عبد الجبار العتابي من بغداد: تحت شعار (العراق مهد الحضارة ومنبع الموسيقى) انطلقت في بغداد، ظهر يوم الاثنين، فعاليات ملتقى بغداد الموسيقي الأول الذي تنظمه دائرة الفنون الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة، ويستمر لاربعة ايام، بمشاركة عدد من الموسيقيين العراقيين والعرب والأجانب، وخصصت دورته الأولى لآلة العود،وتشمل جلسات نقدية وأمسيات موسيقية لآلة العود فضلا عن تقديم بحوث موسيقية مختلفة، رافق ذلك معرض لصانع العود فرحان حسن العواد ضم العديد من نماذج العود التي زينت البهو بشكل لافت للنظر، واعرب العواد عن سروره بعرض اعواده امام جمهرة المهتمين بالموسيقى خاصة ان العود له مكانة كبيرة،مؤكدا تفانيه في صناعة العود بالشكل الجميل الذي يستهوي عشاق الموسيقى،فيما كان هنالك معرض للصور الفوتوغرافية بعنوان (اوتار ملونة) للفنان محمد لقمان ضم العديد من الصور لكبار ومشاهير العازفين العراقيين، فقال: الانسان العراقي اهدى اول الة موسيقية الى العالم فكان العود من تلك الالات التي استخدمها للتعبير عن حاجات انسانية بين الفرح والحزن وحالات انسانية ن ومعرض الصور يحكي عن محطات الامل والتقدم التي هي رمز متجدد للحياة واوتار ملونة جديدة تطرز حياة الانسان.

واذ كان العود هو (العريس) في هذا المهرجان فقد كانت خشبة المسرح ساحة للابداع في عزف العديد من المقطوعات الموسيقية للعديد من العازفين افرادا وجماعة، وقد كانت النغمات العابقة بشجن العود لها سحر لايمكن الافلات منه لاسيما مع توالي العازفين وامتلاك رنات العود للفضاء الواسع على الرغم من اجواء الظهيرة، وفي اخير حفل الافتتاح كان الحضور البهيج للفرقة السمفونية العراقية بقيادة الفنان كريم كنعان وصفي وقد كان للعود امتزاج مع الالات الاخرى ابدع روعة في النغمات التي اطربت وادهشت واسعدت السامعين.

قال حبيب ظاهر العباس المدير العام لدائرة الفنون الموسيقية: هذا المهرجان علامة مميزة بين علامات المهرجانات التي تقيمها الدائرة لان يتمثل في الاحتفاء بالة مهمة وعريقة هي الة العود التي تمتلك من السحر الكثير، كما انه المهرجان الاول في بغداد للدلالة على عشق بغداد واهلها للموسيقى، ناهيك عن أهمية مثل هذه الأنشطة الموسيقية وإسهامها في ازدهار الحياة الثقافية في العراق.
واضاف: هذا المهرجان له نكهته الخاصة كونه يجمع نخبة خيرة من اهل الاختصاص من عرب واجانب ويقدم صورا عن التطور الحاصل في صناعة العود فضلا عن اهمية العود في الموسيقى العربية، كما لا ننسى ان هذا المهرجان الذي تتمخض عنه هذه اللقاءات والمؤتمرات الموسيقية ياخذ مكانة بارزة محليا ودوليا في التبادل الحضاري بين الشعوب؛ ما يعزز دور الموسيقى بين البشر الذين خلقهم الله شعوبا وقبائل تتباين لغاتها نطقا بمعان متفاوتة ثقافيا لكنها تتوحد بالموسيقى التي لا تحتاج ترجمانا انما ترجمانها المشاعر الانسانية النبيلة، و ما من شك في كون هذه التجمعات تسهم في المنافسة الشريفة كمجال خصب للابداع الذي يفجر الطاقات السامية ويعمق اثر عطائها في مسارات تساعد الانسانية على مزيد من الافادة منها في اكتشاف القابليات الجديدة تنشيطا للحركة الموسيقية والارتقاء بها الى مستوى العلوم التي ترصن الفاعلية الايجابية للفكر الانساني جماليا.

اما الدكتور عاطف امام عميد المعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة: تشرفت ان احضر اول ملتقى لالة العود في بغداد ونحن في القاهرة كنا نعاني من السفر طالما نشارك اخواننا في العراقي فهذا شيء جميل جدا لان لابد لنا ان نلتقي دائما بالفنون لنتمع جميعا كدول عربية، وان الهدف من هذا المهرجان هو في هذا التجمع كعازفين وكموسيقيين من جميع الدول العربية ونلتقي معا للارتقاء بمستوى الموسيقى في العالم العربي.

واضاف:الحضارة العراقية قديمة، وآلة العود بالتحديد عريقة جدا، لذلك مهم جدا ان نلتقي من اجل ان نتقدم بابحاث لتطور العزف على آلة العود وصناعة العود، ولا اخفي ان كل الالات وليس العود فقط من يمر بأزمات ولكن يمكننا التغلب عليها ان شاء الله ونتطور فيها وهذا الملتقى ما هو الا حاجة عظيمة جدا ومهمة جدا جدا وعلامة على التقدم الموسيقي وعلامة على بداية اليقظة والبحث العلمي الموسيقي مثل هذا المهرجان يجب ان يكثر ويجب ان يكون دوريا، كل سنة او كل سنتين، عن العود او عن باقي الالات العراقية وليس العود فقط.

فيما قال الدكتور فتحي الخميس من مصر: العود يمر الان بتتويج وازدهار لان العود هو الة العراق الاولى ن هنالك في التاريخ الات رئيسية والالات ثانوية عند اي حضارة، العود هو الة التلحين الاولى في العراق وفي نفس الوقت هو الة البحث العلمي الاولى، يعني هي الة نظرية تتم عليها الابحاث اساسا عبرها لكل انغام العراقية،ترسم انغام العراق عليها اولا ن على صدرها اولا ثم على غيرها ن فهي الة البحث العلمي الاولى والة التطبيق العملي الاولى ايضا، التلحين والتأليف والغناء من ناحية ومن ناحية اخرى البحث العلمي والتفكير الموسيقي، فهي الة نظرية وعملية الاولى في العراق وهي الالة رقم واحد في الممارسة.

تنسحب الة العود تدريجيا وتنسحب ويدخل محلها الكيتار والاورغ والى اخره، لذلك مثل هذا الملتقى مهم جدا لان الشباب اذا بدأوا يغادرون العود فهم يغادرون اهم الة في مفردات العراق الموسيقية ن في لغة الشعب العراقي الموسيقية ن اذا انت تغادر اهم ركطن من اركان لغتك الفنية وتذهب الى ادوات اوربية فهذا خطر كبير.

الدكتور هيثم شعوبي قال: ملتقى بغداد الاولى للموسيقى هو حالة تواصل حضاري ما بين النخبة من الموسيقيين في البلاد العربية والدول المجاورة، حيث تقديم نماذج للعزف على الة العود لمؤلفين عراقيين من امثال الشريف حيدر والموسيقار الراحل روحي الخماش كذلك ستكون هناك بحوث في هذا المهرجان يشترك فيها مجموعة من الاساتذة العرب لتقديم صورة مشرقة لالة العود التي هي الة عراقية قديمة يرجع تاريخها للعصر الاكدي، والمهرجان يبرز هذه الالة ودورها في ايصال التواصل ما بين الشعوب، هذا المهرجان هو الاول وان شاء الله تتبعه مهرجانات اخرى حتى نتواصل، فمن المهم جدا ان يأتي ضيوف من خارج البلد للتعرف على ثقافة البلد وموسيقى البلد وعن ما يجري في العراق من تطورات فنية وثقافية.
تتجلى في تقديم نماذج عزفية متعددة ومتنوعة لالة العود باعتبارها ومنهجيتها ومدارسها عراقية المنبع والاصل وهذه الالة هي الالة الاساسية للتواصل، اردنا ان نعرف اين وصلت صناعة العود،ونعرف العازفين في البلدان العربية والمجاورة اين وصلوا.

وقال الناقد الموسيقي عادل الهاشمي: واقع الحال ان المهرجان مناسبة عظيمة لاعادة الاعتبار لالة العود الذي هو الة الالات في الموسيقى العربية ذلك ان الة العود قد اضطهدت تماما من اوركسترات الموسيقى العربية خاصة الحديثة منها العود مضطهد في كل الوطن العربي لان اوركسترات الحداثة الموسيقية طغت خاصة الالات الوافدة على التخت الشرقي فماتت،وعليه يمكن القول ان اول من نبه الى ان العود العربي سيضطهد تاريخيا هو الموسيقار خالد الذكر فريد الاطرش عندما قال يجب ان يرتفع صوت العود حتى داخل الاوركسترات العربية،وقد فرض هذه الالة داخل الاوركسترات، وعليه فأن اقامة هذا المهرجان هي مناسبة عظيمة لاعادة الاعتبار للعود وايضا تعميق الخط الدرامي لهذه الالة،وذلك باستخدام خط التكنيك في الة العود، خط التكنيك بمعنى استخدام اكثر من ثلاثة ارباع الوتر على العود وهذا يعطي دليلا على تنوع واخصاب الصوت الموسيقي للعود.

واضاف: الاهتمام بالعود او بالموسيقى يكون عندما تفرض الدولة ارادتها ونحن كما تعرف بلا دولة، ورسالتنا وهدفنا نوجهه الى البلدان العربية والشرقية

بقي ان نشير الى ان مكان افتتاح هذا المهرجان المهم كان مبنى المسرح الوطني ببغداد، اما الزمان فكان في الساعة الحادية عشرة والنصف، اي في ظهيرة شهر تموز الغائضة، والتواصل الى ساعتين او اكثر، ومن السهل جدا ان تشاهد عشرات العازفين خلف الكواليس ينتظرون دورهم في العزف بملابسهم الرسمية وسط حرارة مهما تكن درجاتها فهي متعبة،ولا اعرف كيف يمكن للموسيقى ان تسمع في اجواء غير مناسبة تماما لها، اجواء ظهيرة ليس من الصعب فيها ان ترى قناني الماء تدور في الصالة على مدار الساعة، اجواء لايمكن ان تكون للموسيقى وسط حركة غير اعتيادية وكاميرات فضائيات تركض خلف الاشخاص المعروفين لاجراء لقاءات معهم، والظريف ان السبب وراء عدم اقامة المهرجان مساء هو وجود مسرحية شعبية تعرض بعد الثامنة مساء !!، وكان من الممكن ايجاد حل مناسب لتكون للموسيقى اجواء مسائية لطيفة.