وقف الخلق يُسبحون ويُصفِقون لسيدنا أوباما بن حسين رئيس رؤساء الأرض ومَلك ملوك العالم أجمع. سيدنا أوباما افتخر بأن أبيه كان مُسلِمَاً حنيفاً. كان عم حسين أبو أوباما ـ يرحمه الله ـ إنسان علمي متفوق. سافر للدراسة في بلد الرقي والتقدم العلمي ـ أم العالم المتحضر ـ أمريكا البلد. وهناك تَعلق قلب الفتى الإسلامي بشابةٍ بيضاء جميلة، لكنها مسيحية. لم يَقفْ العائق الديني حائلاً للزواج مِن تلك الفتاة المسيحية. نعم القوانين المدنية الأمريكية لا تُفرق عند الزواج بين الحبيب المسلم والحبيبة المسيحية، أو العكس، فلو كان الحبيب مسيحي الديانة والحبيبة مسلمة فالقوانين لن تقف حائلاً للربط بين القلبين المتيّمين. وقتها لن يجد المغرضون سبباً لتزوير شهادات ميلاد للمسلمة لتكون مسيحية، ولن يتم تزوير أوراق زواج وبيانات أحوال مدنية ولا غيرها.
ما علينا، الزواج، أو قل الحُبْ، يَربط قلبين، ولا يَعترف بديانتهما.

مَا أجمل الحب!!

middot; كان أبي مسلماً، وأنا مسيحي.
وما الغريب في ذلك؟! أليسْ الدين هو علاقة فردية بين الإنسان وإلهه؟ هل الدين يُوّرَث؟ وهل يُحاسِب الخالق العبد بسبب دين آبائه وأجداده؟ أم ما صَنعتْ يداه؟

لم يَقِف عم حسين أبو باراك عائقاً أمام ولده حين اختار أن يكون مسيحياً، لم يَستنزل لعنات قوانين الفقهاء ويجعلها قوانين للسماء غير قابلة للمراجعة. لم يَرفع السيد حسين وقبيلته أصوات الردة وقتل المرتد. لم يُمنع سيدنا أوباما مِن الميراث. لم يُطرد أوباما المسيحي ابن المسلم خارج البلاد. لم يُستتاب سيدنا أوباما، ولم يَختبئ القتلة ـ آلهة الدين، أي دين ـ في الظلام ويذبحونه غدراً لأنه خرج مِن عباءة أبيه.

middot; كان أبي مُسلِماً، وأنا بهائي
لم يَقل سيدنا أوباما ذلك، لكن ما الغريب في ذلك؟ ما المانع؟ ربما تصبح إحدى بنتيه بهائية الديانة!!
اعتقد، وقتها، أن أوباما الذي ينادي بحُرية التدين سيَرفع القبعة احتراماً لاختيار هذه الابنة الناضجة قرارها الحكيم بأن تختار البهائية ديناً. اعتقادي في محله، لأن هذا ما عَلّمَه وعَمِلَه والده سابقاً معه. حين قال له: لكَ دينك وليّ ديني.

حين تَختار احدى بنات السيد أوباما الديانة البهائية بمحض ارادتها وتبتعد عن السياسة، ويكون شعارها: العمل الصالح هو العبادة الحقيقية المقبولة مِن الإله الذي أعبده بمحض إرادتي، وقتها سيحترمها السيد أوباما ويتركها لحال سبيلها، بل وربما دَرَس وبَحَثَ وفتش الكتب المقدسة، كما دعاه السيد المسيح، لكي يَعْرِفَ أكثر عن حضرة بهاء الله ولماذا يدعونه quot;موعود كل الأزمنةquot;!!!

وما الغريب أن يكون أبو أوباما مسلماً وأوباما نفسه أو إحدى بناته يختار الديانة البهائية طريقاً لحياته؟؟
وقتها هل كان الغوغائيون سيرفعون القنابل الحارقة ويحرقون بيت أوباما لأنه اختار البهائية ديناً؟
كيف سيكون حال الصحفيين الأمريكيين المتشددين المتدينيين؟ هل سيرفعون شعارات القتل والترهيب، وغلق ساحات الحوار أمام هذه الأسرة الصغيرة التي اختارت ديناً غير دين الجماعة؟؟
هل سيُمنع ابناء بنت سيدنا أوباما مِن أوراق الميلاد وبطاقات الهوية؟ هل ستمنع الحكومة الأمريكية أبناء بنت سيدنا أوباما البهائيين من دخول المدارس والجامعات، والتعامل مع البنوك والمصالح الحكومية، لكونهم اختاروا ديناً غير دين أمهم وجَدِهم؟؟


middot; تجربتي الشخصية
في عجالة، لأن هذه الفكرة ليست بمجالها، كثير جداً مِن المقابلات واللقاءات والإيميلات والإتصالات مِن معارفي وأصدقائي يسألونني: لقد كان أبوك مختلفاً عما تكتب، فلماذا أنت هكذا؟
وإجابتي الآن: لن أعيش في جلباب أبي، لأنه عَلَمّنِيّ الحرية. عَلَمّني أبي أن أكون مفكراً. عَلَمّني أبي أن أقبل المختلف مع عقيدتي. عَلَمّني أبي أن الدَيّان هو الذي يدين، ولا يَجِب أن نَكون آلهة للآخرين.

middot; ما هو موقف الكنيسة المصرية؟
هذا السؤال ليس للمشاكسة، لكن لمناقشة حرية العقيدة والتفكير في كنائسنا المصرية. هل نَقبل الآخر المختلف في الطائفة المسيحية المصرية الواحدة؟ كيف نتعامل مع الآخر المختلف في نفس الديانة المسيحية(إن جاز هذا التعبير) فمازال الارثوذكس يكّفِرون البروتستانت والكاثوليك والعكس يتم خلف الأبواب المغّلقة؟ وكيف نقبل المختلف مع دين الكنيسة؟

ما هو موقف المؤمنين في الكنيسة مِن أبنائها الذين اختاروا بكامل إرادتهم الخروج مِن حظيرة الإيمان المسيحيّ؟
والسؤال الأهم المكرر: متى تتوقف الطوائف المسيحية المصرية عن تكفير بعضها البعض؟

وإلى متى ننساق وراء ألاعيب بعض صغار أو كبار حفنة مدربة مِن ضباط أمن الدولة للوقيعة بين المذاهب، أو الطوائف تحت شعار الحفاظ على الأمن العام؟ منذ متى كان الأمن العام يتوقف على اختلاف عقيدة شخص عن شخص آخر في إطار أعضاء الكنيسة العامة، جسد المسيح الذي تم تمزيقه بأفعال الكثير مِن القادة؟

لا أريد في هذه العجالة فتح ملف مصادرة الكنيسة للكتب المسيحية التي لا تتفق مع نهجها. لا أريد فتح ملف تكفير الناشرين المسيحيين المصريين لكتب بعضهم البعض مِن خلال رفض توزيعها.

إن كان سيدنا أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وجّهَ خطابه للعالم الإسلامي، داعياً المسئولين في العالم الإسلامي أن يتخذوا خطوات نحو الإصلاح الإداري والسياسي في علاقتهم مع الدول الأخرى، وكذلك في تعاملهم مع شعوبهم، ألا يجدر بالقيادات الكَنَسيّة في العالم الإسلامي أن تتعلم هذا الدرس وتكون قدوة للمحيطين بها مِن قيادات غير كَنَسيّة؟؟؟؟

middot; متى نتعلم الدرس؟
لقد كان أبو أوباما مُسلِماً، أو قُلْ مُختلِفاً عن ابنه، وأوباما الآن حراً، أو اختار عقيدته بإرادته.
لقد طبقّ السيد أوباما قول القرآن الكريم: أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟



أيمن رمزي نخلة
[email protected]