قبل أيام ظهرت صورة و صوت الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وهو يرعد و يزبد و يهدد بإستمرارية الحرب في صعدة حتى فناء الحوثيين أي إلى ما لانهاية...!! و لا أدري لماذا قفزت إلى ذهني على الفور صورة و صوت رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين وهو يهدد أيضا عام 1986 و في نبرة متشابهة تماما لنبرة زميله الرئيس اليمني وهو يتوعد بإرسال الجنود و الضحايا وقتذاك لجبهة الحرب المشتعلة مع إيران في قاطع الفاو لحد ( قطع النفس )!! كما كان يقول؟ قبل أن يتوقف عن تهديداته و يفرمل تشنجاته و يوقف الهجوم المضاد الذي كلف العراقيين أكثر من 55 ألف شاب قضوا في مواجهة عدمية سخيفة لا معنى لها!
ويبدو أن إعجاب الرئيس اليمني بنظام و أساليب صديقه و حليفه الرئيس العراقي السابق لم تخف حدته بعد؟ فما زال يرى في ( المرحوم ) كل الصفات القيادية و العملية القابلة للتقليد و التطبيق بدءا من التشابه العام في بنية النظامين المتحالفين اللذين كانا أعضاء مؤسسين في ما كان يسمى بمجلس ( التعاون العربي ) عام 1989 وصولا للدعم الكبير الذي يقدمه الرئيس اليمني لبقايا جماعة صديقه المشنوق في اليمن وهو بالمناسبة رد لجميل نظام صدام حسين في تقديم كل المساعدات العسكرية و اللوجستية و الفنية في قمع إنتفاضة أهل الجنوب اليمني في حرب عام 1994 التي قمعت حرية وحقوق تقرير المصير للجنوب دون أن تنجح في إستئصالها أو حذفها من الضمير الشعبي و الذاكرة الوطنية.
وتلويح الرئيس اليمني بالإستئصال و الإبادة وهو الذي جاء بعد أيام قليلة من جريمة ضرب المدنيين العزل بالطائرات العسكرية التي إختفت و قبرت ملفاتها ضمن ملفات إرهاب دولة عديدة تم إقبارها!، هو تصرف لا ينم عن حصافة ولا عن مسؤولية مفترضة للقيادات العليا بل يعبر عن حالة فشل متأصل في الوصول لحلول وطنية مقنعة تنهي الأوضاع المأساوية في اليمن و التي يدفع الشعب اليمني الفقير المحطم وحده أثمانها من وجوده و مستقبله، الحقائق الميدانية تقول بصراحة من أنه لن يستطيع أي طرف حذف و إلغاء و إستئصال الطرف الآخر؟ لأنه ببساطة مطلقة لا يمكن أبدا محو وجود الشعوب و لا التجاوز على الثوابت الإنسانية، و النظام اليمني يعلم جيدا بأن حرب الإستنزاف التي يخوضها سترتد عليه في النهاية لأن حروب صعدة البائسة لا تعبر عن توجهات يمنية داخلية بقدر ما تعبر عن إرادات إقليمية ودولية لا علاقة لها أبدا بمصلحة الشعب اليمنيأو مستقبله الذي أضحى على كف عفريت بسبب الإدارة السيئة للصراع من قبل النظام الذي إرتضى لنفسه أن يكون بيدقا لتمزيق اليمن الممزق أصلا، الحلول الإستئصالية لن تجدي نفعا مع قوم صمموا على تحقيق أهدافهم و تطلعاتهم الوطنية المشروعة.
ومع الإصرار السلطوي على إنتهاج حوار الدم في الشمال تتعزز إرادة الجنوبيين في تصحيح المسيرة و التاريخ و النضال من أجل حق تقرير المصير و إعادة دولة الجنوب الحضارية العلمانية وفق رؤى و توجهات معاصرة تأخذ بنظر الإعتبار كل دروس الفشل و المأساة التاريخية الماضية، فالنظام الذي يتوعد شعبه بالإستئصال قد وصل لنهاية طريق الفشل بما يفتحه من إحتمالات مرعبة، الحوثيون بصرف النظر عن كل الآراء و الدعايات من الأنصار و الخصوم هم في النهاية جزأ لا يتجزأ من التركيبة الشعبية و التاريخية اليمنية،وهم بالتالي عنصر فاعل و أصيل من عناصر الشعب اليمني وحضارته الموغلة في القدم، كما أنهم ليسوا طارئين و لا مستوطنين أغراب!!
إنهم أهل البلد وصناع حضارته و حوار الدم السلطوي لا يمكن أن يلغي الحقائق أو يحرف الأشياء، ومن يقتل اليوم في هذه الحرب التعيسة ليسوا من الفرس و لا الروم أو ألأحباش.. إنهم أهل اليمن الذي يريد النظام اليوم إستئصال بعضه و تحويل البعض الآخر لهنود حمر و إعتبار البعض أيضا مجرد زمر من العبيد!!
لقد فشل النظام اليمني فشلا ذريعا في إدارة الأزمة، و الحرب في صعدة هي حرب فاشية فاشلة لا جدوى لإستمرارها و الخضوع لرأي الشعب هو الحل الأوحد لتجنب سيناريوهات الكارثة القادمة، أما نضال أهل الجنوب اليمني لتصحيح المسيرة و الأخطاء التاريخية فهو يسير بخطى ثابتة للأمام مع كل فشل سلطوي في معالجة الأزمة... لقد آن الأوان لأحرار اليمن أن يكتبوا التاريخ من جديد....!.
[email protected]
التعليقات