مِن أين تحلّ عصافيرُ السعدِ
وأهلي قيد رحيلٍ وغيابْ؟!
ينأى عني صفوةُ نسلي
والأحفادُ الأحبابْ
لا خِلاّن ولا أصحابْ
غير الوحشةِ تنقرُ في خشب الأبوابْ
غادرَني الشملُ بعيداً
والكلُّ يشدّ رحالاً
وحقائبهم تنأى مثل طيورِ الأسرابْ
أضحى الشهدُ مريراً
والزادُ بلا أطيابْ
كلّ لساني يلهجُ: نأْيٌّ، سفَـرٌ، ورحيلٌ وذهابْ
ألحاني تشدو: بُعْدٌ، شجْوٌ، أفٌّ وعتابْ
لا يسليني مغنىً، وتَرٌ، عزْفٌ
بغيابِ الأحبابْ
نهري منهلُ روحي، ريُّ حياتي، مَطَري
أضحى محْض سرابْ
لحني، قيثاري، عودي، أوتاري
نشزتْ مذْ بانَ غرابْ
وجنائن بيتي وزهوري ورحيقي
أضحتْ قحطاً، صحراءً ويبابْ
لا رعدٌ، لا برقٌ، لا مرّ سحابْ
سجّادي، فرشي، وحريري وخزٌ وترابْ
لا شيءَ معي غير الموسيقى باكيةً
وسطورُ الحزنِ وأوراقٌ
تذرفُ دمعاً في متنِ كتابْ
لا شيء يجرجرني، لا غنوةُ حبٍّ
لا نكهة أطيابْ
زلزلَ صرحي العالي
ومناري الأعلى يغدو أنقاضاً وتراب
كم يُفجعني بُعدُ الأولادِ، الأحفادِ الغيّابْ
وكأنّ الوحشةَ تمضغني
أتأرجحُ فتْكاً بين الضرسِ وبين الناب
التعليقات