صدقَ قائد القوات البرية الاسرائيلية الجنرال اري مزراحي، حين قال: quot;فلينظر أردوغان إلى نفسه في المرآة جيداً، ولينظف أمام باب بيته أولاًquot;. وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد نقلت عن مزارحي قوله: quot;ان تركيا ليست في وضع يسمح لها بانتقاد الاحتلال الاسرائيلي لارض فلسطينية في حين تحتفظ بجنود شمال قبرص، كما اتهم تركيا باضطهاد الاقلية الكردية، وبإبادة الارمن خلال الحرب العالمية الاولىquot;(الحياة، 15.02.09).

ما قاله الجنرال الإسرائيلي لأردوغان، هو حقيقة تركيا العثمانية، التي ارتكبت quot;المحرقة الأرمنيةquot;، في الحرب العالمية الأولى سنة 1915، وأبادت في هذا الهولوكست وكذا في الحرب العثمانية الروسية، سنتي 1877 و1878، ما يقارب مليون ونصف أرمني، يرفض أردوغان حتى الساعة الإعتراف بهذا quot;القتل الأرمني الحلالquot;، مكذّباً التاريخ والجغرافيا، وما بينهما من حقائق مؤكدة، تثبت وقوع هذه المحرقة، وارتكابها، تركياً، وتفضح العثمايين على رؤوس الإشهاد.

والجدير ذكره، هو أنّ هناك برلمانات كثيرة في العالم(كالبرلمان الروسي والسويدي والأرجنتيني واليوناني والقبرصي والبلجيكي واللبناني)، قد صادقت على قانونٍ متشابهٍ في بنوده، يعترف بهذا التاريخ الدامي، وارتكاب تركيا العثمانية للإبادة الجماعية بحق الأرمن. وفي يناير 2006 صادق البرلمان الفرنسي على قانونٍ، يعاقب، بناءً عليه، كل من ينكر الهولوكوست الأرمني الذي ارتكبه الأتراك العثمانيون عام 1915.

رئيس الوزراء التركي المسلم رجب طيب أردوغان، إذ يتهم إسرائيل بquot;قتل الدم الفلسطيني المسلمquot;، ويحتج عليها، لكونها quot;تعرف كيف تمتهن القتل بحق الفلسطينيينquot;، ينسى تركيا(ه) المسلمة، والتي تمارس ذات القتل الممتهَن، والمنظّم بحق أكرادها المسلمين، الذين يربو تعدادهم على 18 مليون نسمة، بحسب بعض الإحصائيات الغير رسمية المعتمدة.
ناهيك عن احتلالها العسكري الصريح الفصيح، لقبرص، منذ 1974، والذي شق قبرص إلى نصفين: نصف تركي وآخر يوناني.

بالأمس فقط، حيث قامت quot;القيامة الكرديةquot; في تركيا، بحلول الذكرى العاشرة لإعتقال الزعيم الكردي عبدالله أوحلان، المعتقل في سجن جزيرة إيمرالي النائية، منذ 15 شباط 1999، لو نظر أردوغان إلى مرآة تركيا(ه) جيداً، على حد قول مزارحي، وإلى ما مارسته تركيا(ه) من قمعٍ وإرهابٍ، بحق المدنيين العزّل في مدن باطمان وآمد ووان، وغيرها من المدن الكردية، لعرف أنّ الجنرال الإسرائيلي كان على حقٍّ، حين قال له: quot;نظّف أمام باب بيتك أولاًquot;.
من تابع أمس مشاهد العنف والإرهاب الذي مارسه البوليس التركي، في مدينة باطمان وأخواتها الكرديات، وكيف كان الأطفال والنساء والشيوخ الكرد، إلى جانب برلمانيين أكراد، يسقطون جرحى في الشوارع المباحة لإرهاب تركيا أردوغان، سيفهَم لماذا كان مزارحي على حق، فيما كان أردوغان على أكثر من باطل.

لا أحد ينكر على الفلسطيين حقهم المشروع، في العيش على أرضهم التاريخية، وفي دولتهم المستقلة الآمنة، بسلامٍ، في جوار دولة إسرائيل، كما نصت على ذلك المواثيق والصكوك الدولية ذات العلاقة والشأن. ولا شك، إيضاً بأن الإرهاب، سواء منه الإسرائيلي، للمدنيين الفلسطينيين، أو إرهاب حماس ضد المدنيين الإسرائيليين، هو إرهابٌ أكثر من مُدان، ولا يمكن تبريره، بأي شكلٍ من الأشكال.

ولكن ماذا عن quot;الإرهاب التركيquot;، بحق أكراده وأقلياته القومية والدينية واللغوية الأخرى، الذي يخفيه أردوغان ويستره وراء quot;إرهاب إسرائيل بحق الدم الفلسطيني المسلمquot;؟
ماذا عن دوس تركيا على الدم الكردي، منذ أكثر من 25 عاماً، فقط لأنهم يريدون لتركيا، وطناً كثيراً للجميع: للأتراك والكرد والعرب والبلغار واليونانيين واللاز وسائر المكونات التركية الأخرى؟
ماذا عن الحقوق الكردية المغتصبة، منذ قيام الجمهورية التركية الواحدة، على يد مصطفى كمال أتاتورك، سنة 1923، بعلم واحدٍ ولسانٍ واحد لعرق تركي واحد، quot;هو يساوي العالمquot;، في الدستور التركي الواحد؟

أردوغان الذي تركيا(ه) من زجاج، لا يحق له أن يرمي إسرائيل بالحجر!


هوشنك بروكا


[email protected]