كل شيء
في مصر... الآن
يقبل أن يكون مساويا للموت
الحرية... والأمان
والوطنية التي تـَصْـلى
بنار العنصرية وهشاشة الولاء
... والكلمات التي ضلت طريقها
إلى أفواه الخطباء
... والأرواح المحشورة في الأجساد
والثورة التي فجرها الشعب
في وجه الفساد
غير أنها الآن مطاردة
يحميها المواطنون البسطاء بأجسادهم
من بنادق العسكر
وهجمات quot;البلطجيةquot;
... ومجلس الشعب
الذي حوله من يصفون أنفسهم
بوكلاء الله على الأرض
إلى مساجد... يرفع فيها الأذان
وإلى مساحة ضيقة يتبارى فيها الفرسان
على ظهور الجياد
بأسيافهم الصدئة
ويتحدث فيه المنافقون عن الوطن
بحناجر نهمة... تحسن تأويل الكذب
إلى كتل ملتهبة من الصراخ
تحرق الصدق وتهتك عرض الحقيقة
... وأعين الطيبين
من أبناء الشعب
تلك التي يترصدها
القناصة... الذين يأخذون مواقعهم
على أسطح البنايات
... وميدان التحرير
كان مساحة جمعت كل الأطياف
غير أنه الآن مسرحا لكل طامع
في الفوز بنصيب الشهرة
كل شيءٍ
في مصر... الآن
يقبل أن يكون مساويا للموت
المحكمة... التي تؤجل إدانة القتلة
على أمل خروج فيلق الإنقاذ من القمقم
... والسرير المتحرك
تحت جسد الرئيس المخلوع
... والجيش... الذي يحركه السدنة
وفق إرادة الظلم
ووفق ما يتطلع إليه السادة
القاعدون في السجون
... وأسماء الشهداء... في دفتر الوطن
تلك التي يتاجر بها السماسرة
ودمعة لا تزال طازجة في عيني أم
فقدت ابنها
وحينما بكت أمام الجمع
وجدت مئات الأيدي
ممدودة بالمناديل
وحينما خلدت إلى النوم
أحست بالبرد
والوحدة والخوف
... والأجيال المشردة في الأصقاع
والأبناء الذين اعتقدوا أن الفرحة ستطل
من شرفات البلاد
بعد اندحار العتمة
وسطوع الحرية على القرى والمدن
غير أن الفساد لا يزال قابضا- بشدة-
على حبال اللعبة
... والأموال المنهوبة من قوت الشعب
لأكثر من ثلاثين سنة مضت
والموضوعة في حسابات سرية
لا يمكن أن يصل إليها غير الشياطين
كل شيءٍ
في مصر... الآن
يقبل أن يكون مساويا للموت
مشاعر الأمل التي تتغمد الأفئدة
بينما القتلة طلقاء
يجرّبون أسلحتهم في منافذ الأجساد
ويأخذون الحلم غصبا
من الأصابع التي تشير بضعفٍ
إلى المستقبل!
*شاعر مصري