-1-

لا عام يمرّ بلا سلاح يُشترى.. لا عام يمرّ بلا تدريبات ومناورات وتعزيزات وقواعد جديدة تفتح.. للأمريكان والإنجليز.. لا عام يمرّ بلا عروض عسكرية ومعاهدات عسكرية وتبادل خبرات وإستخبارات ووو..!
لا عام يمر بلا مليارات تُصرف على الأمن والدفاع..!
ولا ندري دفاع ضد منْ؟
وهجوم على منْ؟
وتدريبات لمنْ؟
الإتحاد السوفيتي والشيوعية ما عادت تشكل خطرا على بيضة الإسلام في هذه الأرض ( المباركة )..!
إسرائيل ما عادت تمثل خطرا على احد لأن من لدينا اضحوا اشد يهودية من اليهود، وأشد صهيونية من الصهاينة ولله الحمد..!
يقولون.. السلاح يصنع الحروب.. السلاح يخلق إرادة إستعماله... إلا السلاح العربي.. لا يشترى إلا ل(يفكّ) ضائقة المنتج الأمريكي والفرنسي والإنجليزي وربما الروسي والصيني....!
إلا السلاح العربي... حسب..!


-2-

حتى ما قبل غزوة حماس على الشرعية الفلسطينية والإعتدال الفلسطيني والعربي.. حتى ما بعد تلك كنت مع السلام العادل الدائم..!
لكن الفضاعات التي ارتكبها الإسرائيليون.. الفضاعات التي تكررت هنا وهناك وعبر السنين الطوال العجاف من تاريخ هذه الأمة المحبطة المنكوبة بزعماء لا يتغيرون ولا يتزحزحون ولا يُغيرون ما في نفوسهم ومجتمعاتهم..!
الفضاعات التي لا يكف الإسرائيليون عن تكرارها ولا نكف نحن عن التخاذل وترداد ذات المسلمات السخيفة الواهية الجبانة لتبرير صمتنا..!
الفضاعات تلك جعلتني اكفر بالديموقراطية والسلام والعدل..!
مجازر قانا لم تحركنا، مجازر القاعدة والأمريكان في العراق لم تحركنا، مجزرة غزّة الآن لم تحركنا، فما الذي يحركنا يا ترى..؟
ما الذي يهزهزكم ولو قليلا ايها الحكام المنتجبون ( قدست اسراركم الشريفة )؟
حتى في اورشليم القدس ذاتها...!
حتى في تل ابيب ايها العرب الطيبون، خرج من ينكر على جيشه جرائم القتل.. حتى في قلب امريكا ذاتها وهي الأم والربيبة والحاضنة لإسرائيل.. خرج الآلاف يهتفون ضد آلة القتل الإسرائيلية، إلا في بعض بلدان العروبة..!
وإن خرجوا تلقفتهم جندرمة الحاكم بأمره القابع على العرش منذ عشرات السنين والمصرّ على توريث ابناءه من بعده لعشرات أخرى من السنين..!
إلا في بلدان العروبة العاقر بأمر الحاكم ووعاظه وحاشيته وجنرالاته..!

-3-

على الدوام.. على الدوام.. يمتلك الأميركان قياد انظمتنا السياسية والثقافية المتخشبة المريضة من خلال بعبع ما.. بعبع معين ( من قبلهم ).. مُحدد من قبلهم.. موظفّ من قبلهم في الغالب..!
يربونه في الظل.. في ظروف تفريخ مناسبة من حرارة ورطوبة ثم يطلقونه علينا.. اعني على حكامنا وحاخاماتنا الكرام..!
الشيوعية.. صدام حسين.. القومية العربية.. الإتحاد السوفيتي... الإرهاب الإسلامي... إسرائيل التي لا تقهر.. وأخيرا وليس آخرا.. إيران..!


على الدوام.. على الدوام.. يعيش الحاكم العربي وحاشيته المباركة في ظل شبح ما مُرعب مُتربصٌ به..!
شبحٌ ما كان يمكن لو إن الحاكم كان بلا ( بطحة ) على رأسه... كان يمكن أن يفجر فقاعة الوهم تلك وينتصر بقوة شعبه وإقتصاده وإرادة مواطنيه ( لا رعاياه كما هو حال مواطني بلداننا البائسة ).
آخرها الشبح الإيراني.. التشيع.. الصفوية.. وصراع الفرس والعرب الذي لم تطوى صفحاته منذ الف عام..!
( بطحة الحاكم ).. بلاءه في هذا الموروث الثقافي البائس.. هذا الجهل الذي تعهد هو ووعاظه على تربيته لغرض الإنتفاع به في ديمومة الحكم، فإذ به يغدو غولا يمسك بتلابيب الراعي والرعية بذات الآن..!
الراعي والرعية بذات الآن..!

-4-

هل إن حماس والجهاد والإخوان المسلمين واحزاب الأخوة الشيعة في لبنان وإيران والعراق وووو كلها على خطأ وحكامنا ووعاظنا على صواب؟
هل حشود الناس التي تتوجه صوب الدين والإسلام السياسي، كلها على خطأ والنظام العربي الذي لا لون له ولا طعم ولا رائحة ( إلا رائحة القِدمْ ) على صواب؟
هذا السؤال يوجه صوب الحاكم العربي.. الحاكم المالك لبيت المال.. لدار الإفتاء.. لوزارات التربية والتعليم ومناهج التربية والتعليم...!
هذا السؤال مسؤول عن الإجابة عليه النظام السياسي والإقتصادي والثقافي المُدار والموجه من قبل الحاكم والزمرة القليلة من المحيطين به من حاشية ووعاظ وأتباع..!
الناس محبطة.. جائعة.. فقيرة ثقافيا.. فقيرة قيميا...كسيرة القلب والروح..!
الكرامة مشروخة لدى المواطن العربي.. الهزائم والصمت على الهزائم وتكرارها اصاب كل فرد بشروخ في صورته بعين نفسه..إذ هي مشروخة اصلا بعين حاكمه الذي يستهزيء به ليل نهار من خلال التواطيء مع الغرباء عليه ونهب ثرواته وسرقة خيراته وإغراقه بالفقر والجوع والهزيمة والذل..!
بعيون العالم كله..!
الناس موجوعة.. موجوعة للغاية ومحبطة ويائسة وحزينة وغاضبة كل الغضب من حكامها ونظامها السياسي والثقافي..!
ولهذا تلوك هي المرارة دهرا.. ثم تقلب وجهها صوب اي بصيص يأتي ولو من إيران..!
المؤسسات الحاكمة وللأسف لم تنتج حلولا في الداخل ولم تحسم همّا إستراتيجيا وجدانيا وإنسانيا و.. وجوديا.. كالهمّ الفلسطيني..!
فهل يحق لنا لوم الناس إذا كفروا بالسلام الزائف الموهوم وامتشقوا السلاح.. ماديا كان أم آيديولوجيا..؟
ايها الحاكم.. ايها الواعظ.. اعط الناس بديلا يعيد لهم إنسانيتهم.. ارضهم.. عِرضهم.. كرامتهم ويوفر عليهم دماءهم ويوفر لعيالهم الرغيف والدثار.. أو إتركهم ينتحرون بسرعة (هم وعيالهم ) بدل هذا الإنتحار البطيء المُهين غاية الإهانة..!

كامل السعدون