سعى المسؤولون الايرانيون و طوال الاعوام المنصرمة من إصطدامهم بالرفض الدولي لطموحاتهم النووية، الى الإدعاء بأن نواياهم سلمية خالصة وان(الاستکبار العالمي)و(الشيطان الاکبر)و(الصهيونية) وأعدائهم الآخرين في المنطقة و العالم يسلکون مختلف السبل من أجل إتهامهم جزافا و من دون طائل بخلاف ذلك. وقد أکد العديد من کبار المسؤولين بما فيهم المرشد الايراني الاعلى السيد علي الخامنئي بأن ليس لدى نظامهم أية تطلعات تتجه للتسلح النووي وان جل مايريدونه هو إستخدام التقنية الذرية للأغراض السلمية البحتة، وهنا حري بنا أن نعيد الاذهان الى تلك الفتوى التي أصدرها السيد الخامنئي بخصوص عدم جوازه استخدام الذرة لأغراض غير سلمية أو عدوانية وهي الفتوى التي طبلت لها أجهزة الاعلام الايرانية و منابر اعلامية أخرى تتبع طهران بشکل أو بآخر وقامت بتهويلها و منحها حجما أکبر بکثير من الذي کانت تستحقه فعلا. هذه الفتوى التي سوقها نظام ولاية الفقيه لدول العالم بشکل عام و للدول العربية بشکل خاص، على أنها دليل ناصع و صريح على نواياه السلمية و عدم مصداقية تلك الدعاوي التي تجزم بأنه في صدد العمل لإمتلاك الاسلحة النووية، شاءت الارادة الالهية أن تفضح مزاعم هذا النظام و تثبت کذبه و دجله بذلك الخصوص، وهاهو الولي الفقيه الذي بنفسه حرم استخدام الذرة لأغراض عدوانية يعود ليفتي بتخصيب اليورانيوم وان يقف نظامه بسبب من ذلك بقوة بوجه أعدائه!


هذه الفتوى التي تعجبنا کثيرا لأنها فاجئت قطاعا عريضا من الشارع العربي الذي کان منبهرا و مصدقا بما يدعيه هذا النظام بصدد برنامجه النووي، لکنها کانت في نفس الوقت برهان ساطع على کل تلك التأکيدات التي طرحناها مرارا و تکرارا بخصوص النوايا المبيتة لهذا النظام و الطرق الملتوية التي يتبعها من أجل الوصول الى غاياته و أهدافه، قد أثبتت في نهاية المطاف المعدن و الجوهر الحقيقي لهذا النظام و بينت بأن التغيير الذي حصل في 11/2/1979، لم يکن سوى تغييرا في الوجوه وان الاصل قد بقي کما هو.


ان تسلح نظام ولاية الفقيه بالسلاح النووي يعني أو مايعني أنه سيخل بالتوازن العسکري و التسليحي مع العرب بشکل فادح و بذلك سيصبح کنظام الشاه السابق من حيث فرض سطوته و جبروته على المنطقة بقوةquot;الردع النوويquot; وانه سيستخدم تفوقه النووي هذا کورقة على طاولة المباحثات المرتقبة بينه و بين الادارة الامريکية الجديدة التي تکثر التکهنات بصدد إمکانية تجاوز العرب او هضم حقوقهم و مصالحهم خلال أشواطها الطويلة کما يتوقع المراقبون. کما يصر النظام الايراني لحد اليوم على رفض عائدية الجزر العربية الثلاث(طنب الکبرى و طنب الصغرى و ابو موسى) لدولة الامارات العربية المتحدة والتي أحتلتها القوات الايرانية عام 1971 في عهد الشاه، ويؤکد من أنها ستبقى إيرانية و الى الابد، فإنه و بنفس المنطق يکرر مزاعمه المبيتة بشأن إيرانية البحرين و أجزاءا أخرى من العراق و يطرح أفکارا و نوايا عدوانية تمس الامن القومي العربي و المصالح العربية العليا ويطلق التهديدات المختلفة ضد العرب و يوحي بسيناريوهات عدوانية في الکثير من التطاول و التجني على الامة العربية، مما يستدعي العمل الجاد للوقوف بوجهه و وضع حد لغطرسته و عدوانيته بهذا السياق، واننا إذ نستحضر في الذاکرة مثل هذه القضايا لأننا واثقون من أن هذا النظام سيربط بين الامور و القضايا و يجعلها کلها في سلة مصالحه الخاصة وان سعيه النووي المحموم هو قطعا لخدمة نواياه بهذا السياق.


اننا في المجلس الاسلامي العربي في لبنان، قد حذرنا کثيرا من نوايا و أهداف هذا النظام و اوضحنا بأن نظام ولاية الفقيه يمثل مشروعا فکريا ـ سياسيا ـ أمنيا يخدم أجندة خاصة و لايحمل في ثناياه مايدعو للثقة و الاطمئنان له و أکدنا من أنه يستخدم الشيعة العرب کجسر معين للوصول الى الضفة الاخرى واننا نبهنا اخواننا الشيعة العرب الى التزام الحيطة و الحذر من کافة مزاعم و دعاوي هذا النظام و ضرورة عدم الانجراف خلف بريق شعارات مزيفة تخفي في آجمها اسوأ النوايا و اخبثها ضد الامة العربية جمعاء وهاهي الايام تثبت للجميع مصداقية ماکنا نؤکده بهذا الخصوص، غير أننا نؤکد مرة أخرى على ضرورة و أهمية أن يأخذ العرب حذرهم الکامل و التام لجولة مابعد تأهيل نظام ولاية الفقيه نوويا حيث تطرح في اوساطا سياسية عديدة إمکانية حصول إتفاقات امريکية ـ إيرانية وحتى إيرانية ـ إسرائيلية من أجل الالتفاف على الامة العربية و هضم حقوقها.


حري بنا ونحن نعيش هذه اللحظات التأريخية الحساسة و الخطيرة في هذه المرحلة، من أن نتذکر جيدا صفقة(إيران کونترا)التي أبرمتها إيران مع اسرائيل أيام حربها الضروس مع العراق ابان الثمانينات من القرن المنصرم وکيف إنکشف الغطاء و بان مستورا أذهل الکثيرين من المخدوعين بهذا النظام، وجدير بنا أيضا أن نستبق الاحداث و نقطع الطريق أمام quot;إيران کونتراquot;أخرى مع إدارة اوباما و نعتقد ان العرب قد وعوا الرسالة و سوف لن يدعونها تمر من دون اجابة شافية و قاطعة.

السيد محمد علي الحسيني

الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان