بين يوم الاعلان عن فوز باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية الاميركية وبين يوم تنصيبه، تغير الموقف الايراني من تصريحات اوباما.

فالقادة الايرانيون أعربوا عن ارتياحهم الشديد لفوز المرشح الديمقراطي ووضع حد لسيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض في السنوات الثمان الماضية، ومثلت رسالة التهنئة التي بعثها الرئيس الايراني احمدي نجاد الى الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما خطوة نادرة في تاريخ الجمهورية الاسلامية تدل على مدى الاهتمام الذي اولته طهران لانتهاء سيطرة الجمهوريين الذين اخفقوا في ثني ايران عن مواصلة مشروعها النووي.

وسرعان ما انتبه الايرانيون الى أهمية الحذر في تفاؤلهم وتوقعاتهم من الرئيس الجديد، فهو وان أبدى استعداده في بادئ الأمر لتوظيف جميع السبل الدبلوماسية والتفاوض المباشر مع الايرانيين من أجل اقنا عهم بوقف مشروعهم النووي مقابل دور بناء تقدره الولايات المتحدة لايران في المنطقة، الا ان هذه النبرة في التعامل مع الشأن الايراني سرعان ما تلاشت حينما قال اوباما فى برنامج تلفزيوني لشبكة أن بي سي انه مستعد لتقديم حوافز اقتصادية لايران لوقف برنامجها النووي، ولكنه حذر من جعل العقوبات أكثر صرامة اذا رفضت طهران.

وردت طهران أن سياسة الجزرة والعصا مرفوضة و ليس لها اي تأثير وان ايران لن توقف عمليات تخصيب اليورانيوم ومشروعها النووي الذي يشكك الغرب في انه يستهدف انتاج اسلحة نووية.

وحسب خبراء في الشأن الايراني فان المنحى الجديد الذي تنوي ادارة اوباما اعتماده في التعامل مع طهران سوف تتضح نتائجه بعد الانتخابات الرئاسية في شهر يونيو المقبل، ويستشهد هؤلاء الخبراء بالتنسيق الايراني الاميركي في الشأن الافغاني في فترة حكم الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي، ومن المتوقع ان تخف حدة التوتر في حال فوز المرشح الاصلاحي لرئاسة الجمهورية الايرانية، ولكن التفاؤل في شروع مرحلة جديدة في العلاقات لاينحصر بفوز مرشح اصلاحي حسب بعض المحللين الذين يعتقدون أن سياسة الحوار والتفاوض مع الأميركان بلغت أعلى مستوياتها في عهد الرئيس الحالي الدكتور احمدي نجاد بدءا من رسالته الى الرئيس السابق جورج دبليو بوش ومرورا بانعقاد مفاوضات ثنائية بين البلدين في بغداد تناولت الشأن العراقي.

ان رفض طهران لتوقيف نشاطها النووي مقابل دور اقليمي في المنطقة قد لايكون قرارا نهائيا حسب بعض المصادر السياسية، فالعقوبات الاقتصادية والتجارية قد تجمح الطموح الايراني في شتى مجالات التطور، والتكنولوجي في مقدمتها، ولعل في هذه النقطة تراهن استراتيجية الرئيس اوباما وتتلخص رسالته التي يسعى الى ايصالها الى زعماء ايرانيين من خارج التيار المتشدد:quot;تعليق تخصيب اليورانيوم مقابل رفع الحصار وانهاء العقوبات الاقتصادية quot;.

مع ذلك يوصي مركز سابان لسياسة الشرق الاوسط في مشروع بحثي ضم حوالي 15 باحثا يوصي الرئيس اوباما بعدم المراهنة على الخلاف بين القادة السياسيين الايرانيين وان يأخذ بالحسبان مركزية القرار السياسي في ايران، وأن يرجح سياسة الحوار على خيارات الهجوم العسكري او الأطاحة بالحكم وعزل ايران، كما يوصي هذا المركز بالتفاوض بخصوص إعادة العلاقات بين البلدين والمشروع النووي الايراني والأمن والاستقرار في الخليج الفارسي والعراق دون ربط محور بآخر، إ اضافة الى رفع حظر اللقاءات بين المسؤولين الايرانيين والاميركيين والتعرف عن قرب على التحولات السياسية في ايران والبحث عن وسطاء مناسبين بين الادارة الاميركية والمسؤولين الايرانيين.
الحوار الاميركي الايراني قد جاء بمبادرة اميركية وفي خطاب سياسي مغاير، وهو ما أثار رد فعل سياسي رافض من قبل الكيان الصهيوني حيث وصفت وزيرة الخارجية quot;ليفنيquot; رغبة أوباما في الحوار مع إيران بأنها علامة على ضعف موقف الولايات المتحدة تجاه قضية إيران في الادارة المقبلة، فهل سيفوت القادة الايرانيون الفرصة على الاطراف الدولية التي تسعى لعرقلة التقارب الايراني الاميركي، أم أن وقت التسويات التي تساعد على استباب الأمن والاستقرار في المنطقة لم يحن بعد؟

خسرو علي أكبر