صلاح سليمان من ميونيخ: يتطرق المؤلف في كتابهquot; Wired for War quot;، الي هذا النوع المحدد من الحروب الحديثة، وهي الحروب التي تعطي فيها الاوامر وشن الهجوم بالتحكم عن بعد، ذلك ان التكنولوجيا الحديثة والمتطورة التي دخلت حروب القرن 21، والصورة التي ظهرت عليه، والنتائج التي ترتبت علي ذلك، كما حدث في حرب العراق وافغانستان، او حرب اسرائيل علي غزة هي التي دعت الكاتب لان يبحث في هذا المجال ويقدم كتابه الشيق الي.
بيتر سينجر مؤلف الكتاب هو نفسه طيار سابق وخبير عسكري وضع رؤيته بشكل مهني مما جعل للكتاب اهمية فهو يري ان الحرب الحديثة التي تعتمد علي القتل عن بعد باستخدا م التقنيات الحديثة باتت تشكل مسألة اخلاقية، وهي مازالت محل دراسة ونقاش لايتوقف من جانب الخبراء ولجان حقوق الانسان، ذلك ان الانعطافة التي جنحت اليها التكنولوجيا الحديثة في طريقة قتل البشر او من ناحية ان الحرب لم تعد حربا نظامية كما كان معروفا عنها بالقتال بين جيشين متقابلين، يقول الكاتب ان مصطلحات واعداء جدد دخلوا قاموس الحرب مثل الحرب ضد الارهاب او الحرب الدينية، ولم يتوقف الامر علي هذ التفسير لهذه المصطلحات، فمن جهة أخري بدأت الجيوش لاسيما الجيش الامريكي من الاستعانة بالشركات الأمنية الخاصة علي غرار شركة بلاك ووتر الأمريكية سيئة الصيت.

يستند الكتاب في جوهره علي الحقيقة المزعجة التي يمكن ان تؤدي اليها الحروب، ويأخذ الشريط التسجيلي المصور الذي تم تسريبه الي الموقع الاليكتروني quot;فيكي لاكسquot; والذي تم عرضه في شهر ابريل الماضي كدليل علي قذارة الحرب الاليكترونية المصورة فالشريط الذي عرضه الموقع سبب صدمة كبري للعالم، وكانت صورة حية كشفت عن تردي الاخلاق في الحروب، صور الشريط قائد مروحية امريكية وهو يفتح النار علي مدنيين عراقيين عزل في عام 2007 بشكل فاضح ومريب.. يقول الكاتب في ذلك العام رصد قائد المروحية الامريكية هذه المجموعة من الناس في أحد شوارع بغداد، ومن ثم طلب الاذن من قائده بالتعامل معهم ويفرد الكتاب اقوال الطيار التي رافقت التسجيل بصوته وهو يقول هل تسمح لي سيدي بفتح النار؟ اسمح لي بذلك؟ ثم اخذ الموافقة وفتح النار وقتل المجموعة البريئة ثم تلي ذلك صوته وهو يقول انظر الي هؤلاء الاوباش الممددين علي الارض!

يؤكد الكاتب في هذا الشان ان توثيق الحروب اتخذ اشكالا جديدة في التطور التكنولوجي الحادث في العالم فالتوثيق لم يعد مقتصراعلي جهة معينة فيمكن لأي جندي او عامل في الجيوش من توثيق ما يحدث بكاميرات الديجتال او الاقلام او ساعات اليد او اجهزة الهاتف النقال، ان تسريب بعض هذه التسجيلات في السنوات الماضية هو اكبر دليل علي هذا التطورفي امكانية فضح الاعمال الحربية المنافية للاخلاق ويري المؤلف ان تسريب هذه الاعمال فضح اخلاق العسكريين وسبب صدمة للعالم من جراء ما يحدث من عنف ووحشية وتدني اخلاقي.

من ناحية اخري يفند الكاتب تقنيات الحرب الحديثة ويقول انه اصبح بمقدورها حماية العسكريين من الموت ومن اخطار المجابهة مع العدو، وهذا يعود فقط علي من يملك هذه التقنية المتطورة ويري ان الولايات المتحدة الامريكية اصبح بمقدورها حماية جنودها بشكل آمن وكبير ويقارن في هذا المضمار بين الحروب القديمة والحديثة ويقول ان الحرب الحديثة اصبحت آمنة للجنود وحياتهم اصبحت بعيدة عن الخطر ويفرد عدد من صفحات الكتاب لإبرازمصادر هذه الحماية التي تتلخص في استطاعة القوات المهاجمة من تحريك آلاتها الحربية بعيدا عن عيون الاعداء ومن ثم استخدام الطائرات التي تطير بدون طيار لمراقبة الاعداء علي بعد مئات الكيلومترات وقتلهم بكل دقة اذا لزم الامر ذلك دون اللجوء الي المجابهة وجه لوجه.

خبرة المؤلف كمستشار عسكري في واشنطن وخبرته العسكرية الواسعة وخبرته ايضا في مجال الحرب الحديثة ساعدته كثير في اعداد دراسة ضمنها كتابه عن مؤسسةquot; بلاك ووترquot; الخاصة سيئة السمعة والتي شاركت في حرب العراق وافغانستان والتي تقوم الولايات المتحدة الامريكية باستئجار خدماتها نظير عقود يتفق عليها

احد اهم اجزاء الكتاب ايضا هو ما طرحه سينجر عن امكانية وجود اخلاق في الحرب الحديثة، وما مدي مشروعية الاسئلة التي تتعلق بالاخلاق والحرب ومن الذي يحق له شراء الاسلحة اللا سلكية الحديثة التي تقتل بكفاءة عالية عن بعد ومن يسمح له ايضا في استخدام الكاميرا لتوثيق الحرب ومن ثم مشروعية الاسئلة الاخلاقية والعادلة التي من حق البشر طرحها، كما يطرح هو نفسه اسئلة علي سبيل المثال من حقه شراء الاسلحة اللاسلكية والريبوتات التي يمكن ان تقتل عن بعد؟من من حقه ايضا استخدام الكاميرا باشكالها المتعددة وقيامه بتوثيق الحرب؟ هل باستطاعة كل فرد ذلك؟

وينتقل المؤلف الي جانب اخر في الكتاب ويتحدث باسهاب عن المشاكل والتعقدات التي نجمت اوقد تنجم من الاشارات الخاطئة التي قد تسببها الريبوتات في الحرب العسكرية ومن يتحمل المسؤلية انذاك، خاصة وانه يؤكد ان برمجة هذه الآليات قد لا تخلو من نسبة خطأ وهنا يكون السؤال من اذن الذي عليه تحمل هذا الخطأ؟ هل هو من قام بتشغيلها ام الذي اعطاها الاوامر ام الشركة المصنعة.. انه يري ان الحقيقة يمكن ان تغيب بتشتتها بين كل هذه الجهات.
انه يري ايضا انه بصرف النظر عن الجوانب الاخلاقية المتعلقة بالحرب فان الحرب عن بعد ستكون لها نتائج كارثية خاصة اذا ما رافقتها صور وشبهها بالافلام الاباحية اذ ستكون ضد الاخلاق والضمير.