أنتَ.. أيّها الواقف هناك.. يا أنا.. من جاءَ بكَ إلى هذا المكان؟
لِمَ تتبَعَني؟
لِمَ تعد خُطاي؟
قتلوا حصانكَ وتركوكَ تجتر الطريقْ؟
أو أنكَ حاولتَ أن تكسرَ الطوق فكسروا يدكَ،
لكنكَ مازلتَ مَعي،
تنمو داخل القصيدة طفلاً يتحركُ في أحشائِها.

رغبة غامضة لجنونٍ فارهٍ يملأ يدي،
صيحة تعيد الحياة للشجرة الخارجة عن طاعة المكان،
أو عطراً أَداخَ المرايا،
كمثل ألسنة لهب تتصاعد ذُؤاباته في كلامي،
لذلك حشدوا خراطيم المياه الساخنة.

عميقة وزاخرة رؤاي كانتْ،
يوم مددتُ يدي لأوقظكَ في المرآة،
كنتَ نائماً ومن تحت قدميكَ تمر العربات الملكية،
تمرُ رغباتٌ مليئة بالإضطراب،
موحشة وتخرج من مسائها لتعيد ترتيبي.

أرأيت خوفاً يصففُ شعر الفتاة؟

يدكَ المتشبثة بفراغ شعري الطويل،
تحاولُ استعادتي، تحاولُ،
غير أن الريح تملأ ثنيات القميصْ.
ماكثة في غيابي.
في توجس يديّكَ المرتعشتين،
المتساقط من أصابعها رماد الحروب،
الجانحُ في مائها قاربي الصغير.
ألا ترى الليل كيف يتزود من ثيابي بالسوادْ؟

لم تعد القواميس تتسعُ للشتائم،
تَسَلقَ دغلها الجدران
فأحجبت عنا جرس السماء.

بعد موتي أورثك جثتي
التي كلما تتدفُنها وترجعُ إلى البيت،
تجدها ممددة على السرير.
أورثك صوتي
الذي كلما وضعتهُ في الصندوق وقفلتَ عليه،
يخرجُ لكَ من ثقب القفل لسانهُ هازئاً،
أورثكَ أوراقي التي كلما أطعمتَها إلى النار،
تمتليء الشوارع بالحرائق.

سأعتصمُ بالمطر
وأغرسُ في قميصكَ فتنة الظلال،
حيثُ تنبتُ الحقيقة في لساني صرخة،
حيثُ تبلغ المرايا سن الرشد،
فتصيرُ تحفظ ألوان ثيابي عن ظهر غيب.
حيثُ لم يعد الوقت طفلاً يلهو في حقل ساعتي،
ولا الإنتظار طريقاً لا نهاية لها.

أكثرُ ما يحزن، أن تشمَ رائحةُ صوتكَ يحترق.
أكثرُ ما يحزن، ترى يداً صافحتها تصنعُ الظلامْ.

كنتُ أظنُ أننا سنختصر المدى بالمطر.
كنتُ أظنُ دمعة تسقط من عيني
كفيلة بهزيمة الظلام.
كنتُ أظنُ ولكن بعض الظن انكسارْ،
بعضهُ رمادٌ وبعضهُ إحتضارْ.

شاعرة وفنانة تشكيلية
سيدني/استرليا