أطلقت الحكومة المصرية برنامج الحافز المالي الأول لعام (2008/2009)، والذي بلغ حجمه 15.5 بليون جنيه. كما تم تصميم البرنامج للعمل على احتواء الآثار المحتملة غير المواتية للأزمة على الاقتصاد المصري، وحفاظاً على برنامج التنمية الجاري في البلاد، من خلال زيادة فرص التشغيل، لكبح فورة الوسطية المتوقعة في النمو الاقتصادي.

القاهرة: في الآونة الأخيرة قام عدد كبير من الحكومات في الدول النامية والمتقدمة بتخفيف إجراءات السياسات المالية، وإطلاق برامج حوافز، بغية احتواء الآثار السيئة للأزمة العالمية. وكانت خطط الحافز التي اتخذتها هذه البلدان تتوخى أساساً تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص جديدة للتشغيل.

تباينت في الفترة الأخيرة برامج التحفيز المالي بين البلدان التي تتطلع إلي نمو اقتصادي، وعلى المنوال نفسه، أطلقت الحكومة المصرية برنامج الحافز المالي الأول لعام (2008/2009)، والذي بلغ حجمه 15.5 بليون جنيه. كما تم تصميم البرنامج للعمل على احتواء الآثار المحتملة غير المواتية للأزمة على الاقتصاد المصري، وحفاظاً على برنامج التنمية الجاري في البلاد، من خلال زيادة فرص التشغيل، لكبح فورة الوسطية المتوقعة في النمو الاقتصادي.

وعن أثر برنامج حافز إنعاش الاقتصاد المصري، أعدّ الخبير الاقتصادي د.طارق عبد الفتاح مرسي دراسة تهدف إلى إحاطة صانعي القرار في مصر بمدى فاعلية الحافز المالي على المدى القريب، تعتمد على قياس آثار البرنامج، من خلال الوقوف على التغيرات المحتملة في عدد فرص العمل الشاغرة، ودخل العمل، والنمو الاقتصادي المتولد من الحافز المالي. واستخدم الخبير الاقتصادي في دراسته نموذج (الدخل ndash; الناتج) لتتبع الأثر القطاعي لنفقات الحافز. وقام بتوضيح تفاصيل النتائج القطاعية، لاستخلاص آثار البرنامج على الاقتصاد ككل على مستوى التشغيل المحلي والنمو الاقتصادي.

ووضع الخبير الاقتصادي في دراسته قاعدة بيانات نمطية للسنة المالية السابقة (2007/2008) تغطي 22 قطاعاً، تعمل في أنشطة الزراعة والصناعة والخدمات، لكي يتسنى تقويم برنامج التحفيز المالي لـ 2009 تقويماً كاملاً، وقد صمم مجموعة البيانات، بحيث تشتمل على البنود التفصيلية لقطاعي التشييد والبناء، بما في ذلك المباني والطرق والجسور والمياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها من أنواع التشييد والبناء.

وقد كشفت الدراسة عن تنوع ملحوظ في الخصائص البنيانية وإمكانية الإنتاج والروابط بين قطاعات الاقتصاد المصري، ومن ثم فإن ذلك يدل على مدى أهمية قياس برنامج الحافز المالي لـ 2009 على التشغيل والنمو الاقتصادي.

واشتملت الدراسة على وصف تفصيلي للتشكيل القطاعي لبرنامج الحافز المالي، وقد ظهر أن البرنامج اشتمل على إنفاق جوهري على البنية الأساسية للمرافق العامة، إضافة إلى حصة لتخفيض الضرائب على المبيعات وتخفيض الرسوم الجمركية على مستلزمات صناعية معينة وعلى السلع الرأسمالية، من أجل زيادة تنافسية الصادرات. وعلى هذا، فقد تم توزيع الحافز المالي لـ 2009 بطريقة غير متساوية بين القطاعات، مع توجيه معظم الإنفاق إلى قطاع التشييد.

وبالنسبة إلى قطاعات المياه الصرف الصحي وغيرها مما يندرج تحت بند البناء فاستحوذ على65% من إجمالي الإنفاق المالي، علاوة على ذلك، تلقى قطاع الهندسة والآلات 2.13 بليون جنيه، تمثل 14% من برنامج التحفيز، في حين نال قطاعا الخدمات الإنتاجية والخدمات الاجتماعية شريحة متواضعة نسبياً، تتمثل في 7% من الإنفاق الكلي للحافز.

وقامت الدراسة بقياس الأثر المباشر وغير المباشر لبرنامج الحافز المالي لـ 2009 على التشغيل المحلي، وفرص العمل، ونمو الناتج الإجمالي المحلي. علاوة على ذلك، فإن الآثار المشتقة للإنفاق المالي على التشغيل، والنمو الناجمين من أثر الحافز على إنفاق الاستهلاك العائلي كانت موضع اعتبار أيضاً.

وقدرت النتائج العملية أن إنفاق برنامج الحافز المالي من شأنه زيادة معدل نمو الناتج الإجمالي المحلي ما بين 1.7% و2.2%. وتبدو هذه التقديرات مشابهة للتقديرات المماثلة لعديد من الدول الأخرى، ومن المتوقع أيضاً أن يخلق الحافز المالي ما بين 661.4 ألف و 729.6 ألف فرصة عمل جديدة، تناظر حوالي 3.18% - 3.51% كنمو في إجمالي عدد الفرص، ويرتبط ذلك بزيادة تتراوح ما بين 1.55% - 1.92% في معدل نمو دخل العمل. ويتضح الأثر الكبير نسبياً لبرنامج الحافز المالي على دخل العمل من ذلك الدور المهم، الذي يتعين على التشغيل، الناجم من الحافز أن يلعبه في الحث على النمو الاقتصادي.