كشف مسؤولون أميركيون النقاب عن أن إيران تسعى سراً إلى إنشاء بنوك في الدول الإسلامية في أنحاء العالم كافة، بما في ذلك العراق وماليزيا، عبر استخدام أسماء وهمية وهياكل ملكية مبهمة، لتتمكن من تجنب تداعيات العقوبات التي تسببت على نحو متزايد في تقليص أنشطتها المصرفية العالمية.
___________________________________________________

أعدّت وزارة الخزانة الأميركية قائمة سوداء شملت 16 مصرفاً إيرانياً، لدورهم المزعوم في دعم برنامج إيران النووي وكذلك الأنشطة الإرهابية؛ كما سارت دول أخرى على النهج عينه وفقاً لتدابيرهم الخاصة. ضمن هذا السياق نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في عددها الصادر اليوم عن مسؤولين أميركيين قولهم إن بحث طهران عن وسائل مصرفية جديدة هي علامة على تزايد فعالية العقوبات.

مع هذا، يعتقد المسؤولون أن إيران قد حققت نجاحاً محدوداً، إن كان هناك نجاح من الأساس، في مساعيها السرية إلى إنشاء البنوك. وتابعت الصحيفة حديثها في هذا الجانب بنقلها عن واحد من كبار مسؤولي الإدارة الأميركية، بعد رفضه الإفصاح عن هويته، اعتقاده quot;أن الإيرانيين يحاولون الآن إنشاء عمليات خاصة بهم في عدد من الدولquot;، معتبرًا هذا quot;مؤشراً على أنه ليس بوسعهم القيام بأنشطة مصرفية عاديةquot;.

وأضاف هذا المسؤول quot;إنهم يريدون شراء بنوك، وإنشاء بنوك في العديد من الأماكن، حيث يعتقدون أنهم سيتمكنون من مزاولة الأعمال دون أن تحظى الولايات المتحدة بالقدرة على إعاقتها عن ذلكquot;. من جانبه، قال باك شهرائي، المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، إنه لا يمتلك القدرة في الوقت الراهن على التعليق، لكنه أشار إلى أنه سيسعى إلى تلقي التوجيهات من المسؤولين في طهران. في غضون ذلك، أكد مسؤولون أميركيون أن إدارة أوباما على دراية بما تبذله إيران من جهود في عدد من دول الجوار وكذلك البلدان التي ليست بهذه المجاورة.

وفي العراق، قال مسؤول إن طهران أنشأت بنكين على الأقل في بغداد، أحدهما يرتبط ببنك ميلي، الذي يعتبر أكبر البنوك التجارية في إيران. ومن الجدير بالذكر أن مجلس الأمن سبق له أن أدرج في عام 2008 بنك ميلي في القائمة السوداء، بعدما ثبت تورطه في دعم الأنشطة النووية الإيرانية، بينما أغلق الاتحاد الأوروبي مكاتبه كافة في أوروبا. وأشار المسؤول العراقي كذلك إلى أن إيران حاولت أيضاً ndash; دون أن تحقق نجاحاً ndash; أن تنشئ بنوكاً تجارية في مناطق بعيدة في شمال العراق، في إقليم كردستان.

ثم مضت واشنطن بوست لتشير إلى أن مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية قاموا بجولة في أنحاء العالم كافة خلال الأسابيع الأخيرة، حيث زاروا دولا عدة، من بينها أذربيجان، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ولبنان للتشديد على أهمية الامتثال إلى العقوبات الصادرة بحق طهران. ونقلت في هذا الشأن عن المسؤول الأميركي قوله quot;لقد حذر مسؤولون من وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين السلطات المحلية من مخاطر السماح لتلك العمليات بأن تتوطد وتتأصل هناكquot;.

وسبق لوزير المالية الإيراني، شمس الدين حسيني، أن أخبر الصحافيين في واشنطن هذا الشهر أنه في الوقت الذي واجهت فيه إيران بعض المتاعب جراء العقوبات المفروضة بحقها، فإنها قد لاقت بعض المشكلات التجارية مع بلدان أخرى أو لتأمين العملة الصعبة. موضحًا أن quot;العالم كبير، ويجد الأشخاص الذين يتعاملون معنا طرقاً لنقل الأموال لنا من خلالها. فعندما تُوقِف تيار المياه، فإنها تسلك طريقاً آخرquot;.

أما ماثيو ليفيت، وهو مسؤول سابق في وزارة الخزانة ومدير برنامج مكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى فقال quot;دائماً ما كانت المسألة أشبه بلعبة القط والفأر مع إيرانquot;. وتابع ليفيت حديثه في هذا الجانب بقوله إن العمليات المصرفية، حتى وإن تم إنجازها بنجاح في بلدان أخرى، فإنها من المحتمل أن تكون صغيرة الحجم وغير كافية للتعويض عن حجم النشاط المصرفي الذي فقدته إيران.

وفي الوقت الذي ظلت تلعب فيه الإمارات دوراً مهماً على مدار سنوات بالنسبة إلى البضائع الإيرانية والصفقات المالية، عاودت الصحيفة الأميركية لتنقل عن المسؤول الأميركي قوله quot;إنه ومنذ تمت المصادقة في يونيو/حزيران الماضي على عقوبات مجلس الأمن الصادرة بحق إيران، شنّت دولة الإمارات العربية المتحدة حملة على الأنشطة الإيرانية، وكان جزءاً من ذلك قيامها بتقليص التعاملات المالية مع البنوك الإيرانية التي حظرت واشنطن التعامل معها.

وحاوات إيران في مقابل ذلك على ما يبدو أن تعتمد على ماليزيا كمركز مالي جديد، لكن دون أن تفلح في تحقيق ذلك. وفي الوقت عينه، أثنى المسؤولون الأميركيون على الخطوات التي اتخذتها السلطات الماليزية من أجل إحباط الجهود الإيرانية، بما في ذلك التوقف عن العمل من الفرع المحلي لثاني أكبر بنك في إيران، وهو بنك ميلات.