يزداد اهتمام المواطنين الألمان بالطبيعة، ويبحثون عن طرق لحمايتها، وهذا جعل الاهتمام بالطاقة المنتجة من الرياح في تزايد مستمر. وتدعم الحكومة هذه التوجهات.

برلين: في الوقت الذي لم تتخذ فيه دول صناعية كثيرة مواقف واضحة، خلال قمة كوبنهاغن، التي اعتبرت فاشلة، لأن بلدان صناعية الكبرى، كالولايات المتحدة الأميركية والصين، لم تقدم تفاصيل واضحة عن كيفية إمكانية منع مواصلة ارتفاع حرارة الأرض، يزداد اهتمام المواطنين الألمان بالطبيعة، ويبحثون عن طرق لحمايتها، وهذا جعل الاهتمام بالطاقة المنتجة من الرياح في تزايد مستمر.

وحسب بيانات وزارة البيئة الاتحادية، تبلغ حالياً استطاعة محطات طاقة الرياح المستثمرة في ألمانيا حوالي 18 ألف ميغاواط، وهذا يعتبر رقماً قياسياً، مقارنة مع بلدان غربية أخرى. ويعادل عدد مراوح طاقة الرياح الموجودة في ألمانيا تقريباً ثلث عددها في العالم، ونصف عددها في دول الاتحاد الأوروبي. فبين عامي 1998 و 2007، ازداد عدد محطات طاقة الرياح في ألمانيا، أيضاً، التي تبنى فوق سطح الماء في أعالي البحار، ثلاث مرات، ليصل إلى حوالي 18 ألفاً، وهذا يعتبر انتصاراً كبيراً للبيئة.

وفي عام 2006 وحده، ساعدت محطات طاقة الرياح على تخفيض ما ينفث من غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 21.4 مليون طن. وفي عام 2007، احتلت محطات توليد الطاقة المعتمدة على قوة الرياح المرتبة الأولى بين مصادر الطاقة المتجددة، بحجم إنتاج للطاقة الكهربائية وصل إلى 27.5 مليار كيلوواط ساعي. وهي كمية من الكهرباء تعادل ضعفي ما تحتاجه ولاية برلين ( عدد سكانها حوالي 4 ملايين) على سبيل المثال، ما جعل قطاع صناعة معدات الطاقة بالرياح يجنى الأرباح الطائلة، لتسجيله أرقاماً قياسية في المبيعات.

فالطلبيات تتهافت على شركات، مثل شركة إنرركون ونوردكس، وقد حققتا إنجازهما الأكبر عام 2007، بتطويرها مراوح توليد الطاقة من الرياح من طراز quot;5quot;، وتعتبر أول مراوح باستطاعة 5 ميغاواط، يمكن بناؤها في أعالي البحار، بعيدة عن اليابسة.

وفي الأسواق العالمية، يزداد رواج المحطات العاملة بالمراوح لتوليد الطاقة المتجددة من الرياح، التي تحمل ماركة quot;صنع في ألمانياquot;، بسبب جودتها، إلا أنها لم تتمكن من منافسة الصناعة الصينية في هذا المجال في أسواق البلدان النامية، لتدني سعرها. ولقد وصل حجم المبيعات في السوق العالمية عام 2007 إلى 15 مليار يورو، وبلغت حصة ألمانيا النصف تقريباً. كما يعتبر هذا القطاع مهماً للعمالة في ألمانيا، فقد تضاعف عدد العاملين فيه بين عامي 2002 و2008، ليصل إلى 75 ألف عامل، ومن المتوقع ازدياد الحاجة للعمالة في المستقبل، ففي عام 2008، بينت أكثر من 30 محطة للطاقة الهوائية العاملة بالمرواح فوق سطح الماء في بحر الشمال وبحر البلطيق، ومن المفترض أن تصل استطاعتها إلى 25 ألف ميغاواط مع مطلع عام 2030.

وقد أشار تقرير لوزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الاتحادية إلى أن ألمانيا تركز اهتمامها على موضوع الطاقة البديلة، لحماية البيئة والطبيعة والإنسان، ولهذا رصدت الحكومة الاتحادية نسبة 5 % من ميزانيتها لعام 2010، من أجل دعم مشاريع تصب في الهدف العام، وهو حماية البيئة. كما إن هذه المشاريع سوف تساهم في تشغيل الآلاف من اليد العاملة، في وقت تزداد فيه التسريحات العمالية من المصانع، بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.

ومن أجل حماية البيئة، توجد مخططات كثيرة، منها إعادة تأهيل محطات الطاقة الحرارية الموجودة حالياً في ألمانيا، فهذا سيحسن من مردود الطاقة، ويقلّص من كميات الغازات والمواد الضارة، خصوصاً ثاني أكسيد الفحم، بنسبة كبيرة. كما يمكن استغلال محطات الطاقة القديمة، التي تستخدم النفط والغاز الطبيعية، بتحويلها إلى محطات مختلطة ذات مردود حراري عال، وهذا يؤدي إلى خفض نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الفحم بمعدل مناسب.

إلا أنّ حماة البيئة يطالبون الحكومة بأكثر من ذلك، ومن وجهة نظرهم، يجب دعم فكرة تحويل محركات وسائل النقل العامة والخاصة والقطارات، لتعمل على وقود غير مضر بالبيئة، كالكهرباء والهيدوجين. فحتى الآن، يعمل الجزء الأعظم على الوقود التقليدي، ما يرفع معدلات انطلاق الغازات الضارة من السيارات في المناطق المكتظة بالسكان والطرقات السريعة، وهذا أدى إلى إتلاف الآلاف من الشجر في الغابات.

وضمن برنامجها لاستخدام الطاقات المتجددة، تريد وزارة البحوث والتقنيات هذا العام تخصيص أكثر من نصف مليار يورو من ميزانيتها، وستركز بشكل أساس على مشاريع الطاقة الشمسية، والمستمدة من الرياح. أيضاً لتمويل مشاريع في مجال الطاقة المستخرجة من المواد والمخلفات العضوية والغازات العضوية والبيولوجية وبناء محطات الطاقة الكهربائية من المياه.

علاوة على ذلك، تدعم الحكومة الاتحادية مشاريع تطوير إنتاج الطاقة الكهربائية من المحطات المائية بقروض مالية سهلة، بلغت قيمتها حوالي 1.6 مليار يورو، وتشجع حالياً الاستخدام المنزلي للطاقة البديلة، بدعمها مالياً كل مواطن يريد الاستغناء عن الطاقة التقليدية.