يشتكي منتجو الزيتون في الجزائر من معضلة الديون المتراكمة التي تطالبهم السلطات بدفعها، وهو أمر يُثقل كواهلهم، لذا يطالب هؤلاء في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، بمسحها خصوصا وأنّ المسألة أضحت تكبل أفق الكثير من المعاصر، سيما مع اقتران مشكلة الديون مع حتمية سداد أعباء متأخرة تمتد إلى عدة سنوات.


الجزائر: يقول quot;أرزقي إسكونينquot; رئيس الفدرالية الجزائرية لمنتجي الزيتون، إنّه لا يفهم سبب إقصاء متعاملي القطاع من القرار الذي اتخذه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في فبراير/شباط 2009، بمسح ديون المزارعين بشكل عاجل.

ويضيف إسكونين quot;سنوجه عريضة للسلطات نطالب فيها المسح الكلي لديونناquot;، مقدّرا أنّه من غير المعقول أن يتم استبعاد منتجي الزيتون، وإقدام الجهات القضائية على حجز تجهيزاتهم. ويعتبر محدثنا أنّ المُقترح القاضي بإعادة جدولة الديون quot;أمر غير مقبولquot; في ظلّ الضائقة المالية الخانقة التي يشكو منها قطاع واسع من المنتجين، لذا يهيب بدوائر القرار بمسحها حتى يستفيد المعنيين من جرعة إضافية تضفي ديناميكية على نشاطهم الذي عرف احتباسا في الفترة الماضية. ويسجل ممثل مُنتجي الزيتون، أنّ متعاملي القطاع لن يكتفوا بمطلب مسح ديون المعاصر، بل سيدعون أيضا لإقامة نظام منحة تقدم عند الإنتاج وجني المحصول وتحويله كما هو معمول به حاليا في فرع الحليب.

من جانبه، يذهب quot;محمد عليويquot; الأمين العام لاتحاد المزارعين الجزائريين، إلى أنّ جدولة ديون معاصر الزيت قد يشكّل حلا وسطا، خصوصا وأنّ قيمة هذه الديون ليس هامة، إذ لا تزيد عن سبع مليارات دينار (ما يعادل 70 مليون يورو). على طرف نقيض، يؤكد وزير الزراعة الجزائري quot;رشيد بن عيسىquot; أنّ المطالبة بمسح الديون من طرف منتجي الزيتون، لا مسوّغ منطقي له، مبرزا أنّ أصحاب المعاصر تماما مثل مربي الدواجن والقائمين على غرف التبريد، استفادوا من دعم الدولة بنسبة وصلت إلى حدود 40 بالمئة، بيد أنّ المنتجين يشددون على أنّ ديونهم تراكمت بفعل تقلص مردودية القطاع وما تسببت به حرائق الغابات وكذا الظروف الأمنية.

ويذهب الأستاذ quot;زبير صافيquot; أنّ الواقع الضحل لقطاع الزيتون في الجزائر رغم توافر الأخيرة على 12 مليون شجرة زيتون، مؤهلة لإنتاج 90 ألف طن كل عام، يفرض على السلطات تحفيز المنتجين وليس إرهاقهم بحكاية الديون التي لن تقيم للقضية ودا، مشيرا أنّ عجز جمهور المنتجين عن سدّ الطلبات المتزايدة محليا ودوليا، يقتضي تحديث القطاع وزيادة مستوى الاستيعاب العام، فضلا عن مراجعة نمط تصدير الجزائر لزيت الزيتون الذي بقي متواضعا. وتتوفر الجزائر على أكثر من 35 مليون شجرة زيتون، إلاّ أنها لا تصدر إلاّ القليل جدا من زيتها، وتسعى الحكومة هناك إلى رفع الإنتاج المحلي من زيت الزيتون إلى مستوى دول الجوار كالمغرب وتونس، واتخاذ زراعة الزيتون والزيت المستخلص منه، مصدرا هاما لمداخيلها من العملة الصعبة.

ويرى خبراء، أنّ أزمة المعاصر وتراجع إنتاج الزيتون في الجزائر، لهما علاقة أيضا بسلسلة الحرائق التي شهدتها البلاد في الأعوام الأخيرة، سيما بمنطقة القبائل الشهيرة بكونها المحضن الأساس لهذه المادة الحيوية، وللدلالة على حجم الخسائر المسجلة يكفي الكشف عن أوضاع محافظات تيزي وزو، بجاية، البويرة وبومرداس، التي فقدت مجتمعة نحو 160 ألف شجرة بسبب سلسلة حرائق مهولة. ويلفت quot;أحمد منديلquot; المدير العام للمعهد الجزائري للأشجار المثمرة، أنّ التقلبات الجوية التي عرفتها الجزائر أثّر على نوعية النتاج العام، حيث ارتفعت نسبة الماء في الزيتون على حساب الزيت، وخلافا لما تردّد عن تسويق quot;نوعيات رديئة ومغشوشةquot; من زيت الزيتون في الجزائر، يبرز مسؤولون في وزارة الزراعة الجزائرية أنّ 70 المائة من الزيوت الجيدة، هي المطروحة حاليا للاستهلاك وهي من النوع الرفيع.

وسعت الحكومة الجزائرية عبر مخططها للتنمية الزراعية إلى تحسين نوعية زيت الزيتون الجزائري المعروف بجودته، بهذا الصدد، أقرّت برسم المخطط الإنمائي (2010 ndash; 2014) لتوسيع رقعة المساحات المغروسة، والنهوض بمستوى معاصر الزيتون. وتراهن الدولة الجزائرية على برنامج موسّع لزرع نصف مليون هكتار إضافية من أشجار الزيتون عبر خمسة عشر محافظة في المناطق السهبية وشبه الصحراوية، في خطوة لرفع إنتاج البلاد من زيت الزيتون إلى مستوى كبار منتجي الزيتون عالميا.