أيمن بن التهامي من الدار البيضاء:وجدت مجموعة من الإستثمارات الخليجية الضخمة طريقها إلى المغرب، في الفترة الأخيرة، الذي يحتل المرتبة الرابعة، في قائمة البلدان العربية المستقطبة للإستثمارات الصادرة من بلدان عربية، خصوصًا من الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والبحرين، والكويت. وبدأت الإستثمارات الخليجية في المغرب تسجل تفوقًا بالمقارنة مع الأوروبية والأميركية بنسبة تتجاوز 36 في المئة. وتزايد الحضور الاقتصادي السعودي في المملكة منذ زيارة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي كللت بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات، منها التوقيع على برنامج تنفيذي للتعاون في المجال السياحي، واتفاقية قرض من الصندوق السعودي للتنمية، وكذلك التوقيع على وثيقة التآخي والتوأمة بين مدينة ينبع النخل بالمملكة العربية السعودية ومدينة مولاي علي الشريف بالمملكة المغربية. هذا التطور في العلاقات بين البلدين دفع الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز، خلال السنة ما قبل الماضية، إلى إعطاء الضوء الأخضر لإنجاز أول استثمار لمؤسسة quot;كيندوم هوتيل إنفستمنتش بالمغربquot;.

ويتمثل هذا المشروع في بناء فندق quot;فور سيزن مراكشquot;، الذي تشترك في إنجازه كل من quot;كيندوم أوتيل إنفستمنتquot; بنسبة 78 في المئة، وquot;يوروبيان هوتيل كوربوريشنquot; بنسبة 11 في المئة، وquot;أللاينسيس ديفيلوبمنتquot; بنسبة 11 في المئة. وسينجز هذا المشروع، الذي سيخلق 300 فرصة شغل، على مساحة 15.7 هكتارًا، بتكلفة تناهز مليار درهم مغربي (120 مليون دولار)، وبطاقة استيعابية ترتكز على 138 غرفة وجناحًا و40 فيللاً.

وسيتضمن الفندق مطعمين، وخزانة، وصالون شاي، وسناك بمسبح، وقاعة ندوات مساحتها 600 متر مربع، وثلاث قاعات للاجتماعات، ومركزًا للأعمال، ومركزًا للرشاقة مع مسبح مكشوف، ومسبحين خارجيين، وملعبين لكرة المضرب، ومركزين للاستجمام لصالح الأطفال والمراهقين.

ومع ذلك، فإن المستثمرة الإمارات العربية المتحدة هي من تحتل المرتبة الأولى في قائمة الأكثر الدول الخليجية استثمارًا في المغرب، حيث بلغ حجم استثماراتها أكثر من 18 مليار دولار. ويتوزع هذا المبلغ على مشاريع مهمة، وهي quot;مشروع أمواجquot; لتهيئة ضفتي نهر أبي رقراق بالرباط، الذي يقع على مساحة 6 آلاف هكتار، ويمتد على طول 15 كيلومترًا من عمق نهر أبي رقراق، انطلاقًا من مصبه في المحيط الأطلسي بين مدينتي الرباط وسلا.

وتقدّر كلفة الاستثمار الأولي في هذا المشروع بنحو 3 مليارات دولار، وستخصص نسبة 15 في المئة من مساحته للمباني، والباقي مساحات خضراء ومتنزهات طبيعية.

كما تضم اللائحة أيضًا مشروع كورنيش العاصمة، ومنتجع quot;أوكايمدنquot; السياحي الجبلي في مراكش، وquot;ماريناquot; الدار البيضاء.

أما الكويت فتحتل المرتبة الثانية بعد الإمارات، وساهمت الزيارة المهمة لكبار المسؤولين الكويتيين ومعهم وفد من رجال الأعمال بداية عام 2007، في إنعاش المبادلات الاقتصادية بين الطرفين، إذ وقع مسؤولو البلدين سلسلة اتفاقيات تنفذ بموجبها مجموعة من المشاريع الاستثمارية.

وتأتي قطر في المرتبة الثالثة، إذ أقدمت إحدى أهم شركاتها على استثمار 600 مليون دولار بمدينة طنجة، لإنجاز مشروع quot;هوارةquot; السياحي، الذي يشمل بناء 3 فنادق وتجهيزات سياحية راقية.غير أن الأزمة العالمية، التي بدأ يلمس تأثيرها في المغرب على قطاعات النسيج والألبسة والسيارات والعقار، أحييت المخاوف من تراجع الاستثمارات الخارجية أو انسحاب المؤسسات العربية من بعض المشاريع.

وفي هذا الإطار، قال حسن برنوصي، الرئيس السابق لمديرية الاستثمارات الخارجية، إن الاستثمارات الخارجية بالمملكة ستتأثر لأن هناك خط مباشر مع العالم، لكن في ما يتعلق بالاستثمارات الخليجية التي أعلن عنها فلا يمكن أن تتوقف أو تتعثر لأن هناك تعهدات وعقودًا موقعة ببن الدولة والمغربية والمؤسسات الخليجية، غير أن هذا لا يلغي فرضية أن يكون للأزمة العالمية تأثير على المشاريع المستقبلية في المملكة.وأوضح أن الاستثمارات الخليجية في المغرب ستنخفض مستقبلا، مشيرا إلى أن جميع المستثمرين سينتظرون ما سيحدث في السنتين المقبلتين.

وذكر برنوصي، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن انخفاض الأسعار يعد فرصة للمغرب حتى يستفيد من استثمارات جديدة في المستقبل، مؤكدا أن هذه الفترة هي الأنسب لإطلاق مشاريع جديدة.وأضاف quot;من يستثمر اليوم سينجح غدا.. لأن الاستثمار في بعض القطاعات ستظهر نتائجه بعد سنتين أو ثلاثةquot;.وأبرز أن حجم الاستثمارات في المغرب ستنخفض، لكنها ستعود للنمو بعد حوالى سنتين أو أكثر.ويرى حسن أنه يجب الاستمرار في الاستثمار العمومي بالمملكة، كالبنية التحتية، وتحسين المناخ، كما يجب أن تكون رؤية شمولية في جميع القطاعات.

من جهته، قال إدريس بنعلي، الباحث والمحلل الاقتصادي، إن المشاريع التي بدأت في المملكة لا يمكن لها أن تتأثر، مرجحا أن يطال الأمر المشاريع المستقبلية، التي خططت بعض المؤسسات إلى إنجازها في المغرب.وأوضح بنعلي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن الأزمة ربما فرصة لهيكلة الاستثمارات الخليجية في بلادنا، مشيرًا إلى أنها فرصة بالنسبة للمغرب إذا استثمرت في القطاعات الإنتاجية، على أساس أن تستثمر بشكل جيد.

وحول احتمال انسحاب مؤسسات خليجية من بعض المشاريع، ذكر أن quot;الأمر غير وارد، خصوصا بالنسبة للمشاريع التي أعلن عنها، وانطلقت فيها الأشغالquot;، موضحًا أن quot;الدول الخليجية دول مالية، ولديها رصيد كبير من الرأسمال المالي الذي لا يسمح لها بأن تعاني من المشاكل نفسها التي تعاني منها الدول الصناعيةquot;.

وذكر أن المؤسسات الخليجية تستثمر في مجال الخدمات والعقار، ورغم أن الأزمة مست هذا المجال أيضا، لكن أعتقد أنه سيتهيكل بطرق أخرى. وأبرز أن الأزمة ما زالت في بدايتها، وستكون السنتين المقبلتين أصعب شيئًا ما، لكن يمكن أن تظهر آفاق جديدة ينبغي استثمارها بشكل أفضل.

وذكر أن الحكومة تعمل بكل ما في وسعها لفتح السوق المغربية أمام استثمارات جديدة، على الرغم من أن المملكة تعاني من مشكل أساسي يتمثل في الرأسمال البشري، الذي يعد ضعيفا شيئا ما، إلى جانب الحكامة، مشيرا إلى أنها تسابق الزمن لتجاوز هذين المعوقين الأساسيين.

يشار إلى أن معهد المالية الدولية، الذي يعد إحدى المؤسسات المالية الكبرى في العالم، أشار إلى أنه بين 2002 و 2006، استثمرت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم العربية السعودية والكويت وقطر والبحرين وعمان والإمارات العربية المتحدة، حوالى 60 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأضاف أنه على الرغم من أن هذا المبلغ يظل أدنى من قيمة استثمارات هذه الدول في أوروبا والولايات المتحدة، فهو يعادل قيمة المشاريع المستثمرة في دول آسيا.وكان تقرير للبنك الدولي، أفاد أخيرًا أن الناتج الداخلي الخام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (منطقة مينا) شهد سنة 2007 ارتفاعًا طفيفًا بلغ 4.9 في المئة، مقارنة مع الجهات الأخرى، غير أنه توقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 5.4 في المئة سنة 2008، نظرًا إلى ارتفاع أسعار البترول.