لاشك أن ما يجمعنا نحن العراقيين اكثر وأهم مما يفرقنا، رغم كل التناقضات التي برزت الى السطح في الآونة الاخيرة، ووفقاَ لهذا نحن جميعاَ مكلفون بالتركيز على القضايا التي تجمعنا ويجب أن يكون العمل على جعل دائرة التفاهمات والتوافقات اوسع بحيث تشمل القضايا العقدية الموجودة في الدستور.


الرؤية الصحيحة والمثمرة لحل القضايا العالقة بين المكونات العراقية خاصة بين اقليم كردستان والحكومة الفدرالية في بغداد ومع الكيانات السياسية العراقية يجب أن تتوفر فيها احقاق الحق وازالة الترسبات التي خلفها الماضي الذي يمتد الى بدايات القرن المنصرم، و في هذا السياق بالذات نحن بحاجة الى الاعتراف بالاخطاء التي ارتكبتها السياسة البريطانية اثناء تأسيس الدولة العراقية والسياسات الخاطئة للحكومات العراقية المتتالية منذ ذلك الحين ومن ثم تصحيح المسار، جاءت التوافقات التي اتفقت عليها قوى المعارضة قبل سقوط النظام، و تلك التي جاءت بعيد سقوط النظام واثناء صياغة قانون ادارة الدولة العراقية وصياغة الدستور الدائم فيما بعد بمثابة الاعتراف بالاخطاء والاذعان لمتطلبات التصحيح. وأن الوضع العراقي لحين استقرار الاوضاع الدستورية والسياسية فيه بحاجة الى الاستمرار على النهج التصحيحي الذي لابد منه للوصول الى الدولة التي سوف تتمتع بمقومات البقاء والازدهار ولعب دورها باتجاه الداخل اولا وباتجاه الخارج ثانياَ.


ففي هذا المنطلق أن مسيرة التصحيح يجب أن تكون مسيرة مستمرة، ولن يتحقق هذا الا اذا جاء من قناعة راسخة بأن المسيرة التصحيحية لبناء الدولة ضرورة مطلقة، خاصة من جانب المكون المتفوق عدديا عرقيا كان او مذهبيا.


وان العمل على عدم انتكاسة المسيرة التصحيحية للدولة العراقية يعتبر الالتزام بالمبادئ الصحيحة للتوافق الذي لابد منه لتحقيق ما خططنا له في السابق وثقناه في الدستور وصوتنا عليه في الاستفتاء على الدستور.


ربما هناك اخطاء لدى الجميع في هذه المسيرة، ولكن دائماَ هناك مخرج او مخارج لتصحيح الاخطاء إن لم تكن اخطاء مقصودة بنية الانقضاض على ما تم انجازه من المكتسبات التي ترسخ بنيان الدولة العراقية التي نحن بصدد بنائها كدولة تاريخية لجميع مكوناتها وتمنح الامان في الحاضر والمستقبل للجميع. وألا تكون تلك الاخطاء بنية التراجع عن التوافقات الاساسية التي اصبحت حالة ونموذجاَ لبناء مستقبل الدول المماثلة للعراق ايضاَ. وألاّ تكون تلك الاخطاء ناجمة عن نية العودة الى الماضي وان كانت بواجهات ومسميات جديدة.


وفي حالة العراق الذي كان دولة هشة بسبب كونه دولة تضطهد المكونات الصغيرة عددياَ او المهمشة سياسياَ ودستورياَ وتترك العنان لاضطهاد الدولة لتلك المكونات كما شاهدناه طيلة اكثر من ثمانين سنة، يجب أن تكون مطالبات المكونات التي اضطهدت وحرمت مكوناَ وافراداَ قسرياَ، من الشعور بالانتماء الى الدولة لكي يضمن هذا الانتماء للدولة الانتماء للوطن، وهذه الفكرة مبنية على خصوصية العراق التى يجب أن يكون الانتماء الى الدولة عاملا اساسياَ من خلق الشعور بالانتماء الى الوطن.


نحن نأسف على وجود هذه الحالة في العراق و لكن يجب ان نتعاطى مع الوقائع التاريخية التي اثرت على المفاهيم ايضاَ، كما يجب ان نبحث عن عوامل القوة في بناء الدولة، وان احد اهم عوامل القوة في مرحلة استكمال بناء الدولة العراقية الجديدة هي ان تتعاطى المكونات التي كانت الدولة العراقية سابقاَ دولتها من جميع النواحي، مع المطالبات الكردستانية التي يعتبرها البعض مطالبات او استحقاقات غير واقعية تعاطياَ ايجابياَ، لأن تارخ الماضي وقراءات الكرد في الوقت الحاضر لمحاولات البعض في الداخل والخارج تبرر مخاوفهم على دولة العراق ومستقبلهم في الوقت نفسه، وهذه الحالة تنطبق على التركمان وإن كان بمستوى اقل، فيجب أن يتفهم الكرد مخاوف التركمان ايضاَ.


وفي الختام يجب أن يبتعد الجميع من اثارة مشاكل وممارسات تشم منها رائحة المؤامرة، خاصة ان الكرد ضحية المؤامرات منذ معاهدة لوزان والى يومنا هذا، ويجب ان نعترف نحن الكرد بأن درجة حساسيتنا من المؤامرات عالية جداَ حيث إن اي اجتماع لمسؤول عراقي غير كردي ما مع مسؤول مماثل في دولة جارة تثير القلق في الشارع الكردستاني ويصرخون بوجه القيادة الكردستانية ويقولون ها هي رائحة المؤامرة قد تفوح، وإن كان القادة الكرد يتفهمون الأمر بشكل مغاير تماماَ للشارع، وهناك مثل كردي كثير التداول يقول: إن الذي لدغته الحية يخاف من صوت الحبل.

آزاد جندياني

*قيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني