زايد: يوجد وجهاء متأدبون، الشقحاء: اللائحة الجديدة تبشر بالخير
الدويحي: من يصنع الثقافة؟ فقيهي: الثقافة مواجهة لا واجهة، البطران: من هو الأديب؟
الأحمدي: الشاعر للجمهور.

عبدالله السمطي من الرياض: قابل الأدباء السعوديون لائحة الأندية الأدبية الجديدة التي أقرها وزير الإعلام والثقافة الدكتور عبدالعزيز خوجة بقدر من الحفاوة و التفاؤل، واعتبرها البعض بشرى طيبة لتطوير الأندية الأدبية، فيما عدها آخرون نقلة نوعية في العمل الثقافي الرسمي، بينما أعدها فريق آخر بأنها لم تخرج عن نطاق اللائحة القديمة، وأنها مجرد لائحة رسمية غاب عنها رأي المثقفين.
مصدر التفاؤل يعزى إلى أن اللائحة الجديدة تستل من اللائحة القديمة التي صدرت في سبعينيات القرن العشرين مسألة عقد جمعية عمومية لكل نادي، وإجراء انتخابات لتشكيل مجلس الإدارة، وهي المسألة التي غابت عن الأندية الأدبية لأكثر من عشرين عاما.
وقد نشر نص اللائحة (الأحد 20 يونيو 2010) في وكالة الأنباء السعودية، وأرسلت لجميع الأندية الأدبية الستة عشر بالسعودية لتطبيقها فور وصولها.
ومن أبرز ما جاء في اللائحة تحديد أهداف الأندية الأدبية من خلال إبراز واقع وتاريخ المنطقة الأدبي والثقافي بخاصة والمملكة بعامة، وتوثيق أواصر الصلات الأدبية بين الأدباء، والتعاون مع الجهات الحكومية ذات الصلة، وتشجيع المواهب الأدبية الشابة ورعايتها، وعقد انتخابات لمجلس الإدارة، وفتح المجال للعضوية دون وضع تعريف جامع مانع لمن يحق له الانتساب للأندية الأدبية، فمن الشروط التي جاءت باللائحة لمن يحق له العضوية بالنادي الأدبي أن يكون حاصلا على مؤهل علمي يحدد مستواه مجلس الإدارة، وأن يكون قد أصدر كتابا أدبيا مطبوعا أو أكثر، وألا يقل عمره عن عشرين عاما، والشروط الثلاثة هذه تحتمل تأويلا آخر، وأسئلة جديرة بالانتباه، حيث يوجد أدباء مبدعون دون مؤهل علمي، ويوجد شعراء شعبيون لم يلتحقوا بمدرسة أو جامعة، كما يوجد عدد لا بأس به من الأدباء السعوديين لم يصدروا كتبا، منهم مثلا: أحمد عسيري، وعبدالله الصالح، ومحمد زايد الألمعي.
اللائحة الجديدة بقدر ما أثارت التفاؤل أثارت آراء متعددة، وأسئلة متنوعة لدى عدد من الأدباء السعوديين.. إيلاف تصغي هنا لبعض هذه الآراء:
في البداية تحدث الأديب محمد منصور الشقحاء فرأى أن اللائحة الجديدة تبشر بخير، وأنها تعيد للأندية الأدبية روحها المستقلة، وقال: يجب على الأندية أن تعمل قاعدة للجمعية العمومية، وأن توزع بطاقات عضوية برسوم، لأن الأندية ستقوم بعمل الأنشطة الثقافية، والمشاركات الداخلية والخارجية للعضو.

آلية التطبيق:
وعن قراءته الأولية للائحة أكد الشاعر محمد زايد (رئيس نادي أبها الأدبي السابق) على أنه لا يوجد فارق بين اللائحة الجديدة والقديمة، سوى في تحديث بعض العبارات والكلمات، وأن الخوف يتمثل في آلية التطبيق، وفي كيفية اختيار عضو الجمعية العمومية وعضو النادي الأدبي، فقد تكون هناك ثغرات في التطبيق.. فهناك مشكلة وجود بعضquot; المتأدبينquot; والأكاديميين، فكل أكاديمي يدخل النادي ويحتل مكان الأديب المبدع، فيجب على كل شخص ليس له أي إبداع معرفي مستقل أن يبتعد عن هذه الأندية، ولا يزاحم الأدباء فيها.
ويضيف زايد: هناك وجهاء متأدبون، وهؤلاء المحترمون لا نطعن في شيء من مبادئهم وأخلاقهم، هؤلاء لا يعنيهم هذا المكان، لكنهم quot; عُوّدواquot; الحضور إلى النادي، ومن هنا يجب تصميم استمارات عضوية تحدد بدقة من الأديب ومن غير الأديب.. وعلى أية حال الوضع مبشر، وجيد خاصة في إجراء الانتخابات، وهو الأمر الذي كنا نطالب به من قبل.
ويستدرك محمد زايد بسؤال عن عدم تحديد اللائحة للحد الأدني للجمعية العمومية، وكم عدد أعضائها، فهناك مناطق لا يوجد فيها قدر كاف من الأدباء، ربما لا يتعدون خمسين أديبا، وهناك مناطق فيها وفرة في الأدباء، كما أن اللائحة لم تحدد مدى عدد الأدباء الذين يمكن لهم أن يطالبوا بإنشاء أندية أدبية جديدة، وهذه نقطة مهمة.

صناعة الثقافة:
ويتساءل الروائي أحمد الدويحي: من يخلق الثقافة؟ ومن يصنعها؟ ويضيف: إن اللائحة مجرد لائحة مطواعة، لينة، حينا، وشرسة في أحيان أخرى، فمن يستخدمها؟
أعترف لك ndash; يقول الدويحي- نحن مثقفون بلا مشهد أو ساحة ثقافية حقيقية، لا توجد عندنا مساحة ثقافية، فلا أحد يعيش على الثقافة، لا كممارسة ولا كسلوك، فالوزارة هي التي أصدرت اللائحة، وهي التي تديرها، والمثقفون في غياب.. كان يطلق علينا منذ فترة مسمى:quot; مثقفو النفطquot; واليم نحن quot; مثقفو الغرف المغلقةquot; نعيش بوجه في الخارج ووجه آخر في الداخل.
ثم ما هي انتخابات الأندية، وأي أسماء ستطرح والبيروقراطية مهيمنة على كل شيء، هل نملك ثقافة الانتخاب حقا؟ ثم أين هم أعضاء الجمعية العمومية لكل نادي أدبي؟ ومتى تتشكل جمعيات عمومية؟
من جهته يقول الشاعر أحمد عايل فقيهي: انا لدي حالة يأس من المسألة الثقافية، في ظل اللوائح والمعايير التي لا تخرج عن quot; شخصنة quot; الثقافة، فالذين يتقدمون الصفوف ليسوا هم الأفضل، وليسوا هم المعنيون بالثقافة.
الذين يرتادون المؤسسات الثقافية هم أقل الناس اهتماما بالثقافة والفكر- يوضح فقيهي- فالثقافة الحقيقية هي التي تأتي من خارج المؤسسة وليس من داخلها، وهي لا تنتج ثقافة حقيقية ولا إبداع حقيقي، فكبار المثقفين والمبدعين خارج المؤسسة الثقافية، والثقافة هي مواجهة مع الجهل والخوف. الثقافة مواجهة وليست واجهة، وكثير ممن يتسللون للمؤسسات الثقافية هم صغر المثقفين.
لم تشر اللائحة إلى تطوير الأندية الأدبية، وأبقتها في إطار الشعر والقصة والرواية، لابد أن تخرج إلى فضاء الثقافة بمفهومها الشامل بحيث تتضمن أيضا: الفن التشكيلي، والسينما والمسرح.

تعريف الأديب:
ويتساءل القاص حسن البطران عن تفعيل بنود اللائحة الجديدة ومتى يتم تطبيقها؟ ويضيف: لقد أغفلت اللائحة الجديدة تعريف الأديب، ومن يحق له الانتساب إلى النادي الأدبي فالشروط التي وضعتها اللائحة فضفاضة، وهنا سيستوي الأديب المبدع مع الباحث التاريخي والجغرافي أو الباحث في العلوم أو الرياضيات طالما أن له كتابا مطبوعا، كما سيدخل النادي الأكاديميون الباحثون في التراث وليس لهم منجز أدبي معين؟ وتساءل أيضا عن تفعيل الانتخابات وهل ستطبق وفق ما جاء في اللائحة، أم ستكون هناك اعتراضات من جهات أخرى. وطالب البطران باستثناء الأسماء الأدبية من رواد الأدب من شروط العضوية.
وعن استبعاد الشعراء الشعبيين من الأندية الأدبية، وعدم الإشارة للشاعر الشعبي رأى الناشر والبحث في التراث الشعبي عبدالرحيم الأحمدي أن المكان الأنسب للشاعر الشعبي يتمثل في جمعية الثقافة والفنون، بسبب جماهيريته ووصوله لمختلف الشرائح، أما دارسو الأدب الشعبي فمن الممكن أن تحتضنهم الأندية الأدبية.
وقد استحوذت اللائحة الجديدة على اهتمام المثقفين والأدباء السعوديين ونشرت استطلاعات ثقافية بمعظم الصفحات الثقافية اليومية اليومين الماضيين بعد تصريحات وكيل الوزارة للشؤون الثقافية عبدالله الجاسر التي أوضح فيها أن اللائحة الجديدة تلبي تطلعات المثقفين والأدباء، وتنهي زمن التعيين إلى الدخول في أجواء الانتخابات من خلال الجمعية العمومية بكل نادي أدبي.
وكتب الناقد الدكتور سعيد السريحي في زاويته بصحيفة عكاظ (الأحد 20 يونيو 2010) هوامش على اللائحة جاء فيها:quot; بوسعنا أن نؤكد على أن المؤسسة الثقافية لدينا والمتمثلة في الأندية الأدبية مقبلة على مرحلة مهمة يمكن لها أن تأخذ شكل الحراك الثقافي الإداري السياسي، والسياسي هنا يعني إدارة الثقافة وفق مفاهيم ورؤى تحدد اتجاهات برامجها وخط سيرها ونوعية أنشطتهاquot;.
يذكر أن عدد الأندية الأدبية في السعودية يبلغ (16) ناديا أدبيا، ويشرف على كل نادي أدبي مجلس إدارة مكون من عشرة أعضاء معينين من قبل وزارة الثقافة والإعلام التي تصرف لكل نادي مليون ريال سنويا للقيام بأنشطته الثقافية.