كتبت بوسي غوش في مجلة التايم الامريكية بتاريخ 9 فبراير تحقيقا بعنوان : quot; المالكي رجل العراق القوي الجديد quot; ونشرت صورة كبيرة له على صفحة كاملة من المجلة وهو يلقي كلمة في اجتماع عشائري. وتساءلت فيما لو انه حقا رجل العراق القوي وان صورته الاخيرة تعكس ما توقعه الناخبون. وذهبت الكاتبة الى القول : quot; ان المالكي لم يكن معروفا منذ اعوام قلائل. فهو كأي من العراقيين الشيعة الذين عادوا للعراق بعد الاحتلال وتقلدوا مناصب في مجلس الحكم آنذاك، بدأ المالكي العمل طبقا لمبادئ القرآن مسئوولا اجاد العمل في اللجنة المكلفة في التخلص من اعوان صدام حسين. ولقد حقق عمله هذا نجاحا حصل بموجبه على دعم وتأييد الادارة الامريكية التي رشحته لمنصب رئيس الوزراء. وحتى مجئ المالكي الى الحكم لم يكن معروفا آنذاك ولم يسمع اغلب العراقيين شيئا عن المالكي quot;. وتشير الكاتبة ايضا الى : quot; ان انجازات المالكي والاعمال التي حققها بعد القضاء على المليشيات المتطرفة التابعة للصدر ودحر العمليات الارهابية بواسطة القوات العراقية ودعم القوات الامريكية، جعلته كبيرا في عين الرئيس الامريكي السابق جورج بوش، وذكرت كيف كان يتحول المالكي الى شخص جديد في كل ستة اشهر ولم يكن له من هدف الا ان يكون مقبولا من جميع العراقيين حتى يحظى بمحبتهم وان يكون الرجل القوي في عيون العرب quot;.
وتضيف الكاتبة تقول :quot; يتهم القادة الاكراد والسنة واعضاء من البرلمان العراقي وبعض الكتل السياسية المالكي باستخدام قوى العشائر وتسخيرها لمصالحه على حساب خصومه تماما كما فعل صدام حسين. عادل عبد المهدي ومسعود برزاني وميسون الدملوجي واياد علاوي وغيرهم قالوا لا نريد دكتاتورا آخر في بغداد وانه يقلقنا ان نرى المالكي يتصرف كطاغية. لكن المالكي البالغ من العمر 58 عاما قلما يبدو على ما جاء في وصف هؤلاء الخصوم الذين لم يعرهم اي اهتمام وهو لم يبدو كطاغية اكثر مما كان يظهر كأي معلم في مدرسة مرتديا بدلته المتواضعة ومتحليا بنبرة صوته في الحديث الهادئ. ومن هنا اصبح المالكي شديد الثقة بنفسه رغم انه قد تغير احيانا عن هذه الصفات عندما تغلب على المعارضة الكبيرة في البرلمان العراقي عند التوقيع على اتفاقية سحب القوات الامريكية من العراق حتى 2011. ولم يمارس المالكي القوة في التخلص من خصومه السياسيين رغم انهم هاجموه بعنف ووصفوه وجعلوا منه نظيرا لصدام حسين في العراق quot;.
وتواصل الكاتبة تقول :quot; ان آخر اختبار خضع له المالكي هو عندما ذهب العراقيون الى صناديق الاقتراع لانتخابات مجالس المحافظات. واذا ما حقق حزب الدعوة، هذا الحزب الصغير في الائتلاف الشيعي كسبا كبير، فهذا سيعزز من مكانة المالكي رغم ان العراقيين لم يظهروا ميلا نحو اختيار الاشخاص الاقوياء بل فضلوا تآلف الاحزاب بعيدا عن الهويات الطائفية. اياد علاوي رئيس الوزراء الاسبق بعد الاطاحة بصدام حسين ظل يمثل المنافس والمعارض الذي يلاحق المالكي في كل حين بعد ان اخذ يصور نفسه بالرجل القوي، الا ان قائمته العراقية لم تحقق كسبا كبيرا ولم تحصل في الانتخابات سوى 14 بالمئة فقط. البرلماني الكردي عبد الباري الزيباري هدد المالكي وقال عنه انه كما انتهى اياد علاوي سينتهي هو الاخر لان العراقيين يعرفون ان رجلا قويا على سدة الحكم في العراق هو ليس في صالحهم. لكن المالكي حقق نصرا في التوقيع على اتفاقية سحب القوات الامريكية حسب جدول زمني من العراق والتي عارضها الرئيس السابق جورج بوش والتي جاءت متطابقة وتوجهات الرئيس الامريكي الجديد باراك اوباما الذي وجد في شخص المالكي الشخص الذي يحتاج اليه. اما عن وزيرة خارجية اوباما هيلاري كلنتون فان المالكي لم يعجب بها ولن ينسى الاساءة التي وجهتها له عندما هاجمته قبل عامين وطلبت باسقاطه واستبداله بشخص آخر اكثر تحقيقا للوحدة الوطنية. لقد ثار غضب المالكي في حينه ورد على كلنتون بالقول انهم يتصورون ان العراق ملك لهم ان عليهم التوقف عن مثل هذه التصرفات. واليوم تاتي هيلاري كلنتون وزيرة جديدة للخارجية الامريكية واصبح لزاما عليها ان تنسى ما صدر منها من مواقف عدائية كريهة وان تستبدل وجهها بوجه ودود جديدquot;. الى هنا اكتفي بما ورد في تحقيق الكاتبة بالتايم الامريكية.
وبعد هذا الموجزعن شخص رئيس الوزراء نوري المالكي في تحقيق الكاتبة ولكي نحكم ان المالكي هو رجل العراق القوي، لا يسعني الا ان ابين ان ما يحصل اليوم في العراق ما هو الا نتاج لمسيرة التطبيق السريع وغير الامين للديموقراطية الجديدة فيه بعد سقوط النظام السابق عندما احتلت القوات الامريكية العراق في مارس 2003، هذه الديموقراطية التي حذر منها الكثيرون.
تشير مبادئ العلوم السياسية المعاصرة الى دراسات لا نهاية لها عن الديموقراطية، نظريات وفلسفات متعددة لا حصر لها من علماء وفلاسفة وكتاب وسياسيين وغيرهم ادلوا بدلوهم في نظرية الديموقراطية. ففي احدى الدراسات عن الديموقراطية نشرتها مجلة quot;هيباتيا quot; التي تصدر من جامعة انديانا بالولايات المتحدة الامريكية في عدد خاص عن النظرية الديموقراطية جاء فيها : quot; انه من الممكن القول وبكل بساطة ان اغلب النظريات السياسية اليوم من جميع انحاء العالم وحتى من مختلف التوجهات الايديولوجية تركز على اهمية النظرية الديموقراطية المشمولة بعناية الدراسة والتي تخضع للتقييم الهادئ المبني على المنطق والحوار والنقاش العام بدلا من استخدام القوة واساليب الخداع quot; ( هيباتيا : المجلة المتخصصة في الدراسات الفلسفية، العدد الخاص عن النظرية الديموقراطية الجزء 22 رقم 4 الصادر في خريف 2007 ). وهناك من وصف الديموقراطية ببساطة مثل الفيلسوف النمساوي كارل بوبر قائلا :quot; انها امكانية التخلص من الحكام في السلطة بدون دماء quot; قالها بوبر قبل الانتخابات التشريعية في العراق التي جرت في 30 يناير 2005 (صحيفة الستاندراليومية النمساوية 21 فبراير 2004 ).
ولكن هناك اخرون راحوا يهاجمون هذه الديموقراطية وينتقدون تطبيقها في العراق. سيمون جينكينز كاتب امريكي معروف قال عن هذه الديموقراطية :quot; انها احد اكبر اساليب الخداع مكرا. واذا قلنا ان العراق بعد اكثر من 30 عاما من حكم الطاغية صدام حسين والحصار الطويل والاحتلال العسكري الامريكي والفوضى العارمة التي حلت به، انه سيتعافى ويزدهر ويمارس حياة ديموقراطية على النسق الغربي بعد الانتخابات التي جرت في 30 يناير 2005، ما هو الا خداع وضرب من الخيال. كما ان قيام دولة اتحادية فيه تمارس الحريات الدينية والمدنية كما لو كانت جنة عدن هو الاخر ضرب من الخيال. انه من المستحيل ان يفرض المحتل مبدأ في الحكم او ايديولوجية في اي مجتمع آخر. على الساسة في العراق ان يكونوا على درجة كبيرة من الحذر والاستعداد لكل ذلك وان عليهم ان يواجهوا هذا النوع من الخداع الذي سوف لن يؤدي بهم الى قيام الديموقراطية وتحقيق الامن والرخاء ( سيمون جينكينز في التايمز البريطانية 3 مارس 2004 ).
اما فرانسيس فوكوياما فقد نادى قائلا :quot; امريكا لا يمكنها بناء الديموقراطية في العراق. ان الشعوب التي ترغب في اختيار الديموقراطية تمكنت من بناء مؤسسات ديموقراطية بنفسها. ان الامر يعتمد على الموقف الداخلي من اجل دفع الاوضاع نحو مسار الديموقراطية. ان امريكا اقدمت على مخاطرة كبيرة في هذا الاتجاه. ان لم يأت نفس الديموقراطية من داخل المجتمعات فان الوصول اليها سيكون عسيرا. الديموقراطية هي التي تقوم على الشرعية الاساسية المؤتمنة التي تنال على ثقة المواطنين. ان الشعوب في المنطقة العربية تريد بحق الوصول الى الديموقراطية النموذجية وان الاسلام يحمل مكونا ليبراليا واضحا وان الليبرالية تحتاج الى التعددية والبرلمان. وان هناك فرقا اسلامية تتوافق مع متطلبات الليبرالية ( فوكوياما في حوار نشرته صحيفة الاهرام الدولي في 11 اغسطس 2005 ).
ويؤكد لنا برهان غليون استاذ علم الاجتماع في السوربون قائلا :quot; ان اغلب الشعوب في المنطقة العربية ما زالت غير واعية وغير قادرة على التحول بعد 50 عاما من الاستبداد. وهي تعيش ثقافة ترسيخ الوصاية عليها من قبل النخب التي استحوذت على الثروة في البلاد مما ادى الى تعميق هذه الوصاية على الشعوب وهو ما يدلل على تأخرها عن الالتحاق بالركب الديموقراطي. ليس بالامكان الخروج من النظم الاستبدادية الا بتنمية الديموقراطية ولكن الديموقراطية لا تبنى من الخارج بل من قوى داخلية تنضج من منظومات الاحزاب. اما الاعتماد على الاوهام بان تساهم الضغوط الغربية على نقل الديموقراطية فهو ما اخر هذه الشعوب واعطى السلطات الدعم لضربها مع القوى الديموقراطية. ان على الجميع العمل على قيام تحالف مع القوى الديموقراطية العالمية لان الرهان ليس مع القوى الاستعمارية بل هو مع قوى الديموقراطية في العالم ( برهان غليون في برنامح حوار حول المجتمع المدني 9 يوليو 2006 قناة فضائية المستقلة ).
وعن ذكر ترسيخ الوصاية هذه من قبل النخب في المجتمع تقول آن خوا استاذة القانون في جامعة ييل الامريكية : quot; ان الطبقات الصغيرة اي النخب المالكة للثروة والمسيطرة على السوق الى جانب الاكثرية من الفقراء الرافضين لهذا الوضع، لن تقبل بالديموقراطية وانفتاح السوق الحرة لان ذلك يمثل الخطر الماحق لمصالحها. ان تراكم الثروة يتم في السوق وهي في الغالب بايدي القلة المسيطرة في هذه المجتمعات، بينما يصبح قيام الديموقراطية هو بمثابة العامل الذي سيعزز من القوة السياسية للطبقات الفقيرة التي تقود الى الكارثة واثارة الحساسيات العرقية ( آن خوا في صحيفة النيويورك تايمز 8 نوفمبر 2004 ).
ويأتي دور هوبسبوم استاذ التاريخ الاقتصادي في جامعة لندن ليقول :quot; انها الفكرة الاشد خطورة. انها ليست النظام الذي يمكن ان ينجح في اي مجتمع كان وان يحقق الامن والسلام فيه. اعتقد بعض الفلاسفة بان الديموقراطية لا تختلف عن بقية المؤسسات والممارسات التي افرزتها العولمة وانها بنظرهم كالمطارات ومحطات البنزين، مؤسسات نمطية يمكن ان تتكرر بالصورة والمواصفات نفسها في كل المجتمعات. ان الخطورة في نشر الديموقراطية على هذه الصورة تكمن في ان امريكا ارادت اعادة تشكيل العالم على صورتها. وهنا يكمن التناقض بين مصالح الدولة والنموذج. ولقد اثبتت التجارب فشل جميع المحاولات التي جرت لاعادة تشكيل العالم على هذه الصورة ( ايريك هوبسبوم في صحيفة الول ستريت جورنال الامريكية 20 يوليو 2005 ).
ومن هذا العرض السريع لبعض الافكار المحذرة من مخاطر قيام الديموقراطية او بنائها في المجتمعات العربية يتضح لنا ما يجري اليوم على الساحة العراقية رغم ما يعتز ويفتخر به المالكي وكثير من العراقيين من تحقيق الامن النسبي والازدهار الاقتصادي المعتمد اصلا على عائدات النفط او ما تحقق في الانتخابات سواء التشريعية في 30 يناير 2005 او كتابة الدستور سريع الانجاز اوانتخابات مجالس المحافظات الاخيرة التي جرت في 31 يناير 2009، او في محاولات القضاء على بقية المليشيات المتطرفة والارهابيين هؤلاء الذين نذكر بانهم وضعوا نصب اعينهم الهدف الاول والمباشر هو القضاء على هذه الديموقراطية التي دخلت العراق قبل الدبابة الامريكية. ففي كتاب لاحد منظري منظمة القاعدة صدر بعد الاحتلال مباشرة بعنوان quot; مستقبل العراق والجزيرة العربية بعد سقوط بغداد quot; قال فيه : quot; لقد اصبح العراق الميدان الاكبر لمعركة الاسلام ضد الكفرة واعوانهم. وان الآلة الحربية الامريكية هي ليست ما يجب ان يوليها المسلمون جل اهتمامهم بل ان ما يهدد مستقبل الاسلام وبقائه هو هذه الديموقراطية الامريكية. واننا اذا ما سمحنا للعراق ببنائها فان هذا سيمثل اكبر اندحار للمسلمين منذ ضياع الاندلس quot;.
وفي حوار مع عبد الله النفيسي اجرته فضائية الجزيرة اكد فيه على هذه الدعوة بالقول :quot; العراق اصبح حفرة كبيرة وقعت فيها امريكا. ان بؤرة الصراع الان هو العراق. الامتحان الكبير للامة هو في العراق واذا ما تمكنت امريكا من حل مشاكلها في العراق واستطاعت ان تغادر دون تمريغ وجهها في الدم واذا لم تؤدب في العراق فسيكون الدور القادم علينا قي الخليج لان الخطر القادم على دول الخليج هو الوجود الامريكي في العراق ( امير طاهري في صحيفة التايمز اللندنية 16 اعسطس 2005 ) و ( عبد الله النفيسي في حوار مع احمد منصور في فضائية الجزيرة في 28 ديسمبر 2005 ). واعتذر للقارئ انني لست هنا في صدد التعليق على كل ذلك واترك الامر له.
علينا ان نسأل اذن بعد كل هذا الاستعراض السريع هل ان المالكي ديموقراطي السيرة والمنشأ وانه رجل العراق القوي حقا؟ نحن الذين نسأل ونجيب وليس بوسي غوش التي يبدو انها تنقل وجهة النظر الامريكية. ومن هنا نستطيع ان نستشف وجها للمقارنة ونخرج بالنتيجة التي تدلنا على الحقيقة والواقع ان المالكي في موقعه الحالي وبخلفيته المذكورة في التحقيق والتي تعني الكثير، هو يعاني ويصارع ويتحدى قوى متعددة واضحة المعالم وقوى خفية دفعته ليكون في المواجهة الحقيقية مع مسئوولياته وتطلعاته الوطنية وانها تتآمر عليه لاسقاطه مثلما اسقطت رؤساء الوزارات السابقين من قبله. وانها سائرة في هذه اللعبة وخاصة بعد نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي اظهرت التوجه الى التكتلات والائتلافات لمواجهة حكومة المالكي واسقاطها رغم تحقيقه الفوز الملحوظ في هذه الانتخابات الاخيرة. واذا ما تطرقنا الى ما تقوم به مثل هذه القوى والشخصيات المتعددة التي جاء ذكرها في تحقيق الكاتبة في المجلة، فاننا سنستدل حتما على حقيقة وجهات النظر التي ذكرناها حول الديموقراطية والمخاطر التي يواجهها المالكي والعراقيون اجمع. لم يضع المعارضون للمالكي نصب اعينهم مصلحة الوطن كما هو المطلوب اولا، بل مصالحهم وغاياتهم ومكاسبهم الشخصية في السوق والخوف من الاكثرية التي يتكون منها المجتمع العراقي التي ذكرتها آن خوا والتحالفات المشبوهة مع اطراف وقوى خارجية على حساب ابناء الشعب الصابر الذي مر بالمحن والذي ما زال يئن من المصائب والمعاناة. المالكي يواجه مرحلة خطيرة لم تذكرها الكاتبة وخاصة التي تتمثل في عنصر المؤامرة والتحديات من اعوان السلطة السابقة والانتهازيين في اجهزة الدولة ورجال القاعدة وبعض دول الدول الجوار التي تنشد اسقاطه واعادة عقارب الساعة الى الوراء متعللة بوجود الفساد المستشري وعدم تحقيق المستوى الادنى للخدمات التي ينشدها السكان في مختلف المحافظات بالاضافة الى داء السرقات والوساطات والمحسوبيات المبنية على الولاءات الطائفية والقومية. المالكي في حيرة من امره ومشغول جدا حتى انه تأخر وللاسف ولم يدلي بتصريح رسمي قوي يدين به موجات الارهاب المتكررة التي وقعت ضد زوار الامام الحسين (ع) في اربعينية استشهاده التي راح ضحيتها المئات من الابرياء الفقراء من التساء والشيوخ والاطفال ولم نسمع ان المالكي ندد بحزم او وجه الوزراء والقادة المختصين والتاكيد عليهم بزيادة الهمة والنشاط والتصدي لمواجه الانتحاريين المنتشرين بين السكان في مثل هذه المناسبات.
ترى كيف سيكون المالكي رجل العراق القوي اذن والذي نتمنى جميعا ان يكون فعلا هو وليس غيره بعد ان حقق الانتصارات العسكرية والدبلوماسية على خصومه الذين باتت تحركاتهم المشبوهة معروفة؟ كل ما اتمناه ان يكون المالكي قد اطلع على كتابي الصادر مؤخرا بعنوان quot; احتلال العراق ومشروع الاصلاح الديموقراطي الامريكي : حقائق واوهام والذي قدمت نسخة منه هدية له بواسطة السيد عبد الوهاب الراضي صاحب مكتبة دار الكتب العلمية بشارع المتنبي عندما زرته ببغداد في ديسمبر من العام الماضي وارجو ان يكون قد استلمها عندما حضر حفل افتتاح شارع المتنبي في نفس الشهر. ولقد اكدت في السطور الاخيرة من الفصل الاخير بهذا الكتاب على :quot; يملأ الامل الكبير نفوس العراقيين الحزينة في خطوات المالكي القادمة المتمثلة في تنفيذ ما جاء في بيان برنامج حكومته لتحقيق ما يصبون اليه في الوقت الذي كثرت فيه مآسيهم واشتدت معاناتهم ونفذ صبرهم وطال انتظارهم للخروج من المأساة. وقلت ايضا :quot; مثلما تمنى المالكي في مؤتمره الصحفي الذي قال فيه quot;معا الى الامام quot; بعد ان اعلن عن بدء الخطة الامنية الجديدة في بغداد ومبادرة الحوار والمصالحة الوطنية، فان العراقيين جميعا يرددون معه نفس القول لتحقيق ما يتطلعون اليه بالوقوف صفا واحدا في القضاء على الارهاب واستكمال بناء القوات العراقية الجديدة والعمل على انسحاب قوات الاحتلال من العراق والتدخل الحازم في القضاء على الفساد، وان غدا لناظره قريبquot;.
واليوم وبعد عامين، نتمى جميعا من جديد للمالكي مواصلة المسيرة لخدمة الشعب العراقي وتعويضه عما فاته وحُرم منه والثبات على المواقف والوقوف بحزم ضد جميع الخونة والمتآمرين بقوة الحجة ودعم الشعب العراقي من ورائه والاستمرار في تطهير اجهزة الدولة من الفاسدين والمتلاعبين باموال الشعب والضرب على آخر فلول الارهاب بقوة السلاح من اجل الحفاظ على الحقوق المشروعة والمكتسبات الوطنية التي تم تحقيقها والعزم على تعزيز بناء مقومات الديموقراطية التي اختارها العراقيون رغم كل الشكوك وتوجهات الدخلاء في امكانية تحقيقها عندما اصبح العراقيون يتطلعون الى اليوم الذي سيرحل من ارضه آخر جندي امريكي بعد الانجاز التاريخي الكبير الذي تحقق في التوقيع على اتفاقية سحب القوات الامريكية واخراج العراق من البند السابع والسعي من اجل انجاح المصالحة الوطنية الحقيقية ليكون مثالا شاهدا بحق على ان العراق المستقل هو ارض الحضارات ومحط انظار العالم والله الموفق.
ترجمة وتعليق الدكتور أياد الجصاني
عضو نادي الاكاديمية الدبلوماسية في فيينا - النمسا
[email protected]
التعليقات