يعيش العراقيون الفرس او العراقيون من ذوي الأصول الفارسية في العراق منذ مئات السنين، أقاموا في المدن العراقية و ساهموا في شتى مجالات الحياة قي بلدهم العراق وقدموا اسماء ثقافية وفنية وشخصيات سياسية معروفة بوطنيتها وانتمائها للعراق، هذه القومية تم استهدافها من قبل النظام الديكتاتوري البائد في بدايات ثمانينات القرن الماضي، الى جانب الكورد الفيلية وعوائل عربية معدودة، تم تهجيرها من وطنها بعد مصادرة جميع ممتلكاتها واعتقال ابنائها واعدامهم لاحقا.


يدرك العراقيون الفرس أنهم يتعرضون الى جريمة الغاء وتهميش مقصودة وان المحكمة الجنائية العراقية العليا تساهم في هذه الجريمة وتمارس عن قصد الغاء قومية من قوميات المجتمع العراقي وأنها قد تخلت عن نزاهتها في انصاف ضحايا النظام الديكتاتوري السابق.


انهال كارثة كبرى ان تكون المحكمة الجنائية العراقية العليا جاهلة بالتاريخ السياسي لبلادها وأبمكونات المجتمع الذي تنتمي اليه،فالار شيف الرسمي للدولة العراقية الحديثة يؤكد وجود هذه القومية في العراق،والواقع العراقي يبرهن عليها، واذا كانت المحكمة الجنائية العراقية العليا مقطوعة الصلة بالواقع العراقي وتجهل القوميات التي تكون المجتمع العراقي فقد كان بامكانها الرجوع الى وثائق المنظمات الدولية والانسانية التي أجمعت على أن القوميتين الرئيسيتن المستهدفتين بالتهجير هما العراقيون الفرس والكورد الفيلية، هذا الانحياز السياسي للمحكمة سوف يجعل منها شريكة اساسية في جريمة الابادة التي تعرضت ها لها القومية الفارسية في العراق وليس مستبعدا ان يشهد العراق محاكمة عادلة لجميع من ساهم في تغييب القومية الفارسية في العراق لاعتبارات سياسية بحت.

الجريمة في سطور
بين عامي 1980- 1982 قامت السلطات العراقية بتهجير حوالي 300 ألف مواطن عراقي فارسي وحوالي 200 ألف كردي فيلي وعوائل عربية معدودة الى ايران بعد أن صادرت جميع ممتلكاتهم واعتقال ابنائهم واعدامهم لاحقا، وقد صدرت قرارات رسمية من قبل مجلس قيادة الثورة وبتوقيع الديكتاتور صدام حسين توثق هذه الجريمة البشعة التي طالت مواطنين ابرياء لأسباب عرقية وطائفية.
تعتبر جريمة التهجير الخطوة التمهيدية للحرب التي شنها النظام الديكتاتوري ضد ايران في عام 1980.


ومن الجوانب المؤلمة في قضية التهجير نذكر اعتقال ابناء المهجرين واعتبارهم اسرى حرب رغم ان عددا كبيرا منهم اعتقلوا في معسكرات الجيش العراقي أثناء تأديتهم الخدمة العسكرية، واستطاع عدد منهم مراسلة ذويهم المهجرين عبر الصليب الأحمر الدولي لفترة محدودة، الى ان انقطعت اخبارهم عام 1987، وبقي مصيرهم مجهولا الى ان تم الكشف عن جثثهم ضمن المقابر الجماعية.
يقدر عدد هؤلاء الشهداء حسب جمعيات متخصصة في متابعة قضاياهم ب 40 الف مواطن عراقي.


مازال ضحايا جريمة التهجير يعانون من ظروف معيشية في غاية التعاسة، وهم يحلمون بالعودة الى وطنهم العراق، ويرون ان الحكومة العراقية لم تخطو خطوات جادة وحقيقية في انهاء مأساتهم كما أنها لم تستجب لمطاليبهم في العودة الى الوطن واعادة ممتلكاتهم التي صادرها منهم النظام السابق وتعويضهم ماديا ومعنويا.


واذا كانت الحكومة العراقية السابقة قد قامت بتهجيرهم بسبب أصولهم الايرانية، فان هؤلاء الضحايا لم يحصلوا على الجنسية الايرانية رغم تواجدهم في ايران منذ بداية الثمانينات .وقد نشطت شخصيات وجمعيات حقوقية عراقية في المهجر للتعريف بالمأساة التي لحقت بالمهجرين ومما له دلالة بالغة ان جميع هذه الشخصيات والجمعيات لم تحصر في رسائلها وبياناتها وانشطتها هوية الضحايا بقومية معينة، وكانت تسمي ضحايا التهجير بالمهجرين وأحيانا المسفرين.


بعد سقوط نظام الطاغية صدام، تضاعق عدد الاحزاب والتنظيمات والجمعيات الكردفيلية، وواظبت على حصر ضحايا جريمة التهجير بالكورد الفيلية، وقد استعانت بدعم احزاب كبرى في اقليم كردستان، واستغلت أجواء الكراهية والعداء التي انتشرت في العراق لكل ما هو فارسي باعتباره عميلا لايران، أو طابورا خامسا لايران كما شاع في الخطاب البعثي القومجي، وقد ساهمت اقلام ومنابر اعلامية في هذا المجال، وبذلك لم يستطع العراقيون الفرس الاعلان عن وجودهم وانتمائهم، خصوصا وان أغلبية ساحقة منهم تعيش في ظروف صعبة في ايران ولاتستطيع السفر بسهولة الى العراق للتعريف بقضيتهم على خلاف الكورد الفيلية الذين حصلوا على دعم مباشر من قبل حكومة كردستان.


وقد أوردت صحف عراقية صادرة في الشهر الحالي quot; ان رئيس حكومة اقليم كردستان مصاريف نقلهم من بلدان إقامتهم الى كردستان ومنه الى بغداد حيث مقر المحكمة الجنائية العليا الخاصة بمحاكمة النظام السابق وثم إعادتهم الى بلدانهم quot;
وأثارت احتجاج الكورد الفيلية على مقترح اضافة القومية الفارسية الى القوميات المكونة للمجتمع العراقي، استياء العراقيين الفرس، فقد رأت جمعية الدفاع عن العراقيين من ذوي الأصول الفارسية ان الحزاب الكردفيلية كانت على دراية تامة انها غير مقصودة على الاطلاق بالمقترح المذكور لا من قريب ولا من بعيد وأنها استغلت تشتت العراقيين الفرس في المهجر الايراني وافتقادهم لجمعيات فاعلة، وتمثيل برلماني ،وبذلك تكون الاحزاب والتنظيمات الكرد فيلية قد مارست عملية خداع وتضليل صورت من خلالهما ان الكورد الفيلية هم المقصودين بالقومية الفارسية في العراق.

ولاشك في ان تغييب العراقيين من ذوي الأصول الفارسية من قائمة ضحايا التهجير يعتبر جريمة متممة للجريمة التي ارتكبها النظام الدكتاتوري السابق.


يطالب العراقيون من ذوي الأصول الفارسية المحكمة الجنائية العليا أن تتوخى الدقة في تحديد هوية ضحايا جريمة التهجيير البشعة، وأن تكون بمنأى عن مساعي بعض الأطراف السياسية التي تسعى لتجيير هذه الجريمة وفق أجندتها السياسية البحت، ونقترح على المحكمة الجنائية العراقية العليا مراجعة جميع وثائق الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية ومنظمة الصليب الأحمر فيما يتعلق بجريمة التهجير، فلم تحدد اية جهة قانونية من هذه المنظمات ضحايا التهجير بقومية واحدة وانما ذكرت العراقيين من ذوي الأصول الفارسية الى جانب الكورد الفيلية.


ان التصريحات الواردة في وسائل الاعلام العراقية المنسوبة لرئيس المحكمة الجنائية العراقية العليا القاضي عارف شاهين
والتي يحدد فيها ضحايا جريمة التهجير بشريحة واحدة من أبناء الشعب العراقي إنما تدل على جهل رئيس المحكمة ببديهيات العمل القضائي الذي يتطلب تحديد هوية الضحايا فيما له علاقة بجريمة بشعة راح ضحيتها أكثر من نصف مليون مواطن عراقي، علما أن مجرد تصفح سريع لملفات العوائل المهجرة (المسفرين) سوف تؤكد حجم الجريمة التي تعرض لها العراقيون الفرس، فاسماء العوائل الواردة هي أسماء فارسية واضحة، والاحصاء السكاني لعام 1947 والمثبت أدناه، هو دليل ساطع على وجود القومية الفارسية في العراق، ونتمنى على المحكمة الجنائية العراقية العليا أن تبذل جهدا بسيطا.


يؤكد لها وجود آلاف الوثائق الرسمية التي تبرهن على وجود القومية الفارسية في العراق ودورها الفاعل والمؤثر في الواقع العراقي.

إن درج اسم العراقيين من ذوي الأصول الفارسية الى جانب اخوانهم الكورد الفيلية فيما يرتبط بمحاكمة منفذي جريمة التهجير، هو ضرورة قانونية واخلاقية ووطنية، والحريصون على التنوع الثري للفسيفساء العراقية والتعايش السلمي النموذجي بين ابناء العراق سوف يواصلون مشوارهم في الدفاع عن قومية تفتخر بانتمائها وولائها للعراق ولن يتوانوا عن فضح كل من يسعى الى شطب قومية او أقلية عراقية من التنوع القومي الخلاق في بلاد الرافدين.
كاتب المقال رئيس جمعية الدفاع عن العراقيين من ذوي الأصول الفارسية.

محمد الأمين

[email protected]

هامش
الإحصاء السكاني للعراق الذي أجري في سنة 1947 ndash;والذي يبرهن على ان العراقيين الفرس كانوا من ضمن القوميات المكونة للمجتمع العراقي :
الطائفة سكان المدن سكان المدن (%) ريفيون ريفيون (%) المجموع المجموع من سكان العراق (%)
المسلمين
عرب شيعة
673،000 41.9 1،671،000 56.5 2،344،000 51.4
عرب سنة
428،000 26.7 472،000 16.0 900،000 19.7
أكراد سنة
176،000 10.9 662،000 22.4 840،000 18.4
فرس شيعة
49،000 3.1 3،000 0.1 52،000 1.2
تركمان سنة
39،000 2.5 11،000 0.3 50،000 1.1
تركمان شيعة
11،000 0.7 31،000 1.1 42،000 0.9
أكراد فيلية (شيعة)
14،000 0.9 16،000 0.5 30،000 0.6

غير المسلمين
مسيحيون
94،000 5.9 55،000 1.8 149،000 3.1
يهود
113،000 7.0 4،000 0.2 117،000 2.6
يزيديون و شبك*
2،000 0.1 31،000 1.0 33،000 0.8
صابئة
5،000 0.3 2،000 0.1 7،000 0.2
المجموع 1،604،000 100.0 2،960،000 100.0 4،564،000 100.0