نأتي الآن إلى الفاعل الثانوي في المجتمعات العربية، وهو ما يطلق عليه عموما بالإسلام السياسي، هذا الإسلام السياسي ليس مجاله الآن الحديث كيف تحول إلى فاعل ثانوي في

الدولة قوننة الحرية، إشكالية الفكر العربي 1-2

مجتمعاتنا المنكوبة، بسلطات مشخصنة، كما أننا لا نريد الدخول الآن في دور الغرب في هذا المجال، إذن نستطيع القولquot; ببساطة، أن الفاعل التاريخي هنا ليس وليد ثقافة ماضوية، وإنما وليد ثقافة راهنة، وإن أخذت أشكالا ماضوية، لأن هذه الثقافة التي تبدو ماضوية هي راهنة وراهنة جدا في تعبيرها، عن مصالح حقيقية، لقوى اقتصادية وسياسية ومجتمعية، قائمة على الأرض، لهذا لن يجد علمانيوا اللحظة- الموديل، من كل ما يقولونه سوى الهباء، لأن الأمر ليس كما يبدو لهم، بأنهم يتصدون للثقافات الماضوية، كان يجب عليهم ان يبحوثوا كيف يعاد إنتاج هذه الثقافات الماضوية ولمصلحة من وتشابك هذا الأمر، مع دور الفاعل التاريخي- السياسي، في هذا الأمر.


الإسلام السياسي، قد حقق نقلة، بمعرفة الفاعل التاريخي وأحيانا إشرافه، وخبرته المزمنة في المنع والسماح، داخل الحقل السياسي، هذا من جهة ومن جهة أخرى لابد لنا من القول أن مجتمعاتنا لم يعد هنالك دور مهم فيها للإسلام التقليدي الشعبي، في إعادة إنتاج ثقافته الماضوية، هذا تنحى أو يتحنى، حسب كل مجتمع لصالح الإسلام المتعلم، أو العالم على حد تعبير المفكر محمد أركون، هذا الإسلام العالم بات يشكل الآن ما يشبه ضمير الطبقات مادون الوسطى، وحتى الفقراء، الذين باتوا يشكلون دوائر يحتمون فيها جراء كل هذا العسف الذي يمارس بحقهم من قبل السلطات، وجراء الفقر الذين يعرفون أسبابه العميقة،ودون أن يستطعوا، الاعتراض، فيتحول الإسلام الراهن، إلى دريئة واعتراض أحيانا، وتحليلنا هذا لا علاقة له بتحليل الظاهرة الإرهابية فيما يسمى الإسلام السياسي. وبالطبع اتساع رقعة التعليم هي التي أدت إلى نشوء هذا الإسلام العالم ليحل مكان الإسلام الشعبي، لهذا نستطيع القول الآن ببساطة أن هذا الإسلام السياسي الآن فاعل تاريخي، لأته خريج المؤسسات التعليمة للسلطات المشخصنة التي تحدثنا عنها، وبهذا ولهذا هو يتقاسم مع السلطة حقل الفضاء العام للمجتمع: ويتقاسمه في رفضه إشكالية الحرية، والدولة، فالأولى معروفة لماذا أما الدولة فلامكان عنده للدولة، لا بما تعلمه من مؤسسات السلطة، ولا في الثقافة الماضوية المعاد إنتاجها تعترف بغير دوبلة الخلافة...لهذا النسخة الإسلامية السائدة الآن في العالم العربي والتي تؤقلم الفعل التاريخي مع السلطات المشخصنة، هي نسخة معادية للحرية، بوصف غيابها يشكل أس المشكلات، على المستويين الفردي والعام، في العالم العربي، وهذا هو سر الارتباط الوثيق الضمني والمصرح عنه بين السلطات مشخصنة، وبين غالبية تيارات الإسلام السياسي، مجسدا، سواء في دور الفتوى، اوأئمة المساجد والجوامع أو بالقادة التاريخيين لحركة الإخوان المسلمين وتنظيمها العالمي، والاستثناءت هنا هي لتأكيد القاعدة، رغم اننا مقتنعين ان هنالك تيارات حقيقية داخل هذه التنظيمات الإسلامية، مقتنعة، بالديمقراطية وتداول السلطة، ولكنها أبدا لا تتعاطى معها انطلاقا من إشكالية الحرية، بل لأسباب عملية ولخدمة الدعوة وليس لخدمة الإنسان. أما عن التقاطع الذي نلحظه عند الفاعل الإسلامي السياسي، مع قضية الحريات العامة، لازال ليس أصيلا، لسببينquot; الأول لأنه يرفض التقاطع بين الحريات الفردية، والحريات العامة، على سبيل المثالquot; حرية المعتقد، وكيف يتم التعامل معها من قبلهم، والسبب الثاني، أنهم في أول زلة سياسية سرعان ما يطفو على السطح خطابهم الشمولي، تحت مسميات كثيرة.
*****
واستكمالا للحديث لا بد لنا من طرح رؤية النخب القومية لإشكالية الحرية، هي ببساطة مرتبطة بتحرر الأمة العربية من الإمبريالية والصهيونية وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وهذه تجعل قضية السلطة في الدول العربية القائمة قضية لا تعنيهم كثيرا، ولهذا يغيب عندهم مفهوم الشعب- الأمة ndash; الدولة، بوصفها قطرية، ومن باب أولى أن تغيب هذه السلطة المشخصنة الفاسدة القطرية أيضا. لنلاحظ مثالا عندما يتحدثون عن القمع، يضعون كل السلطات القطرية في نفس المستوى والدرجة، لأن السبب في المرض هو القطرية ذاتها وليست السلطة القطرية الفاسدة، ولا يعنيهم التمايز النسبي بين السلطات القائمة إلا تحت طاولة الخطاب السياسي اليعربي المعمم.
*****
النقطة الأخيرة انتشار المنظمات الحقوقية، على رغم أهميته، إلا انه يتمم بعمله ما تقوم به العلمانوية على المستوى النظري، لأنها تهتم بالحريات الفردية ومايلامسها.
ربما نعود لتفصيل هذه النقطة، لاحقا.
bull;نحن هنا نستخدم مصطلح الفاسدة كتعبير سياسي وليس أخلاقيا.