دعا متخصصون إلى وضع خطط إستراتيجية لهيكلة مهام التثمين العقاري، من أبرزها تحديد الجهة المسؤولة عن تحديد أسعار العقارات والقوانين المرجعية لها وكيفية محاسبة أخطائها، بهدف تلافي مشكلات اقتصادية محتملة وترتبط بعمليات التمويل العقاري وحقوق الورثة وغيرها من العوامل التي تحكم الاقتصاد الوطني.
الرياض: يقول المحامي والمستشار القانوني عسير القرني إن النشاط العقاري السعودي يعد محركًا فاعلاً في المنظومة الاقتصادية، إلا أن قصور بعض الأنظمة العقارية وتأخر صدور بعضها يؤثر بشكل كبير على ذلك النشاط، مشيراً إلى أن نظام الثمين العقاري يعد من الأنظمة التي ستحقق موازنة اقتصادية في قطاع العقار، باعتبار أن التثمين العقاري هو رأي مستقل يقدر قيمة العقار على أسس علمية وخبرة عملية.
واعتمد على معطيات عدة، منها نوع العقار وموقعه ومساحته والمنطقة التي يقع فيها وجودة الأعمال الهندسية وعوامل العرض والطلب ووظيفة العقار إلى غير ذلك من العوامل التي تسهم في تثمين العقار بحسب قيمته السوقية الحقيقة بعيداً عن العشوائية والارتجالية في تقييم العقارات، مما يترتب عليه تحجيم التضخم الناتج من تقديرات للعقارات بقيم مُبالغ فيها لأغراض تجارية، ويحقق غاية مرجوة في حَال كان هذا العقار محل خصومة قضائية كتلك العقارات التي تعود لعدد من الورثة، والتي يجب تثمينها ومن ثم تقسيمها، وفقاً للحصص المستحقة بين الورثة، أو تلك العقارات التي تكون محل نزاع أمام القضاء، أو في حال بيع العقار في المزاد العلني، أو حتى نزاع ملكية العقار للمنفعة العامة.
وأضاف المحامي القرني أن جهات التقاضي تُغفل دور المثمن العقاري، وتوكل الأمر إلى غير أهله في كثير من الحالات، مما يترتب عليه تقيّم العقار بشكل جزافي أو في أفضل الحالات بطرق تقليدية، لا تعتمد سوى على تكلفة البناء دون الأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى المؤثرة في تقدير القيمة العادلة للعقار محل التثمين، وتلك هي الغاية المأمولة، والتي تحقق العدالة، مشدداً على أن التثمين العقاري سيؤدي بالضرورة إلى تحقيق التوازن الاقتصادي في سوق العقار، باعتبار ما ستؤول إليه أسعار هذه العقارات من استقرارها عند أسعار عادلة، إلى جانب المكاسب الاقتصادية الأخرى الناتجة من وجود مؤشرات حقيقية للعرض والطلب على سوق العقار، ما يقلل من حِدة المضاربات على الأراضي، وتوجه الرساميل إلى أنشطة أخرى، ما ينتج منه توافر فرصًا استثمارية وفرص عمل وخلافه.
وأشار إلى أن التثمين العقاري يخلق نوعاً من التوازن بين العرض والطلب، وهو أساس عملية دراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع العقارية، كما تعتمد عليه البنوك والشركات المقرضة في عمليات التمويل العقاري، ويوجد الثقة لدى المتعاملين في السوق العقاري، ويساعد على تأسيس قاعدة بيانات لأسعار العقارات. وعلى الرغم من ذلك نجد أن التثمين العقاري في المملكة لا يزال يخطو خطوات متباطئة.
وأكد أن ليس هناك ما يدعو للتفاؤل حول إصدار نظام لتثمين العقاري في المستقبل القريب، عطفاً على التأخر في صدور أنظمة عقارية مهمة، كالرهن والتمويل العقاري، مبيناً أن الجهود المبذولة من اللجان العقارية في الغرف التجارية جهود مشكورة بشأن الدورات التأهيلية والتي تقدمها للمثمنين العقاريين لتدعيم الخبرة التي يتمتع بها هؤلاء بالأصول والقواعد المهنية المعتمدة دولياً، وعلى الرغم من ذلك فإنها غير كافية.
ودعا إلى الاسترشاد بتجارب بعض الدول الغربية التي لا تمنح الحق في تثمين العقارات إلا للمتخصصين والذين يحملون الدرجة الجامعية في تخصص التثمين، إضافة إلى الخبرة العملية الكافية أسوة بالمهن الأخرى كالمحاسبة والمحاماة وغيرها من المهن الحرة، وذلك لما يمثله دور المثمن العقاري في تحقيق التوازن في السوق العقاري، كما عبّر عن طموحه إلى إنشاء هيئة مستقلة للمثمنين العقاريين، تكون مظلة ينضوي تحت لوائها المثمنين، وتُعد مرجعًا للإشراف وإصدار التراخيص والرقابة على أعمال المثمنين.
من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي والمصرفي فضل البوعينين في حديثه أن التثمين العقاري من أهم المهن المرتبطة بنظام الرهن العقاري، ولا يمكن تحقيق كفاءة النظام وعدالته دون تطوير نظام التثمين العقاري وتحويله إلى نظام مؤسسي، يعتمد على الشركات المتخصصة والكفاءات القادرة على تحديد أسعار العقارات بدقة وعدالة وحيادية مسئولة. وعدّ تطوير التثمين العقاري ضرورة اقتصادية ملحة، خاصة في ظل ربط القطاع المصرفي بالقطاع العقاري من خلال التمويل العقاري ونظام الرهن العقاري، وهو ما يجعل أمر التنظيم الرسمي للتثمين العقاري وإنشاء جهة مستقلة تشرف عليها غاية في الأهمية وضرورة ملحة.
وأشار إلى أن هناك جانبًا مهمًا متعلق بالتركات وقسمة الشركاء والزكوات، التي يمكن أن تحصل مستقبلا على العقارات يستدعي وجود جهة مخولة بإعطاء التثمين الدقيق بتجرد، وفق فكر مؤسسي معتمد وواقع تحت مظلة جهة رسمية مشرعة لأنظمة وقوانين وإجراءات التثمين العقاري، وفق الهيئات العالمية المتخصصة والموجودة في بعض الدول المجاورة ودول العالم الأخرى.
التعليقات