على خلفية الغارة الجوية التي نفذتها طائرة عسکرية تابعة للجيش اليمني شرق حرف سفيان شمال العاصمة صنعاء و سقط من جرائها أکثر من 87 مدنيا جلهم من النساء و الاطفال، أمر الرئيس علي عبدالله صالح بتکليف لجنة لتقصي الحقائق.


الضحايا الذين هم أساسا من المدنيين الهاربين من الجحيم الذي سعرتهquot;مصالح إقليمية محددةquot; لأهداف مرسومة، لم تدعهم الظروف و الملابسات الصعبة و المعقدة للحرب(القبلية ـ الطائفية) أن ينجوا بجلدهم و أبى اولئك الذين يقاتلون دولة من أجل أهداف لا يدرون اساسا ماهيتها و لا غاياتها النهائية و ذلك الجيش الذي يقصف و يدمر و يقتل و يبيد أي شئ أمامه کمجرد آلة صماء، لم يجدوا أي طريقا للخلاص لهم من هذه الحرب الملعونة سوى أن يدفعوا حياتهم ثمنا لها.


حرب الجيش اليمني بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح ضد الحوثيين، والتي تتناقل وکالات الانباء و وسائل الاعلام العربية و الاقليمية و العالمية أخبارا و تقارير متضاربة بشأنها، ليس هنالك في الافق من دليل أو مجرد إشارة على انها ستنتهي نهاية عادية وانما کل المحصلات و التحليلات تدل على أنها ستنتهي نهاية بالغة المأساوية وعلى بحيرة من الدماء اليمنية.


الرئيس صالح، الذي يحظى بدعم و تفهم عربي و دولي محدد لموقفه الصارم ضد الحوثيين، يبدو ان الحظ قد لا يحالفه في ان يحرز نهاية مناسبة لهذه الازمة العويصة التي باتت تحاصره بقوة و تقض من مضجعه، وان هذه الغارة الجويةquot;الرعناءquot;التي تمت بطريقة وحشية و همجية ليس نجد لها مثيلا إلا عند أسوأ الطغاة و أکثرهم صلافة في التأريخ وهي تعيد الى الاذهان مرة أخرى أحداثا مشابهة کالقصف الجوي العراقي لمدينة قلعة دزة أثناء الاقتتال بين الحرکة التحررية الکوردية بزعامة مصطفى البارزاني و الجيش العراقي عام 1974، حيث لاقى الضحايا وکلهم من المدنيين حتفهم من جراء تلك الغارة التي استخدمت فيها قنابل النابالم و الفسفور المحرمتين دوليا، کما تعيد الى الاذهان القصف الکيمياوي لمدينة حلبجة والتي راح فيها مايقارب 5000 آلاف من المدنيين العزل، ولئن شاءت ظروف و مصالح دولية معينة في محاسبة قادة النظام العراقي البعثي على فعلته النکراء تلك، بيد انه و بسبب من ظروف و ملابسات الاوضاع الدولية ذاتها، لا يبدو ان الرئيس اليمني(بإعتباره القائد العام للقوات المسلحة اليمنية)ستتم ولو مجرد الاشارة إليه کمجرم حرب إرتکب جرائم ضد الانسانية وکل الذي يتم إستشفافه لحد الان هو انه سيتم تجاوز أصل القضية و جوهرها من خلال مسرحية لجنة تقصي الحقائقquot;الشکليةquot;هذه، وان المجتمع الدولي بشکل عام، والدول الغربية زائدا الصين و روسيا، بشکل خاص ومنظمة الامم المتحدة و المنظمات الدولية ذات العلاقة، مدعوة لإتخاذ موقف جدي و صارم من هذه الجريمة المشينة و المخزية بحق الانسانية وان قتال جماعة مضادة لنظام الحکمquot;أي کان ولائها أو معدنهاquot;، لايعطي الحق أبدا بإبادة اناس مدنيين ابرياء جلهم من الاطفال و النساء، ومن هنا فإنه من الضروري ان يتم تشکيل لجنة تحقيق دولية لتقصي الحقائق حول هذه الجريمة التي يندى لها الجبين الانساني وان تقوم هي بالتحقيق في ملابسات الجريمة وليست تلك اللجنة الصورية التي ليست لديها صلاحية خارج إرادة الرئيس صالح و نظامه ويقينا ان نتائج تحقيق هکذا لجنة سوف تفضي في النهاية الى إستدعاء الرئيس صالح بنفسه للمثول أمام المحکمة الدولية!