بعد انتهاء الحرب الأهلية في العراق واستعادة العراق لدورها الوطني والديمقراطي تعمل بعض القوى في الداخل وفي الخارج للتمديد لهذه الحرب التي التهمت حتى الأن وطنا وقضية وتحاول اشعالها في اكثر مناطق الوطن أمنا وأمانا وهي كردستان.
لقد وجهت هيئة الرئاسة العراقية رسالة تفصيلية الى دولة رئيس الوزراء نوري لمالكي يوضح فيها عدم ضرورة تشكيل مجالس الأسناد وتسليح العشائر العراقية في المدن والقصبات العراقية،وأن اصدار مشاريع قوانين أو مرسوم قانوني يجري العمل لأعدادها يجب أن لا يتعارض مع مفهوم الصلاحيات الممنوحة لهذه الحكومة وأن موافقة على وجود مجلس الأسناد يجب أن يتم عن طريق تمريره الى مجلس النواب العراقي أولا وليس بغير أن يقرأها أحد من المعنيين بالأصدار أو القرار.
لقد وضحت بيان هيئة الرئاسة العراقية خطورة هذا الموضوع على السلم الأهلي وأنه يلغي العراقيين وطموحاتهم ويمكن للمناطقية ونظامها والأمتيازات ويسقط سلفا حق الناس في المطالبة بالأصلاح والسعي اليه واذا كان نوري المالكي قد وافق على وثيقة الأصلاح السياسي مظطرا كما يقول معارضوه، فأن ابسط شروط النجاح في معركة الأصلاح ان يواجهه هؤلاء المعارضون وهو على أتم ما يكون دراسة ودراية وأستعدادا وتزودا بالمنطق والحجة والوعي القانوني، ثم أن معركة استعادة السيادة الوطنية تحتاج جهودا هائلة من كل الأطراف في الداخل كما في المجتمع الدولي، ونخشى أن تكون المعارك الجانبية والأمور الشكلية قد استنفدت طاقات كانت مطلوبة وضرورية لهذه المعركة التي لا يجوز أن يتقدم عليها اي أمر اخر.
أن منطق تسليح العشائر العراقية يبرىء الأطراف والقوى التي كانت تعيش على فعل الخيانة وتعاملت مع النظام السابق، ان هذا المنطق يقتل شهداء تحرير الوطن من الجنوب الى الشمال، اذ يصورهم جميعا وكـأنهم ضحايا القدر لا قضية لهم ولا هدف، فالمقاتل من بينهم مرتزق وأجير وغير المقاتل قليل الحظ. أما مفجروا الحرب الأهلية والمنتفعون بها والواصلون الى الحكم بفضل الجانب الأبشع من تطوراتها أبرياء بل ومنقذون لمن تبقى من الأحياء وجميعهم مرحب بهم مرة اخرى. هذا المنطق ينفي وجود أحد في العراق الا نوري المالكي ومن معه، فالحرب من صنع غيره ولكن السلم الأهلي لا يكون الا به وبحزبه.وهكذا فان حزب الدعوة الذي لم يكن مع بداية احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق الأقوى أو الأعظم شعبية بين الأحزاب العراقية التي وصلت للسلطة، أستطاع أن يفيد من اخطاء كثيرة ليطلق أستنفارا طائفيا مسلحا حصر به حق الشيعة في النظام الجديد، بما في ذلك مواقعهم المؤثرة في السلطة. والأخطر أن هذه اللعبة السياسية تكشف أستمرا ر المنطق الذي فجر الحرب الاهلية في بداية أحتلال العراق وأدامها طوال هذه الفترة، فمرة أخرى تصور الاكراد بأنهم حاملين مسؤولية وطنية متميزة في العراق ومرة اخرى يصور الأكراد من قبل السيد نوري المالكي بأنهم يسعون يخالفون دستور البلاد ويسعون الى أقامة قواعد امريكية في مناطقهم وكأنهم ناقصوا الجدارة بالعراق ومرتبطون بالخارج،المطلوب من دولة رئيس الوزراء أن يتجاوب مع نصائح الرئيس العراقي جلال الطالباني والشركاء المفترضين في القرار السياسي ممن يعطون حكومة الوحدة الوطنية أسمها، المطلوب حماية ما تحقق حتى الأن وعدم أستنزاف بغداد وهدر طاقاتها على الفعل والتاثير في أمور لها حسابات حزبية وأنتخابية، لأن الأستمرار في هذا المنطق يعني أضاعة وقت ثمين يحتاجه العراق والعراقيون لترميم ما تهدم وخرب بسبب الحرب الاهلية.
الوقت لم يفت بعد ولكن من الضروري قرع الأجراس للتنبية وتأمين العودة الى الأساسيات لأن العراق أغلى من كل كل الحكومات ومن كل القيادات والحكام.
الدكتور راوند رسول
dr.rawandrasul @yahoo.se
التعليقات