في غمرة الأحداث التي شهدتها ايران في الفترة الأخيرة، فاجأني الضجيج الذي رافق خبر الافراج عن المواطن الليبي quot;المقرحي quot; المتهم بتفجير طائرة مدنية في لوكربي. فردود الفعل تشير الى ازدواجية مواقف بعض الدول الغربية.

قضى quot;المقرحيquot; عدة سنوات في أحد السجون الاسكتلندية، وحسب وزارة العدل الاسكتلندية فان الافراج عنه تم لأسباب صحية اذ يتوقع أن يتوفى المقراحي خلال ثلاثة أشهر بسبب اصابته بسرطان البروستات.

بعد الافراج عنه لاسباب صحية، اشتدت وتيرة الاحتجاجات في امريكا وبريطانيا بسبب استقباله بحفاوة في مطار طرابلس.

فالسناتور الأمريكي جو ليبرمان وهو من كبار أعضاء الكونغرس الأميركي ومن صناع القرار السياسي الأميركي في الشؤون الخارجية وصف الاستقبال بــــquot;quot;صفعة حقيقية لقضية مكافحة الإرهاب، ويسيء مجددا إلى العلاقات الأميركية مع ليبياquot;.

وقال حينها في حديث لمحطة CNN الإخبارية، quot;يجب ألا نتوقع لقاء بين الرئيس باراك أوباما والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل quot;.

من جهة اخرى واعتراضا على قرار الافراج عن المتهم في قضية لاكروبي أعلن مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي quot;ان هذا الخطوة سوف تدعم الارهاب في جميع دول العالم وسوف تجرح مشاعر أسر ضحايا الجريمةquot;.

السناتور الديمقراطي الأمريكي بن كاردين، كان هو الآخر من المعترضين، فهو يرى ان الاستناد الى الأسباب الانسانية مرفوض في التعامل مع الارهابيين، فالارهابيون لايملكون ذرة من المشاعر الانسانية أثناء ارتكاب الجرائم.

ولكي يتضح تناقض السياسة الأمريكية من قضايا حقوق الانسان، لابد من التذكير بموقفها من اسقاط طائرة ايرباص المدنية في العام 1988، اذ تم الاحتفاء بويل روجرز كابتن السفينة
، فور عودته الى بلاده، كما قلدته الحكومة الاميركية وساما على حسن ادائه علما ان الاحتفاء الاميركي بويل روجرز في قاعدة سان دييغو يفوق عشرات المرات الاحتفاء بالمقراحي في طرابلس، تقدم الصورتان المرفقتان مع هذا المقال جانبا من مراسم الاستقبال الرسمية في ميناء سان دييغو على متن سفينة quot; فنسنز quot; بعد عودتها وتنفيذ مهمة اسقاط طائرة نقل ركاب مدنيين ايرانيين.علما ان الحكومة الأميركية أنذاك منحت سبعة من طاقم السفينة أوسمة لــ (شجاعتهم في العمليات القتالية ) وبالمقارنة مع قضية لوكربي فان القذافي لم يجرؤ على منح المقرحي وسام شجاعة كما فعلت اميركا مع منفذي اسقاط الطائرة الايرانية والتي راح ضحيتها 290 شخصاً.
اتهمت الولايات المتحدة ولسنوات عديدة ايران بتفجير الطائرة الاميركية في سماء لوكربي، ولم تقدم أي اعتذار بعد أن تبين لها براءة ايران من هذه الجريمة المدانة.

حصلت الولايات المتحدة من ليبيا على 3 مليار دلار امريكي تعويضا لأسر الضحايا، وما له دلالة في نفس الملف هو تصريح وزير العدل البريطاني جاك استراو الذي أعلن في رد فعل على الانتقادات التي تعرضت لها حكومته بخصوص الافراج عن المقرحي، ان الافراج جاء على أساس صفقة تحصل بموجبها بريطانيا على ما يعادل 800 مليون يورو من النفط الخام الليبي!!!.

كاتب المقال روائي وسيناريست ايراني