حمزة البحيصي ndash; غزة: في فندق مارنا هاوس في مدينة غزة يسكن المخرج الأميركي موريس جاكبسون منذ ما يقارب العام، بعد أن جاء إلى غزة عبر معبر رفح مع وفد ريتشل كوري للتضامن مع غزة.
تجاوز موريس الستين من عمره، ولكنه رغم ذلك متمسك بممارسته الإخراج والتصوير، فيوميا يمسك بالكاميرا ويجوب شوارع غزة، فيحضر كافة المناسبات الوطنية، ويتعرف ويلتقي الكثير من المواطنين، ويتحدث معهم، وقد يتفق مع شخص ويختلف مع آخر، في النهاية تتبلور لديه الأفكار والصور.
يقول موريس في حديثه quot;لإيلافquot;: quot;قمت بتصوير ما يزيد عن مائة ساعة فيلمية، وأنا الآن بصدد إعداد فيلم وثائقي مدته 90 دقيقة، سيكون جاهزاً مع نهاية هذا الشهر.
ويؤكد موريس أن فكرة إنتاج الفيلم جاءت من الواقع عندما منعت إسرائيل خمسة أعضاء من الكونغرس الأميركي من الوصول إلى غزة، ويبين أن فكرة الفيلم جاءت بعد حديث كثير من الفلسطينيين معه حول أهمية إطلاع العالم الخارجي على ما يحدث في غزة، وعن طبيعة المعاناة والمقاطعة الإقتصادية المفروضة، ويقول: quot;يجب أن نخبر الجميع عن قصة غزة لأن الناس تعايش اليوم الظلم ذاته الذي عايشه السود في جنوب افريقيا قبل حصولهم على حقوقهم السياسية والاجتماعية، فقد كان صراعهم صعبا، كما هو صراعكم الآن، ولكنهم نجحوا في نهاية المطافquot;.
ويوضح موريس أن الفيلم موجه للجمهور الغربي في أميركا وأوروبا، ولكنه يأمل من الجمهور العربي أن يقدروا وجهة النظر الغربية تجاه الأوضاع هنا في غزة.
ويتضمن التصوير الذي أنجزه موريس 12 فصلا، أنهى منها ثمانية فصول، وجميعها تركز على منطقة قطاع غزة من معبر إيرز شمالا إلى معبر رفح جنوبا، ويقول المخرج: quot; تحدثت على حاجز إيرز مع بعض الشخصيات ومنها جبر وشاح من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حول قضايا حقوق الإنسان، وفي عزبة عبد ربه التقينا مواطنين ومنهم محمد عبيد الذي فقد والديه في عملية الرصاص المصبوب على غزة، فضلا عن فقدان منزله ومزرعتهquot;.
ويتطرق من خلال فيلمه إلى الحياة اليومية بتفاصيلها كلهافيذهب إلى بيت حانون فيتحدث مع المزارعين حول الظروف الراهنة، ويشارك في تظاهرة على الحدود، ويحصل على لقاء قصير مع جون جينج مدير الأونروا حول قضايا اللاجئين، لينتقل بعدها ويزور مخيمًا للاجئين ويسمع من مايكل بايلي ممثل مجتمع المنظمات غير الحكومية الدولية، وأخيرا يزور منطقة الأنفاق في رفح ويتحدث مع رئيس البلدية وكثير من عمال الأنفاق هناك، ولم ينس موريس أن يلتقي عددا من أعضاء مختلف الأحزاب السياسية بما فيها الجبهة الشعبية وفتح وحماس.
وعن تسميته للفيلم quot;إن شاء اللهquot; يقول موريس: quot;معظم الناس في غزة إذا لم يكن جميعهم، لا يعرفون كيف سيكون مستقبلهم، ومن المستحيل أن تتنبأ كيف سيكون الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي في غزة في العام القادم، والناس هنا وضعوا مصيرهم في يد الله. ويضيف: quot;الكل منا يسمع عبارة إن شاء الله تستخدم عشرات المرات كل يومquot;.
ويشير إلى تكلفة إنتاج الفيلم فيقول: quot;ليس لدي أي تكلفة لأي عمل وثائقي أنجزته في غزة، وكل ما كان معي أنفقته للقدوم إلى هنا، وقد استغرق الأمر ثلاثة أشهر من الجهد في مصر، وقد كان من المستحيل الدخول عبر إسرائيل باعتباري مخرجا مستقلاquot;.
ويتابع قائلا: quot;لا أستطيع المغادرة لأنني لن أكون قادرا على العودة بسهولة، وأنا الآن لا أملك المال للسفر، وقد قمت ببيع الكاميرا لأكون قادرا على الخروج في جولة لعرض الفيلم، ولذلك اعتقد أن المشروع تم إنجازه من دون المالquot;.
quot;إيلافquot; سألت موريس إذا ما كان يتوقع النجاح لفيلمه هذا فأجاب: quot;الخطة هي أنني سآخذ المشروع لشاشات العرض في القدس والضفة الغربية وأوروبا والدول الإسكندنافية والولايات المتحدة وكنداquot;.
وسيقوم المخرج بتجهيز سلسلة من العروض العامة للفيلم على مستوى قطاع غزة وذلك خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر المقبل.
وسيسعى بعد إتمامه كل عرض خارج غزة أن ينشئ إتصالا بين الجمهور المحلي في أوروبا وبعض الناس في قطاع غزة، ليفسح المجال بالخارج للسؤال عن طبيعة الحياة هنا، وليتعرفوا إلى أهل غزة وجها لوجه.
موريس شخص متقشف، والسكن في غزة عقبة أمامه
الشابة لنا حجازي تعمل كمنتج مساعد في الفيلم، وتقول إنها سعيدة جدا لأن هناك أشخاصا كموريس يريد مساعدة الشعب الفلسطيني، ولديه رغبة صادقة في التغيير، وتضيف: quot;لم يكتف فقط بعمل فيلم وبثه عبر شاشة تلفزيون، بل يسعى لأن يتم عرض الفيلم في جميع أنحاء العالم، وتنظيم سلسلة لقاءات لإتاحة الفرصة للناس في الخارج معرفة غزة عن قربquot;.
وتقول quot;لناquot; إنها تساعد المخرج على إيصال رسالته للعالم، وأن الفيلم هو خطوة على الطريق، وتؤكد: quot;سنصل ولو بعد حين لتغيير السياسات الخارجية تجاه غزة، فإذا لم نتحرك للتواصل مع العالم، فستبقى الأمور على ما هي عليهquot;.
وترى أن إنجاز الفيلم داخل غزة ليس مشكلة، ولكن المشكلة هي في إكمال المشروع خارج غزة، وتشير: quot;موريس شخص متقشف يأكل الفلافل والحمص، ولكن أكثر الأشياء التي يدفع لها هو سكنه في غزة، وبالتالي فهو يعمل بهدف يؤمن بهquot;.