ايلاف: في إطار اختيار quot;بيروت عاصمة عالمية للكتابquot;، نظّم مجلس الفكر ندوة شعرية حول ديوان quot;لا!quot; للشاعرة كارمن الحاج تحت رعاية وزارة الثقافة في قصر الأونيسكو حضره جمع كبير من الشعراء والأدباء وفاعليات اجتماعية وإعلامية نذكر منها العقيد محمد الرغاوي ممثلاً قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي والأستاذ عماد هاشم ممثلاً وزارة الثقافة. وديوان quot;لاquot; عبارة عن قصة حب قدّم لها الشاعر هنري زغيب وتقع في جزء واحد من 104 صفحة من الحجم الصغير (12 * 17 سم). الكتاب إصدار خاص يضم اثنتي عشرة قطعة شعرية تتراوح بين 4 أبيات وعدة صفحات إضافة إلى التوطئة وعشر قطع نثرية تختتم الأثر هي عبارة عن بلاغات سبعة ذات تناقص تصاعدي. الديوان هو المجموعة الأولى للشاعرة كتب بمعظم نصوصه بين العامي 1995 و1996.


باكورة غنية بالرموز والدلالات
استهلت الندوة رئيسة مجلس الفكر الدكتورة كلوديا شمعون أبي نادر بكلمة ترحيبية أشارت فيها إلى أن اختيار بيروت تاسع مدينة عاصمة عالمية للكتاب للعام 2009 لم يكن اعتباطياً ذلك أن quot;بيروت قلب لبنان- لبنان الحريات والإبداع والإنسانquot;. بعد أن أجابت على التساؤل لمَ بيروت؟ لضلوعها في عمق التنوّع الثقافي والحوار والانفتاح وقبول الغيرية بمحبة واحترام التعايش المسالم: معطيات يساهم الكتاب في نشرها بجدية وفعالية.
وتعاقب على المداخلات أربع متكلمين أولهم البروفسور الشاعر جورج طربيه جاء فيها: quot;تريُّث الكاتبة كارمن الحاج قبل إصدار باكورة نتاجها الأدبي ينمّ عن احترام عميق للذات وتهيب ورهبة في حضرة الكلمات وهي الأكاديمية ذات الرتب والإجازات المتعددة*. انتظرَت طويلاً لتصدر كتيّباً ضئيل الحجم غنياً بالرموز والدلالاتquot;.

لا! أثر يغري بالقراءة
وأضاف طربيه: quot;لقد عنونت باكورة أعمالها بالحرف اليتيم quot;لاquot; وهو من أبلغ الحروف وأوشاها تعبيراً عن الرفضية وقوة الشخصية والمبدئية في القناعات والتصرفات. نشعر فعلاً بأننا أمام أثرٍ مغرٍ بالقراءة، يشدّنا إليه. وتصف الكاتبة تجربتها بأنها متواضعة، فهي تلتزم النقد الذاتي، لديها الجرأة العلمية لتقول بأن الكتاب مجرد تجربة... تعلن الحب العظيم الصامت ويرفرف على صفحاتها زمان الأندلس والهجرة الى الشمالquot;bull;

كارمن... في الأعماق شاعرة أصيلة
وختم طربيه متوجهاً إلى الشاعرة: quot;لقد وعدتِنا في باكورتك بمجموعة ستصدر قريباً باللغة الفرنسية، إنك في الأعماق شاعرة أصيلة، إلى الشعر الشعر نحن ذاهبونquot; وهنّأها على نتاجها وشكر مجلس الفكر الذي يُتقن الغوص في اللآلئ.

الهروب مرتين
وألقى المحامي والشاعر رياض مطر كلمة توقف فيها عند اللغة الشعرية التي يحفل بها الديوان، قال: quot;النظرة ثاقبة، الرؤية واضحة، والسحر يتناغم بين تضاعيف السطور والسطور والحب حب، إنما... بجنونquot;، وأضاف: quot;ديوان quot;لا!quot; هو الهرب مرتين: مرة إلى لبنان ومرة إلى الحبيب. وبين الهروبين فسحة واسعة تكوّنها قصيدة quot;الفراشة والعصفورquot; وهي قصيدة القصائد فهي الحب كلّهquot;. وختم quot;كارمن الحاج شاعرة واعدة مثقفة، حالمة، هاربة ومجنونةquot;.

شاعرة تضجُ بازدواجية المرأة الكونية
وتحدثت الشاعرة إلهام شمعون عبد النور عن الرومانسية التي ميّزت نصوص quot;لا!quot; وصورة المرأة فيه. ومما جاء في وصفها للشاعرة: quot;دافئةٌ شرقية بحبها، غربيةٌ بتمردها، عاشقةٌ إلى حدود العبادةِ، تضجُ بازدواجية المرأة الكونية التي تخطَّت حدود المكان والزمان حتى ارتقت امرأة كل زمان ومكان بمتناقضاتها. فراشةٌ عاشقة رقيقة بحجم كوكب ناري متمرّدٍ على تعبِ وكأبةِ من استعصت عليه كلمةُ quot;لاquot;quot;.

وأكدت عبد النور: quot;إن لشعرك كياناً مستقلاً خاصاً وهويةً مستقلةً خاصةًquot; مستخلصة المعنى العميق للأثر الأدبي بقولها: quot;وقفت أمام قصائد كارمن أبحث عن اللا فوجدتُ النعمquot;. صرخةُ quot;اللاquot; بصخبها وعمقها وبُعدها مُدوِية في أقصى رحاب quot;النعمquot;. وتركت الأديبة الشاعرة سؤالاً معلقاً حول الإزدواجية ينبعث من طيات الديوان بأبعاده الإنسانية الإجتماعية: quot;هل الازدواجية من كينونة المرأة الشرقية وتكوينها؟ أم جبارٌ يفرضُ واقعه لأن المرأة تجمع في كفّيها كيانها كامرأة وهذا الآخر ndash; الرجل؟quot;

من لدن الألم تولد العظائم
وختمت اللقاء الدكتورة أبي نادر بلفتة فلسفية قائلة: quot;ديوان quot;لا!quot; سوطٌ تَجْلُدُ به الشّاعرة، تَنَسُّكَ كِبْرِيائِها المُتَعَفّفِ رَفْضاً لِهَتْكِ مُجُونٍ، اختَصَر حَريميّةَ الرّجل بِنَزْوَةٍ، حَبِلَتْ بأُنثى ارْتَضَت الخِتانَ لعواطِفها كُرْمى لحرّيةٍ اسْتَعْبَدَتْها يوماً، فكان موتُ أنوثَتِها ثَمَناً لانْعتاقِهاquot;، مؤكدة أن quot;ما من قيامةٍ لولا الموت، وما من إبداعٍ لولا الأَلَمquot;. معتبرةً أن الحبيب شكّل ماهية ذلك الألم وجُرحَ الشاعرة النّازِف وبالتالي ولادتها الثانية.

وردة الدهشة هذه الصبية!
أما الشاعر هنري زغيب الذي قدم للكتاب فوصف أُسلوبُه بالمتوهِّج (لا المتوتِّر)، السريعُ (لا المتسرّع)، الحاد (لا المحدود). ومما جاء في كلمته: quot;في نصّ كارمن فجاءة الدهشة التي تباغتك باللامتوقعquot; مستنتجاً أن الجرأة هي السمة المميزة للديوان ومؤلفته، مؤكداً: quot;هذه الصبيّةُ تَجرؤ. في فضاءٍ لَها وسّعت له جانِحيها بدون quot;تابوquot;، وسِعت لَها ومعها رحابةُ البوح حتى القمة العليا. تَجرؤ. تقول quot;لاquot; بكل ثقة. الـquot;نعمquot; الأسهل لا تعنيهاquot;.
أما الشاعرة فأهدت ديوانها quot;الى كل سيدة أرادت أن تتغزل بحبيبها بطريقة أخرى، متوقدة متمردة خاصة.. أن تقول quot;لاquot;. كما أهدته الى كل رجل أراد أن يقرأ بيقين في قلب حبيبته، فالمرأة لغز يضيّع الرجل نصف عمره ولا يفكه في النهاية إلا صدفةquot;. وفي الختام قامت بتوقيع ديوانها quot;)لا!quot; ndash; نصوص لحب لن يتحقق( على وقع أغنية quot;لا!quot; للفنانة ماجدة الرومي ضمن حفل كوكتيل.