربية) قديمة،، وانما كانت شعوبا وقبائل تخضع لهذه الامبراطورية تارة ولتلك (الدولة) تارة اخرى حسبما يداول الله الايام بين الناس، وسأذهب بزعمي اكثر من ذلك الى ان هذه الشعوب والقبائل العربية التي اعتبرها القوميون العرب لاحقا مادة الاسلام وجوهر امبراطوريته لم تكن سوى قبائل وشعوب كونت جزءا من نسيج تلك الامبراطورية كما كونته غيرها من الشعوب والقبائل التي اخضعتها الدولة الاسلامية لنفوذها وفقا للشعار الاممي (لافرق بين عربي واعجمي قط الا بالتقوى ) الذي ما انفكت تنادي به الحركات الاسلامية العربية رافضة ما ينادي به القوميون العرب من مفهوم الامة (العربية ) الذي يحد عندهم من من سعة مفهوم الامة (الاسلامية ) التي ليس العرب الاجزءا منها،وبالطبع فأن الحركات الاسلامية الكردية في العراق وخارجه، بشقيها المعتدل والمتطرف لا تختلف عن المنظور الذي تنظر فيه الحركات الاسلاميوية العربية الى مفهوم الامة.
وقد تكون الحركات الاسلاموية المعاصرة اكثر اممية من المسلمين الاوائل انفسهم،فحيث حصر الاوائل الزعامة(الامامة) بقريش عند سنتهم،وبذرية فاطمة من العلويين بعد علي واولاده عند شيعتهم دونما سند قاطع من الكتاب اراه،،غير رغبة الاستأثار بالسلطة والاسلام معا،، وهي ما اراها العلة الاولى التي اوهنت الجسد الاسلامي وتناسلت منها كل علله فيما بعد - وقد يكون من نعم الله الخفية على عباده من المسلمين وغيرهم ان المشروع الاسلاموي المعاصر قد انقسم الى شقين: المشروع الاسلاموي الشيعي والمشروع الاسلاموي السني وان نقاط تضَادهما اكبر من نقاط التقائهما والا لارتهنت الامة الاسلامية بعربها وعجمها ضمن نطاق هذين المشروعين واشكالية احتكار السلطة والمتسلط فيه مما لا مجال فيه في اية حال للحديث عن اصلاح سياسي او اجتماعي -
فأن الاسلاميين المتأخرين قد فوضوا غير قريش وغير العلويين بالزعامة،وقد تكون تجربة الملا عمر في زعامة الدولة الطالبانية في افغانستان قبل وبعد الاطاحة بها، وعمل زعيم الحركات الجهادية اسامة بن لادن ومساعديه تحت امرته واحدة من اهم الامثلة على ذلك عملا بالثابت من الحديث الشريف (لا فرق بين عربي واعجمي قط - في الحقوق والواجبات ومنها الزعامة ndash; الابالتقوى ) وقد لايختلف معي عاقل ان التقوى التي اوردها الحديث الشريف هي ليست التقوى في عقيدة الجهاديين الإسلاميين التي استحلت قتل الابرياء وجرت على شعوب المنطقة من الويل والثبور ما لم يكن يعد به هولاكو ومعه كل خيل المغول.
ومثلما كان العرب شعوبا وقبائل، سرعان ما يغلب طبعهم تطبعهم الذين طبعتهم عليه الامبراطورية الاسلامية بدولتها المترامية الاطراف حتى بداية العصر العباسي،ثم انشقاقها الى دولتين في بدايته بخروج افريقيا ومعها مصر عن سلطة بغداد ومن ثم تشظيها الى دويلات لا متناهية انتهت بأن استأثرت على عروشهم المتناثرة دول وامبراطوريات اخرى كانت اخرها الامبراطورية العثمانية التي انتهت بالاستعمار الحديث الذي منَ عليهم لاول مرة بفكرة الدولة العصرية الحديثة ليثبت تطبيعهم على الاقل ولا يعود عماد اقتصادهم الرئيس الغزو ونهب ثروات (ماشية) اخوانهم في الدين وابناء عمومتهم في النسب القريب وقد لايخلو الامر غالبا من اهانة الشرف الرفيع بسبي نساء القبيلة المغار عليها، اذ لاشئ غير مفهوم الدولة يكون قادرا على ضبط السلوك الاجتماعي لمجموع الافراد، حين يغدو الحديث عن وازع الدين وشرف الارومة والاعتداد القومي والطائفي ليس سوى افاق واسعة لكيفيية التفسير والتأويل لمتحركات هذه المفاهيم التي تبيح الاعتداء على الاخر والحط من ادميته واستلابها وتخل بمبدأ التعايش ليس بين التكويانت الاجتماعية الكبيرة المتباينة عرقيا ودينيا وطائفيا، بل وحتى ضمن المجتمع الواحد المتجانس في كل ذلك،ولنا ان نعتبر الكثير من التجربة العراقية منذ عام 2003 حتى محاولات الدولة الحثيثة مؤخرا للعودة لتأخذ دور الحاكمية العليا والوحيدة،،فمهما كان للدولة من اعداء حتى وان كانت ديكتاتورية متسلطة فأنهم بالتأكيد ليسوا اكثر من اعداء المكونات التحتانية لبنية الدولة (الاحزاب والمجتمعات السياسية والاثنية والطائفية) حيث يصبح الجميع خصوما للجميع ان لم يكونوا اعداء من الواجب الانتصار عليهم واثبات الذات،مهما كان نوع وطابع هذا الانتصار وايا تكن تكلفته،ولعل هذا وحده ما يفسر ان كل السياسيات الطائشة التي انتهجها النظام العراقي السابق من حروب عبثية وتصفية لخصومه من داخل حزبه ابتداءا وصعودا الى كل خصومه السياسيين لم تكلف المجتمع العراقي خسائر بالارواح اكثر مما كلفته السنوات العجاف الماضية التي كانت ستضمن انتقالا سلسا الى الديمقراطية لولا محاولة كل هذه المكونات التحتانية الاستأثار بما رأته نصيبها من سلطان الدولة واليات ووسائل قسرها،وعليه واستدراكا لما فات من تجربة سنوات الاحتقان ثم العنف الطائفي يصبح الذي ترتب على احتقان ومناكفة سياسية طائفية، ودفع ثمنه المواطن الاعزل البرئ تقتيلا وتهجيرا،،يكون لازما على كل الاطراف استدعاء الدولة كحاكمية عليا مطلقة الى كركوك لحين ما يأخذ الخلاف والتناكف السياسي القومي اي مدى يريد وصولا للحل،،تجنبا لاي صراع عنفي على اساس قومي هذه المرة سيدفع بسطاء وابرياء الناس ثمنه، تتوفر الان كل محركاته بين مكونات ما تحت الدولة هناك.
وعودا على بدء، فمثلما كان العرب شعوبا وقبائل حكمتهم الحتميات التاريخية بناتج الدول والامبراطوريات التي حكمت الجغرافيات الثابتة التي تحركوا خلالها او عبرها واستوطنوها حالهم حال اي من الشعوب الاخرى المتحركة عبر حقب التأريخ،فأن الكرد وأيضا مثلهم مثل باقي الشعوب كانوا جزءا من آليات متغيرات التأريخ حاكمين او محكومين في جغرافية ثابتة نزح اليها من نزح ونزح عنها من نزح،واستقر فيها من استقر حتى تكونت الدولة الحديثة باليات وحتميات تاريخية، الثمن بنجاح محاولات تغييرها مهما كان لايقارن بنعمة القبول بها واقعا والتعايش مع هذا الواقع، سيما وان البداوة وبطابع الترحال المستوطن فيها، سمة من سمات السلوك البشري مهما ازداد رقيا وحضارة، ويكفي ان نشير الى ان عدد اللبنانيين في البرازيل وحدها يفوق عدد من بقي منهم في لبنان اذا يوجد اكثر من 9 ملايين لبناني، ثلثهم تقريبا من المسيحيين الموارنة، وبحساب تقريبي ايا كان رقمه لعدد الموارنة اللبنانيين في البرازيل لوحدها بمنحهم حق الانتخاب وفق قاعدة ازدواجية الجنسية ndash;التي اخذ بها الدستور العراقي- فأن الخارطة السياسية اللبنانية ستتغير اكثر ما املته الخارطة الديموغرافية على الطائف والدوحة معا، وعدد اللاتين في الولايات المتحدة يناهز عدد السكان في العراق والسعودية معا،هذا في المجتمعات الحديثة فما بالك بالمجتمعات القديمة التي قد يدفع شح الامطار لموسمين،او ظهور حالة واحدة من الطاعون الى هجرات جماعية كاملة قد لاتتوقف عند حدود قارات العالم القديم المتصلة، طالما ان ديدن الجنس البشري عبر التأريخ هو الهجرة الى حيث تتوفر ظروف افضل للحياة.
فماذا بعد فرسان الطوائف التي تفوح من صحفهم ومعلقات مجدهم رائحة الدم العراقي الطهور.. ماذا بعدهم اذا؟؟ فرسان الخطاب القومي من النخبة التي كان الاحرى بها ان تكون الاقرب الى ان تنشد سبيل الخلاص لهذ الشعب بكل اطيافه عبر دولة المؤسسات والمواطنة وهم اغلبهم تفتح يراعهم في امم العالم المتحضر الذي يحملون جنسيات دوله وهم مواطنون فيه بأمتياز المواطن الاول الذي رأته بلادهم قليلا عليهم،، وهم بذلك ادرى ان اميركا ما كان يمكن ان تكون بهذه العظمة لو لم تكن امة الامم بكل الوانها واديانها واعراقها،، وان اوربا الموحدة لم تكن اوربا الموحدة ولا اوربا التمدن والرفاه لولا ان تبرح الفكر القومي، الفكر الذي زجها وزج العالم معها بحربيين كونيتين بمجرد ان استمكنت اولى بوادر النهضة الصناعية والاتصال والتواصل فيما بينها،وخاضت عشرات بل ومئات من الحروب الثنائية وما بعد الثنائية طبقا لما كانت تسمح به وسائل الاتصال والتواصل انذاك
وفات هؤلاء ايضا ان من سبقهم من فرسان القومجية العروبيين ساسة ومنظرين وبسياسيتي المصادرة والتخوين قد منعوا جامعة الدول العربية من ان تكون وهي المنظمة العالمية الاولى من نوعها وقد ابتدعها العالم الحر لتكون نواة مثل سابقا وشبيها بما سيكون عليه الاتحاد الاوربي من منظومة تكاملية لمجموعة دول ناشئة بينها اكثر من مشترك بما يحفظ الحق لكل دولة بالحفاظ على نظامها الداخلي ونوع الحكم فيها مثلما تريد ويريد شعبها،، وفاتهم ايضا ان اخر فرسان العروبة اراد ان يحقق الوحدة العربية فاضاع وحدة بلاده
واذا كان فرسان الطوائف ومن روج لهم ومن اراد ان يسمعهم من الطبقة السياسية العراقية قد اتخذوا من تأسيس الدولة العراقية الحديثة على يد الانكليز مطلع عشرينات القرن الماضي صعودا الى 9/4/2003 فأن فرسان الخطاب القومي من الكتاب والمثقفين الكرد، وقد لا تتعدى معلومات بعضهم في التأريخ ما لدي من معلومات عامة متواضعة، قد تجاوزوهم الى اعتبار كل حضارات الشرق القديم هي حضارات كردستانية اللهم الا حضارة اشور المعادية وعاصمتها نينوى.
يتبع: اكردة التأريخ ليست حلا للمضارع الجغرافي السياسي 2-3
كركوك.. الحل الامثل
ابراهيم الصميدعي
[email protected]
التعليقات