ترجمة: نائل الطوخي
ولد يهودا عميحاي عام 1924 وتوفى عام 2000. يعد من أهم الشعراء الإسرائيليين. هاجر مع عائلته من ألمانيا إلى إسرائيل عام 36، وشارك في الحرب العالمية الثانية، ضمن إطار الفيلق اليهودي الذي كان يحارب مع بريطانيا في مصر. كما عمل في تهريب السلاح وتسهيل إجراءات الهجرة اليهودية غير المشروعة لإسرائيل قبيل إعلان الدولة. وحارب في الجانب الإسرائيلي عام 1948 بكتائب البالماح. نشر عام 1955 ديوانه الأول quot;الآن وفي الأيام الأخرىquot;، الذي حاز صدى نقدياً واسعاً وحصل بمقتضاه على جائزة شلونسكي للشعر. وكان أول شعراء ما سمي بـquot;جيل الدولةquot; [أي الجيل الذي تأسس أدبيا مع إعلان قيام دولة إسرائيل] حصولاً على جائزة إسرائيل عام 1982. من دواوينه quot;خلف كل هذا تختبئ سعادة كبيرة.. 1979quot;، quot;حتى قبضة الملاكمة كانت ذات يوم أصابع ويدا مفتوحة.. 1989quot;، quot;مفتوح مغلق مفتوح.. 1998quot;، وله رواية بعنوان quot;ليس من الآن وليس من هنا.. 1963quot;، تم تلحين وغناء أكثر من 100 قصيدة له. وكتب الناقد والمترجم الفلسطيني أحمد عمر شاهين كتابه quot;تشابك الجذورquot; عن أعماله. لقراءة قصيدة أخرى له بالعربية.
حب البلد
والبلد تنقسم لمناطق الذكريات واسطوانات الأمل،
وسكانها مختلطون بين هذا وذاك،
كالعائدين من زفاف، عندما يختلطون بالعائدين من جنازة.
والبلد لا تنقسم لمناطق الحرب ومناطق السلام.
ومن يحفر حفرة ضد القذائف،
سيعود لينام فيها مع فتاته،
إذا حل السلام.
والبلد جميلة.
حتى لو كان الأعداء حولنا يزخرفونها
بالسلاح اللامع في الشمس
كالعقد حول الرقبة.
والبلد تشبه الطرد:
وهي مربوطة جيداً، وكل شيء موجود فيها، وهي مربوطة بإحكام
والخيوط تؤلم أحياناً.
والبلد صغيرة جداً،
ويمكن لي أن أحتويها بداخلي،
تجريف التربة يأكل راحتي
ومنسوب بحيرة طبريا دائما في عقلي.
ولذا فيمكنني دائما أن أشعر بها كلها
عندما أغلق عيني: البحر الوادي الجبل.
ولذا بإمكاني أن أتذكر ما حدث فيها
مرة واحدة، كرجل يتذكر
كل حياته لحظة موته.
****
الكثير جداً
الكثير جداً من أشجار الزيتون في الوادي.
الكثير جدا من الأحجار في المنخفض.
الكثير جدا من الموتى، القليل جداً
من الأرض التي ستغطيهم.
ويجب علي الرجوع إلى المناظر المرسومة
على العملات الورقية
وإلى وجه أبي على العملات المعدنية.
الكثير جدا من مراسم الذكرى
القليل جدا من التذكر.
أصدقائي نسوا ما درسوه في صباهم.
في مكان خفي ينام صباي،
وأنا دائما في الخارج، طعام الأرواح الجائعة.
الكثير جداً من التعب،
القليل جداً من العيون التي تحتويه.
الكثير جداً من الساعات،
القليل جداً من الزمن.
الكثير جداً من الأسابيع المقامة حول العهد القديم.
الكثير جداً من الشوارع
القليل جداً من الطرق،
التي يسيرون فيها فعلاً، كل إلى مصيره.
الكثير جدا من الأمال
التي هربت من سادتها.
الكثير جداً من الحالمين.
القليل جداً من الأحلام،
والتي سوف يقلب تفسيرها تاريخ العالم
مثل أحلام فرعون.
الحياة مغلقة من خلفي.
وأنا في الخارج، كلب
للريح القاسية العمياء
التي تدفعني دائما في ظهري.
أنا أليف، أقوم وأجلس
وأنتظر حملها في شوارع حياتي،
والتي قد تكون هي حياتي الحقيقية.
***
أريد أن أموت على سريري
طول الليل كان جيش بعجلات يتقدم
ويصل إلى ساحة المعركة ومابعدها،
الموتى في الأرض كانوا ينامون بالطول والعرض،
وأنا أريد أن أموت على سريري.
أعينهم كانت ضيقة كأنما هي دبابة بشبابيك،
أنا دوما قلة وهم كثيرون،
أنا مضطر للإجابة، وهم يمكنهم استجوابي
ولكنني، أريد الموت على سريري.
واو يمكنهم استجوابي
ولكنني أريد أن أموت على سريري
شمشون، سر بطولته في شعره الطويل والأسود
شعري أنا قصوه عندما جعلوني بطلا إلزامياً،
وعلموني أن أدوس على قوسي،
ولكنني أريد أن أموت على سريري.
واو هم يمكنهم....
رأيت أنه بإمكاني السكنى والعيش جيداً
وتأثيث بلعوم الأسد أيضا، لو لم يوجد مكان آخر،
لم يعد يهمني لو مت وحيداً،
ولكنني أريد أن أموت على سريري.
واو يمكنهم....
لم يعد يهمني لو مت وحيداً
ولكنني أريد أن أموت على سريري.
****
لا يصل نقطتين
نجم صغير تزوج بنجمة
بالداخل كانوا يتحدثون بالألمانية عن كارثة قريبة.
أردت تذكر المغني ولم أتذكر إلا الجملة
لأنه لا يصل بين نقطتين إلا خط مستقيم واحد.
كلب مهمل طاردنا على طول الشارع
صرخت، ألقيت حجراً، ولم يتركنا.
ثم ضعنا منه، وكذلك هو ضاع منا.
لا يصل بين نقطتين إلا خط مستقيم واحد.
بكاؤك الصغير يكفي لكثير من الألام،
مثل قطار يجر عربات كثيرة
متى سنعود البيت؟ انتظري قليلا
حيث لا يصل بين نقطتين إلا خط مستقيم واحد.
أحيانا الشمس تكون مذكرة، أحيانا مؤنثة،
أحيانا نكون اثنين، وأحيانا أكثر من عشرة آلاف.
أحيانا لا أعرف من يقبض علينا بيده
ولكن لا يصل بين النقطتين إلا خط مستقيم واحد.
حياتنا المكتوبة أصبحت هي حياتنا الشفوية.
حياتنا في العالم القادم هي حياتنا في هذا العالم.
حياتنا المسرعة وحياتنا التي تمر ببطء.
لا يصل بين النقطتين إلا خط مستقيم واحد.
***
تذكروا واذكروا
وأنتم، يا من لا تذكرون إلا الوجوه،
لا تنسوا الأيدي الممدودة
والسيقان التي تجري بسهولة
والكلمات
تذكروا أنه حتى الطريق للحروب الرهيبة
يمر دائماً بالحدائق والشبابيك
وبالأطفال الذين يلعبون والكلب الذي ينبح
تذكروا واذكروا قبل أن نقتلع
أوراق الشجر والغصون،
اذكروا الأشواك القاسية
التي كانت صلبة في الربيع.
ولا تنسوا أنه حتى قبضة الملاكمة
كانت ذات يوم أصابع ويداً مفتوحة
****
في حديقة مسحورة
في حديقة مسحورة يجلس رجل صاح،
نصفه مضاء، نصفه نسّاي.
نادته أمه من شباك النوم،
ولكنه لم يكن نائماً، ولذا لم يستجب،
وخرج وحده من الجدار،
نصفه نفسه، نصفه آخر.
وعاش قصة حب مشهورة.
ومن وقتها لم يعد للحديقة المسحورة.
عاش جيداً، وعاش في كرب
وإذا لم يمت كان ليواصل الحب.
نقلا عن quot;هكذا تحدث كوهين: مدونة عن الأدب الإسرائيليquot;
http://hkzathdthcohen.blogspot.com/