عبدالجبار العتابي من بغداد: استغرب الفنانون المسرحيون العراقيون غياب العراق عن المهرجانات العربية التي ستقام عام 2012، لاسيما منها مهرجان قرطاج المسرحي في تونس، وألقوا باللوم على دائرة السينما والمسرح التي ارسلت اشعارات بأنها لا تمتلك اي عرض مسرحي مستوف للشروط، على الرغم من أن الدائرة معنية بالنشاط الفني المسرحي ولديها ميزانية من اجل انتاج اعمال مسرحية، واعرب هؤلاء الفنانون عن حزنهم العميق لتغييب المشروع الثقافي بهذه الطريقة، مؤكدين انه جزء من عملية كبيرة مقصودة لتعويق الثقافة العراقية وإظهارها بالمظهر المتخلف، لاسيما انهم ما زالوا ينظرون بحزن شديد الى بناية مسرح الرشيد التي منذ تسع سنوات وما زالت هيكلا فارغا لم تمتد لها يد الاعمار.
وقام هؤلاء الفنانون بتقديم شكوى الى نقابة الفنانين لمعرفة الاسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الاعتذار عن المشاركات في المهرجانات العربية التي لم يغب عنها العراق لسنوات طوال وحاز على جوائز وشهادات تقديرية، لانهم يجدون أن الأمر غير مقنع تماما ولايمكن ان يكون مقنعا لان العراق يمتلك طاقات مسرحية كبيرة، وطالب المسرحيون من نقيب الفنانين ان يصل بأصواتهم الى اعلى المستويات في الدولة للتعبير عن احتجاجهم عن تغييب المسرح العراقي، لانهم كما يرون ان عملية التعويق الحالية سيكون لها تأثيرها السلبي على الاجيال المسرحية المقبلة، وأوضح الفنانون: ان الكتاب الذي ارسلته دائرة السينما والمسرح الى ادارة مهرجان قرطاج وكان يحمل الاعتذار عن المشاركة، كان فيه ما يأتي: ليس هنالك عرض مسرحي ذو مستوى مستوف للشروط نساهم به في المهرجان، وتمنع مشاركة اي فريق مسرحي عراقي الا بموافقة وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح حصرا، سواء كانت منظمات مجتمع مدني او فرقا اهلية.
وقد ابدى نقيب الفنانين صباح المندلاوي تضامنه معهم وشاركهم الاستغراب والالم في محاولات اطفاء وهج المسرح العراقي، مؤكدا ان الهموم مشتركة حيث إن النقابة اصبحت تعاني الكثير من ساعة مؤازرتها الفنانين في مطالبهم الوطنية المشروعة، مشيرا الى أن النقابة أنذرت بإخلاء المبنى خلال عشرة ايام وليس هنالك من مكان لها!!!.
فقد قال المخرج المسرحي احمد حسن موسى: نريد اجابة حقيقية ومنطقية عن غياب المشروع الثقافي العراقي عن المهرجانات العربية، ما الاسباب وراء ذلك ؟، مهرجان قرطاج ليس لدينا عمل مسرحي للمشاركة فيه، ومهرجان الفجيرة ايضا ومهرجان الهيئة العربية والمهرجان الاردني، فهل هناك اهداف خفية تقف وراء عدم مشاركة العراق، مثل ان الذين يرفضون المشاركة يريدون ان يبعثوا رسائل الى الطرف الاخر مفادها: ان المشروع المسرحي العراق معاق؟ ولا يوجد عرض مسرحي واحد جيد ؟، اذن هذه اشكالية كبرى وانا اعتقد انها اهم قضية الان.
واضاف احمد: اذا كانت دائرة السينما والمسرح لا تمتلك عرضا مسرحيا، وان هناك (عوقا) عند الفنانين العراقيين وانهم لايستطيعون تقديم عرض مسرحي في هذه الفترة، طيب.. العراق ليس دائرة السينما والمسرح فقط، بالتأكيد هناك فرق اخرى وهناك محافظات اخرى ومدن اخرى واناس اخرون في هذا البلد، انا اريد ان اصل الى منطقة اشير فيها الى ان الازمة في البلد الان ازمة ثقافية، وقد بدأت تتجاوز المشروع التعويقي للمدير العام لدائرة السينما والمسرح الحالي، وهو مشروع مقصود تماما، بدأ يسود البلد كله، هذه الدائرة توقفت ولكن العراق لن يتوقف، هناك فرق اهلية وهناك محافظات، اذا هناك مشروع كبير لتعويق الثقافة في العراق لان بقاء المدير العام الحالي.. هو جزء من هذا المشروع، لنعتبر كل فناني الدائرة مرضى او مهاجرين في سورية وليس لديهم انتاج، فهل يجوز ان يتوقف البلد كله، انتم فرضتم علينا المدير العام الحالي فعوقنا وأوقفنا وشلنا، وقبلنا به، طيب الطرف الاخر هل لديه مثل المدير العام هذا ؟، هناك غياب للمشروع الثقافي في البلد، هناك مشكلة كبيرة.
واتابع موضحا: انا استغرب موقف وزارة الثقافة،وهي التي اعطت لعملين مسرحيين جائزة ابداع الدولة، فهل الوزارة لاتؤمن بجوائزها ؟، ولكي نكون واضحين ان (مركز المسرح العراقي) مذنب بدرجة دائرة السينما والمسرح نفسها والدليل ان رئيس المركز الاستاذ سامي عبد الحميد سافر من دون ان يسأل لماذا لم يذهب عرض مسرحي الى قرطاج، والشيء نفسه بالنسبة لـ (اتحاد المسرحيين العراقيين)، هذه الجهات الثلاث مغيبة، وتتحمل المسؤولية كاملة.

اما الفنان المسرحي فلاح ابراهيم فقال: هذا التساؤل الذي نشكو به تغييب المسرح العراقي عن مهرجانات عربية لنا مشاركات فيها سابقا.. يجب أن نتوجه به الى وزارة الثقافة وليس الى دائرة السينما والمسرح التي تقول إنها تنتج، وخلافنا السابق معها كان حين تساءلنا: اين تذهب ميزانية الدائرة؟، فقالوا: نحن ننتج اعمالا، اذن.. اين هذه الاعمال التي تنتجونها، ولماذا لا تشارك هذه الاعمال في هذه المهرجانات؟، نحن بالنتيجة نريد ان نصل الى من المستفيد من عدم مشاركة العراق، هل هي عملية تغييب للعراق؟ فإن كانت مقصودة فهذه مشكلة واذا كانت غير مقصودة فهذه كارثة.
واضاف: نحن نريد من وزارة الثقافة والمعنيين الا يعتقدوا ان الامر يخص مجموعة اسماء، نحن نريدهم ان يعلموا ان المسرح العراقي في خطر، وان الثقافة العراقية في خطر، نحن نريد ان تكون هناك (شرعنة) لمطالبنا وتساؤلاتنا، ان نقول للوزارة (هناك اناس يعملون على تغييب المسرح العراقي، فما هو رد الوزارة؟ )، نحن سمعنا كلاما كثيرا ووعودا كثيرة ولكن دون جدوى، نحن نريد ممن يتصدى للمسؤولية ان يخبرنا حقيقة الامر وهل هنالك شيء يجري في الخفاء ونحن لا نعلم، نحن مسرحيون وواجبنا ان نعمل، واعتقد ان صراخنا سيتواصل الى ان نحصل على اجابة شافية.
فيما قال الفنان عزيز خيون: يهمنا من الشكوى التي قدمناها الى نقابة الفنانين ان نعرف سبب اعتذار دائرة السينما والمسرح، باعتبارها الدائرة المعنية بالمسرح، عن المشاركة في مهرجان دولي، للعراق فيه انجازات كبيرة على مستوى التمثيل والاخراج وغير ذلك.
واضاف: انا اتحدث عن مؤسسة اسمها السينما والمسرح معنية بركنين اساسيين غايتهما المتعة والجمال هما (السينما والمسرح)، هذه المؤسسة،الا.. تدري ان هناك لكل سنتين دورة لمهرجان قرطاج؟ أليس لديها قائمة بالمهرجانات العربية والعالمية ؟ أليس هنالك خطط وبرامج ؟، فمن غير المعقول ان هذه المؤسسة ليس لديها خطط ولا برامج وبالتالي ليس لديها (بنك) للعروض المسرحية، يعني الدائرة الان وخلال تسع سنوات من عام 2003 والى حد الان لم تنجز عرضا مسرحيا ؟ انا لا افهم ان العرض المسرحي يموت، بل انه حي، انا الان استطيع أن اسمّي لك اكثر من 30 عملا مسرحيا عراقيا انتج بعد عام 2003، اذن الاعتذار غير منطقي وغير مسؤول، وانا اعتبره خيانة للثقافة وخيانة للمسؤولية.
من جهته قال المخرج المسرحي عماد محمد: مهرجان قرطاج، وحسب ما ادعى به مدير الفرق القومية في دائرة السينما والمسرح، قد ارسل دعوة الى وزارة الثقافة لترشيح عمل للمشاركة في المهرجان،لكن الدائرة قامت بالاعتذار عن ارسال عمل وقالت انه لايوجد لدينا عمل جديد، والدائرة.. وجهت كتابا الى الوزارة اشارت فيه إلى انها لا تستطيع ان ترسل عملا جديدا، ولكن من الممكن ان نستبدل ذلك بارسال عدد من الفنانين للمهرجان كضيوف، هذه القضية محددة، اي محددة بدائرة السينما والمسرح ووزارة الثقافة، اي لا علاقة لاية جهة اخرى بالموضوع، ولكن هل هذا الاعتذار حقيقي ؟هل فعلا لا توجد اعمال تذهب الى مهرجان قرطاج الذي عمره 20 سنة وفي كل سنة العراق يحضر وبقوة، والان العراق يعتذر، هذا هو السؤال المهم، ونحن نعرف ان هناك ثلاثة اعمال مهمة عرضت وكان من المفترض ان يكون احد هذه الاعمال ووفق آلية معينة يذهب للمشاركة.
اما صباح المندلاوي نقيب الفنانين فقال: غياب العراق من المهرجانات المسرحية العراقية شكوى مرة، هذه حقيقة، وانا من الممكن ان احمل شكوى الفنانين للحصول على إجابات ولكنني لا اريد ان التقي بغرفة مغلقة مع مسؤول واحد، ربما تكون اجابته غير مقنعة لهم، ولكنني ارى ان يكون للاعلام دور في ايصال صوتنا جميعا، الى كل من يهمه الامر او من لا يهمه والى المسؤولين في البلد.
واضاف: انا استغرب الاعتذارعن مشاركة العراق في مهرجانات لنا باع طويل فيها وحضور مشرف، وفيها لنا رسائل عن تطور المسرح العراقي بشكل خاص والفن العراقي بشكل عام، ونحن نعرف ان في كل موسم مسرحي هناك اعمالا، ولابد ان يكون هناك عمل حاز على جائزة عربية، او حاز على ثناء النقاد والفنانين، ومن الممكن المشاركة به الى ان ننتج اعمالا تتفوق على الاعمال السابقة، ان قلنا ان الظروف لم تساعدنا، انا ليس لدي قناعة واشعر ان همومنا مشتركة ونعاني قيحا بهذا الخصوص، دائرة السينما والمسرح ومنذ اكثر من سنتين، كتبت ضدها عشرات المقالات النقدية، وحتى في زمن وزير الثقافة السابق، كانت هناك اعتراضات وشكاوى، المفروض ان تشكل لجان من اجل دراسة هذه الشكاوى او المقالات، ولكن لا اعرف السر، نحن كفنانين نريد مسرحا عراقيا جادا وحيويا ومثمرا ومبتكرا، هذه القضية التي تهمنا فقط.