كثر الحديث مؤخرا من أطراف كويتية داخلية منهم النائب ناصر الدويلة و من مصادر أخرى إعلامية أو سياسية أو إستخبارية عن تعاظم الدور الإستخباري الإيراني في الكويت و دول المنطقة الخليجية بما فيها تدفق عناصر الحرس الثوري تحت أغطية العمالة أو العمل الدبلوماسي أو رجال الأعمال وهي أمور معروفة في العمل الإستخباري، وقد يكون العدد الذي ذكره السيد الدويلة مبالغا به ( خمسين ألف عنصر حرسي )!!، و لكن في المحصلة العامة فإن هنالك بدون شك وجود عددي إيراني فاعل لدعم خلايا حزبية و طائفية نائمة في الكويت ودول الخليج و بالتعاون مع عملاء النظام الإيراني في العالم العربي و هم لهم من الفاعلية و الإنتشار و الدعم التمويلي ما يجعل كل المخاوف المعلنة حقيقية و ليست مجرد أوهام، فأسلوب النظام الإيراني بإعتباره نظام شمولي و قمعي و دكتاتوري يحكم وفق عقلية ثيوقراطية دينية مستبدة مشابه تماما لأسلوب النظام العراقي البائد في التركيز على بناء الخلايا المخابراتية و في حشد الأنصار و بناء المواقع الخلفية و محاولة شراء مراكز القرار أو التسلل للأحزاب و الجماعات الوطنية في البلدان المستهدفة و حيث تلعب السفارات و المراكز الثقافية و الدينية و العلمية أدوار تغطية غاية في الأهمية لنشر العناصر و تجنيد الأنصار و المحازبين و خلق بؤر دعم متنقلة و نشيطة تعدها لليوم المنتظر، و لدولة الكويت بالذات تجربة غنية في هذا الإطار فقد كانت إستخبارات النظام العراقي البائد خلال مرحلة الثمانينيات و حتى يوم الغزو في 2 /8/1990 منتشرة في الكويت بكثافة عددية و نوعية قل نظيرها، و كانت عناصر تلك المخابرات متغلغلة في العديد من المواقع الحساسة إعلامية كانت أم أمنية و كنت شاهدا على تلك المرحلة عايشتها على الطبيعة بل و عانيت على المستوى الشخصي من آثارها و كانت السفارة العراقية بمثابة ( مندوبية سامية )! كما كانت ( عين المقر ) منها تنطلق فرق الإرهاب و الخطف و الإغتيال، و عن طريقها يتم تهريب الأسلحة و ( الويسكي )!! و بقية المغريات المعروفة! التي بواسطتها يتم تجنيد العناصر و الأزلام و إختراق مؤسسات الدولة لذلك فعندما وقع الغزو فوجيء أهل الكويت بعناصر لم تكن في الحسبان و لا في العير و النفير فإذا بها عناصر إستخبارية مهمة!! و كانت تجربة مرة و عنيفة أزاحت الكثير من غبار الوهم و الخديعة و لكن بثمن غالي للغاية ترك أثارخ المدمرة على نفسية الشعوب، كما كانت لمخابرات النظام الإيراني و أزلامه وجود مضاد أيضا و مدعوم بحكم طبائع الأمور و حالات التنافس و إدارة الصراع الإقليمي الساخن، و الجميع يتذكر أن الكويت بالذات كانت مركزا مفضلا للعديد من محاولات التخريب و الإغتيال و التسلل بما فيها عمليات التفجير الكبرى التي حدثت في 12/12/ 1983 لمنشآت كويتية و للسفارتين الأمريكية و الفرنسية و بشكل متزامن و قريب للتفجيرات التي حدثت في بيروت وقتها ضد المصالح الأمريكية و الفرنسية و التي وقفت خلفها الطلائع الأولى لتنظيم ( حزب الله ) اللبناني و الذي كان وقتها جنينا يحبو بعد أن سحب الإيرانيون البساط من تحت ( حركة أمل ) و أنشاوا مشروعهم الخاص و المرتبط بهم إرتباطا عقائديا مخلصا لا يخضع لأية متغيرات و هو تنظيم ( حزب الله ) الذي إستطاع عبر السخاء الإيراني أن يقيم دولته داخل الدولة اللبنانية، و لذلك حديث آخر و مختلف؟، كما شهدت الكويت أول و أخطر محاولة إغتيال لأميرها وهي التي حدثت في 25/5/ 1985 ضد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد و التي وقف خلفها عملاء إيران في المعارضة العراقية الدينية وقتئذ!!، لذلك فحينما ترتفع أصوات كويتية اليوم بالتحذير من مخاطر محتملة للحرس الثوري فيدعمها في ذلك التاريخ الطويل الموثق و المؤرشف لممارسات الحرس الثوري و مؤسساته الإرهابية.

و ليس سرا أن للكويت و للدول الخليجية أهمية مركزية في التفكير الستراتيجي للمؤسسة الحاكمة في إيران التي تنظر لتلك الدول نظرة إستصغار و تعتبرها ضمن إطار المجال الحيوي للأمن القومي الإيراني و على هذا الأساس فإن المؤسسات الأمنية الإيرانية قد بذلت جهودا حثيثة لتجنيد العناصر المحلية في دول الخليج من خلال الحوزة الإيرانية في قم أو من خلال السفارات و البعثات الدبلوماسية و الثقافية والدينية و نظام الخلايا السرية النائمة هي الخيار المفضل للأجهزة السرية الإيرانية وهي خلايا موجودة و فاعلة عبرت عن وجودها في أكثر من مناسبة و موقف، و تنظيمات ( حزب الله ) في الكويت و الخليج العربي هو واحد من أهم محاور العمل الإستخباري الإيراني و يرتبط بتنظيم المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية و بالفرع البحريني للتنظيم و عبر إتصالات منظمة تتم من ( دبي ) مع التركيز على أن لا يتم أي إتصال بين أعضاء التنظيم من خلال أجهزة الإتصال التي يمكن مراقبتها كالموبايل أو التلفون أو الفاكس أو البريد بل تتم جميع الإتصالات عن طريق الإتصال الشخصي، و مسؤول الإتصالات هو المهندس ( أبو. ب )!، و في الحالة الكويتية فإن المسؤول عن الكويت هو رجل أعمال يدعى ( أبو. م) !، و مساعده الأول ( أبو. ح )!، أما المسؤول السياسي فهو ( أبو. م ) و المسؤول العسكري ( أبو. ج )! و المسؤول الأمني أبو. ب!! أما المسؤول الثقافي فهو الدكتور أبو. ه!! و لربما يسخر البعض من تلك التسميات و يعتبرها فبركة و تلفيق تهدف الإساءة للنظام الإيراني و لكن ما حصل و يحصل في العراق المجاور يعطي الدليل الأنصع على برنامج عمل أجهزة الحرس الثوري الأمنية..و الآيديولوجية.. أما سرية المصدر المعلوماتي فهي من إختصاصنا وحدنا فقط لا غير..!.

الخليج يعيش على فوهة بركان وحجم التغلغل و الثقوب الأمنية هو أوسع بكثير مما يعتقده البعض و لكن إن حسنت النوايا فمن السهولة إستئصال ذلك الخطر و تجارب التاريخ القريبة هي الدليل.

فهنالك تحت الرماد فعلا وميض نار... و لكن المخلصين سيطفئون نيران الحقد و الدجل بكل تأكيد.

داود البصري

[email protected]