كامل الشيرازي من الجزائر: يشكّل المهرجان الدولي الثالث للمنمنمات والزخرفة الذي تحتضنه الجزائر حاليا، منارة حقيقية للهائمين بروعة الخط العربي، وتجلياته البديعة عبر مناحي المغاربي والكوفي والديواني، وغيره من جماليات وسحر كبرى مدارس المنمنمات من مهد الفرس وأرض الرافدين وموئل الفراعنة وصولا إلى الأندلس والمنطقة المغاربية.
يحتوي المعرض الذي يشارك فيه 30 فنانا من الجزائر و40 فنانا تشكيليا من الخارج، 170 منمنمة وزخرفة تم إنجازها بتقنيات مختلفة، ويشهد الموعد عديد الأعمال المثيرة للاهتمام، على غرار ما أبدعته مواهب صاعدة مثل quot;عدنان نجاةquot;، quot;حمزة عباسquot;، quot;أمينة علويquot;، إلى جانب أسماء لها صيتها على غرار quot;علي كربوشquot; وquot;مصطفى عجوطquot;.
وفي مقام خاص، يبرز الفنان التشكيلي quot;ياسين قاسيمي الحسانيquot; بريشته البارعة وتقنياته المختلفة في زخرفة الخط العربي، ويعرض في لوحاته التي تتميز بشفافية كبيرة أبياتا شعرية من أزمنة عريقة وكذا عبارات وأمثال مأثورة منقوشة بالقلم والريشة التقليدية، في أبهة تفور بالروعة .
واخترع الحساني الذي تلقى تكوينا في الخط العربي بحاضرة بغداد على يد الأستاذ quot;غاني علانيquot;، وفي إيران تحت إشراف الأستاذ quot;عبد الله كيايquot; أسلوبه الخاص مزينا الحرف بزخارف ورموز مسطرة بالقلم، مثلما تبرزه لوحات quot;الحلايquot; وquot;حلم رسالةquot; وquot;آثارquot;.
كما يتسنى للزوار تأمل بعض اللوحات الساحرة، مثل ليسنور تافاسلي (تركيا)، quot;ألويز أودري (فرنسا)، أكامري أليردا (إيران)، سناجار ماجيدونه (أوزباكستان)، ردفان أمين محمد ناصر (اليمن)، علي داهية (المغرب)، ميرزا محمد اليبير (الهند)، ميتنا العبيدي (العراق) وسيرين عبد الرحمان علي الشوبيكي (الأردن).
وعلى هامش المهرجان، يقترح هذا الحدث الثقافي ورش و ندوات حول quot;المنمنمات بين الواقع والخيالquot;، quot;روح الشرق في الفن التشكيلي العالميquot;، و quot;المنمنمات في عهد وسائل الإعلامquot; كما سيتم تنظيم مسابقة لتحديد أفضل الأعمال في تظاهرة أضحت تقليدا سنويا وفضاءا لتبادل الخبرات وبروز المواهب الشابة على درب الارتقاء بهذا الضرب الفني العريق.
وسبق المسابقة الدولية للمنمنمات والزخرفة التي احتضنتها بولاية المدية (90 كلم غرب الجزائر)، أن اختطفت الأضواء من خلال اشتغال منشطيها على فن التزيين بالذهب على الورق.
وسحرت الأعمال الفنية التركية المعروفة بفن النسخ القديم أو بما يسمى بـquot;إعادة إنتاج الورود الطبيعيةquot; المقدمة للمنافسة، عموم النقاد والزوار على حد سواء، حيث أتيح للكثيرين فرصة استكشاف هذا الفن العريق لأول مرة.
وتوضح الدكتورة التركية quot;منفار إيسرquot; المختصة في فن الزخرفة على الورق، أنّ فن التزيين بالذهب الذي برز إلى الوجود بين القرنين 16 و18، يعكس جمال الطبيعة في شكل نصوص مقدسة أو أعمال شعرية وأدبية كلاسيكية.
كما تؤكد منفار أنّ فن التزيين بالذهب المستوحى من المدرستين الفارسية والصينية، يعد مرجعا رئيسيا يحرص الأكاديميون الأتراك على استرجاعه وإثرائه على مستوى المخطط التقني ومخطط الإبداع والأصالة، وذلك دون الانحراف به عن القواعد الكلاسيكية، وأضافت الفنانة التركية أنّ هذا الفن شهد رواجا كبيرا على مستوى النقاد والجمهور العريض الذين أبدوا اهتمامهم أكثر فأكثر بهذا النوع الرفيع من الفن.
ويتصور فنانو المنمنمات أنّ فن التزيين بالذهب هو ثمرة امتزاج الكيمياء والورق والذهب، ويحمل رؤية شاملة للفن العالمي من خلال الألوان الممزوجة المستعملة العاكسة لمنمنمات الحياة والأبدية والسلم والحب.

ويتوقع خبراء أن يحرز فن المنمنمات والخط العربي في الجزائر، مركزا رياديا على المستوى الدولي خلال السنوات المقبلة، وأوضحت الدكتورة ماجدة سعد الدين الناقدة الفنية والأستاذة بأكاديمية الفنون بالقاهرة، أنّه يتعين على الجزائريين مواصلة المسيرة على النحو المنتهج حاليا من حيث الجودة والتوجيه السليم طالما أن القدرات متوفرة، وأشادت ماجدة سعد الدين بمهارات جزائرية تحظى بسمعة طيبة في مجال الخط، على غرار فنانين مخضرمين أمثال: الهاشمي عامر، أحمد بلكحلة، وموسى كشكاش وغيرهم.