عندما وصل خبر مقتل كامل شياع في الامس، بحثت عن الصور التي التقطتها له في مدينة quot;ميسناquot; الايطالية في صيف العام الماضي. هي ثلاث صور فقط، واحدة في مبنى بلدية المدينة، والتي نظمت ندوة الثقافة العراقية والاخريات على شاطيء البحر، قريبا جدا من الصالة المفتوحة التي عرضت افلام عربية في مهرجان بحر السينما العربية هناك.
صور شياع الثلاثة، تتشابه كثيرا مع تلك التي نشرت في المواقع العراقية على الانترنيت، بعد مقتله العنيف في بغداد البارحة. سحنة قوية سمراء، وحضور المثقف الطاغي، والذي بدا قريبا جدا لصورة المثقف الذي وصفته روايات اليسارالعربية فيالسبعينيات . كارزيما كبيرة، لكن بدون المتاهة التي يغرق بها ابطال تلك الرويات. فكامل شياع كان يعرف الى حد كبير ما ذا يريد، هذا اليقين، لم يستطع قاتلوه تحمله، وهو الذي قاده في النهاية الى حتفه.
لم اكن اعرف كامل شياع من قبل، لكني ومثل العديد من ضيوف المهرجان الاخرين العرب والعراقيين، فتنت سريعا بالرجل، الذي كان قادما للتو من العراق ولايام قليلة فقط. لم يمانع الرجل اسئلتنا الكثيرة حول العراق، الذي كان مازال غارقا في عنف عام 2006 غير المسبوق، كان يجيب ويفصل، ويوجه الاتهام الى ما يعتقد انهم يقفون خلف العنف والقتل. لكنة كان يتململ من نصائح البعض له في البقاء في اوربا وعدم الرجوع هناك. لم يكن يرغب في الحديث عما يراه خيار لا رجعة فيه للعودة الى البلد الذي تركه لاكثر من عقدين وعاد اليه بعد نهاية نظام صدام حسين السابق. بدا امر البقاء محسوما تماما. الآن يتاكد رمزية ماوصفه بعودته الابدية الى البلد..
في تلك الليالي الخمسة المقمرة على شاطي بحر quot;سيسلياquot;، تحدث كامل شياع كثيرا، عن الثقافة العراقية، عن فنانين ومثقفين عراقيين يهربون من البلد، واخرين يولدون في دورة حياة غريبة، الحماس الذي كان يتحدث به كامل شياع عن الفناين والشعراء الجدد، كان يمنح الكثير من الامل، لنا نحن، البعيدين كثيرا، والذين لا نجروء على التقرب من الجراح المفتوحة المخيفة.بدت انشغالات كامل شياع ثقافية بالكامل وتستنكف السياسية، هو تحدث في الندوة الايطالية مثلا، عن دور المثقف العراقي الآن، واستحالة قيام عراق quot;طبيعيquot; من دونه.
في تلك الليالي، تحدث كامل شياع عن بعض من انشغالاته القديمة، عن الموسيقى، والاوبرا، التي يعرف عنها الكثير، عن ريتشاد سترواس، فاكنغر، بوتشيني. واخريين، عن حياته في بليجكا وايطاليا، واوربا، وعن ترجماته وكتبه.
اعجابه باوبرا quot;Dialogues of the Carmelitesquot; للموسيقار الفرنسي quot;Francis Poulencquot;، شجعتني على اقتنائها، وهي التي تعزف في الخلفية الآن.الاوبرا في البدايات الآن، و لم تقطع الثورة الفرنسية رؤوس الراهبات بعد.
كامل شياع، هل يستحق القادم كل هذه الخسارات حقا؟
محمد موسى
التعليقات