إن معظم الخبراء السويسريون يرون بوضوح أن حرب العملات العالمية بدأت فعلياً، ماينذر بحدوث حرب عالمية مالية لا تقل ضراوة عن الحرب العسكرية.

برن (سويسرا): ما يفعله باراك أوباما وحاكم الاحتياطي الفيدرالي(برنانكي) يُترجم بأسلوب تكتيكي شرس يعيد أذهان هؤلاء الخبراء الى ما حصل قبل 25 عاماً. آنذاك، خسر الدولار الأميركي 54 من قيمته، في سنتين متتاليتين، أمام المارك الألماني والين الياباني. هكذا، نجح رونالد ريغان في انقاذ أميركا، في ثمانينيات القرن الماضي، من كساد اقتصادي قاتل.

اليوم، أضحت الصين المنافسة الرئيسية للاقتصاد الأميركي. إعادة تقييم اليوان الصيني له تكلفة باهظة على الشعب الصيني وحكومته. وبعد أن تمكن اليوان الصيني من ادخال الاقتصاد الياباني في أزمة لم يخرج بعد منها، هاهو التحدي بين الدولار الأميركي واليوان يحصد أول ضحية له، هي منطقة اليورو الخاسرة. فاليورو يواصل ارتفاعه، مجدداً. ما يهدد بقتل الانتعاش الجنيني الذي تمكنت الصادرات الأوروبية من تحقيقه، في فترة الصيف. بالنسبة للفرنك السويسري فان قوته أمام الدولار الأميركي واليورو بدأت تضعه في حرج!

ويبدو أن المحرك، الذي انتشل الاقتصاد الأميركي من الموت ورفعه الى الانتعاش، بدأت قوته تتلاشى. كما فقد أوباما جميع الهوامش الممكنة، داخل مناوراته السياسية الداخلية، لانعاش الاقتصاد بواسطة quot;حقنquot; الانفاق العام بسيولة مالية ضخمة. هكذا، لجأ برنانكي الى سلاح قديم، ساعد رونالد ريغان في التخلص من أزمة اقتصادية خانقة، هو رمي قيمة الدولار الأميركي الى الهاوية! مع ذلك، فان الخبراء السويسريين لا يعتقدون أن حرق قيمة الدولار الأميركي سيجلب معه نفس المنافع المسجلة في عهد ريغان. لكن هذه الاستراتيجية أفضل بكثير من اللاشيء.

في سياق متصل، يشير فريدريش رامبيني، الخبير في الشؤون الاقتصادية الأوروبية أن صعود اليورو الى 1.379 أمام الدولار يخدم مصالح أميركا. فالمنتجات والصادرات، الأميركية والأوروبية، تتشابه أكثر في ما بينها مقارنة بما تعرضه الصين من منتجات. اذن، فان توطيد التنافسية، في منطقة اليورو، بفضل الدولار الأميركي الضعيف، خطوة quot;صحيةquot; تصب في صالح ومصالح حكومة واشنطن.

علاوة على ذلك، ينوه الخبير رامبيني أن واشنطن تمارس على الصين أنواع أخرى من الضغوط. في حال لم تتحرك بكين لاعادة تقييم عملتها، على النحو المطلوب، فان أوباما يتجه الى رفع الرسوم الجمركية على جميع السلع الصينية بصورة ستثير عدة انتقادات. كما ينوه هذا الخبير أنه يوجد مسودة قانون أميركي، قد يتم الاقرار بها في الشهر القادم، ترمي الى فرض عقوبات ضريبية على جميع الشركات الأميركية، متعددة الجنسيات، التي تهاجر بأنشطتها الى الخارج.