عبد الجبار العتابي من بغداد:ما زالت الفنانة الكبيرة ازادوهي صومائيل تتوهج عطاء وحضورا على الرغم من حالة شبه الاعتزال التي تعيشها، وهي برغبتها واختيارها، اذ انها تتمسك بمبادئها ولا تجامل فيها، فهي لاتعمل ما يخالف ذلك وما لاتقتنع به ولا تفكر في سبل العيش اذ ترى ان راتبها التقاعدي يكفيها على الرغم من ضآلته قياسا لتاريخها الفني المجيد، لاسيما انها التي تحمل لقب (راهبة المسرح العراقي) بجدارة واستحقاق، فتحاول ان لا تشعر بالملل وقد ابتعدت عن الفن قليلا لاعتبارات مبدئية، فتحرص على الحضور في المحافل الادبية والثقافية للتعويض عن الغياب عن عشقها الذي هو الفن.
* اين انت من المسرح وما سر غيابك عنه؟
- انا بعيدة عن المسرح منذ سنوات، فبعد مسرحية (نساء في الحرب) كان هناك مقترح ان نعيد عرضها، ولكن لعدم وجود وقت لم يتم ذلك، بالاضافة الى انني كنت ضد هذا التوجه في اعادة العرض، لان نحن قدمناها مرتين، مرة في الاردن ومرة في مصر، فلماذا لا نشتغل شيئا جديدا، صار ثلاث او اربع سنوات عملنا واخرون عملوا فلماذا هذا النص، فهناك بالتأكيد هناك نصوص جديدة اذا ما بحثنا.
* ألم تعرض عليك مسرحيات بعد نساء في الحرب؟
- لا توجد عروض، لان الان.. لايوجد مجال لذاك العمل بالمجموعات الكبيرة لمسرحيات كبيرة مثل ايام زمان، مثل النخلة والجيران والمومياء، الان لا يوجد نفس كالسابق، الان كل اثنين من الممثلين او ثلاثة يجتمعون ويقدمون نصا،خصوصا الشباب من خريجي كلية الفنون الجميلة والمعهد، فيما بينهم يعملون ويقدمونه.. وهكذا، واما الجمهور يحضر بعدد 20 شخصا او 40 او يقدمونه في منتدى المسرح، لا يوجد الان مسرح مثل تلك الاعمال المسرحية الكبيرة، تعرض اعمال هنا وهناك ولكن ليست بمستوى اعمالنا التي من المفوض ان نتواصل بها.
* ربما ينظر البعض الى ان ازادوهي ليست لديها القابلية الجسدية على تقديم عمل مسرحي، فماذا تقولين؟
- والله.. انا نفسي اعتقد انني لا امتلك تلك القابلية التي تجعلني يوميا اذهب واتمرن، لم يحدث ذلك عندي من قبل، ولكن ربما اذا ما اتواصل اكون بغير شكل، ولكن انا في ذاتي ارفض المشاركة ليس بسبب عدم وجود قناعة، بل لعدم وجود ذهن بحيث يمكنني ان اربط الاحداث، ولا ادري حقيقة، ربما استطيع وربما لا، لم اجرب.. لانني منذ سنوات عاطلة عن العمل.
* يقال ان الفنان حياته في الفن، هل تشعرين بالملل؟
- لالالا، ابدا والله، لا اشعر بالملل لانني في الاسبوع مرتين احضر الى اتحاد الادباء اسمع الشعر والتقي بالمثقفين، كان في السابق كان هناك مسبح القادسية كنا نذهب اليه، الان لا يوجد، وكنا طول النهار نعمل، اتمرن صباحا، اذهب الى المسبح، ثم اعود لاتمرن عصرا وفي الليل نعرض، هذا يعمل استمرارية للممثل، اما الان فبلا عمل، لهذا اجدني احيانا اشك في قدراتي، انا نفسي اشك فيها، ومن هنا حضور في المحافل الادبية يبعد عني الملل ان شعرت به.
* من اي مواليد انت وهل يمكنك التقاعد عن العمل فعلا؟
- انا من مواليد 1941، عمري الان 70 عاما، والمفروض ان اتقاعد فنيا، وان كنت متقاعدة من الدائرة منذ عام 2004، ومع ان الفنان لا يمكنه ان يعتزل، فأنا لم اعتزل.. ولكن لا ادري لانني منذ مدة طويلة لم اعمل، اي منذ اربع سنوات، وربما قابليتي للتمرين قادرة او غير قادرة، لا ادري.
* هل يمكن للمبدع العظيم ان ينضب في يوم ما؟
- بالتأكيد لاينضب، ولكن الخمود والخمول وكونه مركونا على جهة، يصيبه الصدأ، اي شيء تضعه مدة طويلة يكون محتاجا الى الجلي، جلي الروح، لا اقدر ان اقول انني 100 % مثل قبل خمس سنوات؟، بالتأكيد.. لا.
* ولكنك غائبة عن التلفزيون ايضا، الم تعرض عليك اعمال؟
- عرض علي ّفي رمضان الماضي عملان، لكنني رفضتهما، داخل العراق وفي سورية، احدهما يمجد الملكية على اساس انه يجعلها (وطنية)، وهذا ضد ايماني وعقيدتي او فهمي للموضوع، والاخر كنت قد احببت ان اشتغل شخصية معينة فيه وكان المخرج قد اعطاها لممثلة اخرى، فلم اجد شخصية تستهويني في المسلسل عندما قرأت النص، فأرجعت النص على هذا الاساس.
* هل تحزنين لعدم العمل لمدة طويلة؟
- ابدا، لانني ارفض بكل انفة وكل كبرياء لان المفروض انا من يختار وليس هم يفرضون عليّ، انا اختار الاعمال من اجل مستوى الناس على الاقل في رأيي انهم يستحقون العمل الذي يجب ان يقدم لهم، اشعر بالغبن اذا قبلت اي عمل، فمن غير الممكن ان اخطو خطوة تؤذي مشاعر الناس او استخف بمشاعرهم او اغالط نفسي امام نفسي، من المعيب بعد هذا العمر ان افعل ذلك، ولابد ان نختار اعمالنا.
* ما سبب حضورك الدائم في المحافل الادبية وبالتحديد نشاطات اتحاد الادباء؟
- احضر كما كنت احضر سابقا حفلات الفرقة السمفونية الوطنية، واعتقد ان الشعر والموسيقى هما غذاء للروح وغذاء للذهن، ايضا انا استمتع بالاستماع الى عدد كبير من الشعراء جاءوا من كل البلاد، من اقصاها الى اقصاها، في سبيل ان يسمعوننا كل ما عندهم من شرف واخلاق وابداع، ولابد ان نحضر نحن، وان لم نحضر فلماذا هم يأتون ويقطعون هذه المسافات،ليس كل شيء افهمه بالتأكيد، وليس كل شيء استمتع به، ولكن المهم ان اتواجد، وان كنت استمتع بعشرة من عشرين فهذا خير لي، وهو تواصل مع اخواني واخواتي من مثقفي العراق بأحترامي، لماذا لا احضر فليست هناك اية شائبة على حضوري.
* الا ترين ان حضورك يشكل علامة فارقة كفنانة بين الادباء؟
- لا اشوف نفسي علامة فارقة، وعدم حضور الفنانات والفنانين في المحافل الادبية لانشغالاتهم بينما انا ليس لديّ انشغال معين، لا اعمل للتلفزيون كثيرا ولا عندي عمل مسرحي حتى يعيقني او اقول هناك سبب يجعلني لا احضر، كما ان لديّ وقتا، فلماذا لا احضر واتواصل مع مثقفي العراق واتواجد معهم واستمع اليهم، لا اعتقد وجود اي ضير في ذلك.
التعليقات