كل شيءٍ يغرق الآن... أمامي
الجذر... المنفصلة تمام عن الأرض
والأطفال الذين لم أكن أريد لهم
الخروج من الدائرة التي رسمتها بعناية
في آخر صفحات كتابي
وميدان التحرير
بملايينه التي لا تزال خطواتهم معلقة
بين طريقين
طريق تهاوى
وآخر... ينمو بخشية على التراب
وقصيدة قرأتها في المنام
إلا أنها لا تزال ملتصقة بالكابوس
ورؤية لا أتبينها
إلا أنها تشير إلى دنو الأجل
واقتراب الموت من الأنفاس
***
كل شيء يغرق الآن... أمامي
خطوات الناس المضطربة على الأرصفة
والملامح المنتشية بالفراغ
والمشاهد المنغلقة على الصور
والعمر بسنواته الضيقة
ولغة الحوار التي ترتجف بشدة
على إيقاع الرصاص
والوطن الذي يتنفس الموت
بينما الزواحف والكائنات المخيفة
تحفر تحت حوائطه
الممرات والسراديب المظلمة
وتقيم في شوارعه المتاريس... والحواجز
التي تمنع الناس من المرور بحرية إلى المستقبل
***
كل شيء يغرق الآن... أمامي
المنازل المأخوذة بخشوع إلى الطوفان
والقطارات المسرعة على قضبان صدئة
ولعب الأطفال... وقطع البشر
التي يحركها السدنة في الغرف المظلمة
وذاكرة الأرض
والأرواح المندسة في أجساد مرتجفة
والمحال التجارية... ومباني المؤسسات الرسمية
ومقار الأحزاب... وأكشاك السجائر
والملاعب... والقرارات غير الموقعة
والأيادي التي فقدت أصابعها
والأقدام الملتهبة بالخطوات
***
كل شيء يغرق الآن... أمامي
الأصدقاء المارين على الذاكرة
من دون أن تمسني كلاماتهم
والأصدقاء الذين ظلوا لأعوام
محافظين على متانة الوقت
وقصيدة كتبها أبو القاسم الشابي... خلسة
غير أنها كانت سريعة الهطول
كغيمة شديدة الأمطار
وكتاب ظل مفتوحا رغم تآكل الأوراق
وصرخة استغاثة... أطلقها الشعب
تحت تهديد السلاح
بينما الخطوات محاصرة بأرتال الدبابات
***
كل شيء يغرق الآن... أمامي
الشعراء الخافضون أجنحتهم
بغية الوصول إلى قصائد تزن الأرض
والسحرة المنتشرون في البيوت... والشوارع
بحثا عن ثعابين يتخذونها أزرعا
والعناكب التي تضع على النوافذ خيوطها
والفقراء الذين أشعلوا الثورة
فسرقها المتربصون بقفزة واحدة
***
كل شيء يغرق الآن... أمامي
ضحكة كنت أدخرها ليوم العذاب
وكلمة وجدتها شاردة
فأعدتها بقوة الحب إلى القصيدة
وسعادة لم أتصور يوما
أنها خدعة ألفاها الزمن في محرابي
ومسافة... كلما اقتربت
اشتد العزف الغاضب على الأوتار
وملامح مأخوذة في اتجاه الغموض
وحقائق عن الحياة والحلم والطموح
تركها العمر فوق الشجرة
حينما اكتشف أنها مجرد سراب!
***
كل شيء يغرق الآن... أمامي
نظرات الخوف في أعين الأمهات والأطفال
بينما quot;الشبيحةquot; يطلقون الرصاص
على الحشود المنطلقة بقوة الحب
نحو الحرية والعدل... والسلام
والحقيقة المندسة خلف العتمة
والكلمة المشنوقة على ألسنة الناس
والطمأنينة التي تهرب من الوجوه
كلما اقتربت الدبابات من أطراف المدينة
بينما الحرية تغرق في الخطب المشبوهة
وفي خطوات المهرولين خلف المؤسسات!