تشهد الجزائر أزمة متجددة لسوق الحليب، جرّاء الندرة الحاصلة تبعا لتوقف ما لا يقلّ عن 12 مصنعاً.


الجزائر: تتفاقم ندرة حليب الأكياس في الجزائر، في ظلّ انقطاع العشرات من منتجي الحليب بسبب نقص المادة الأولية، وهو ما زاد في معاناة الجزائريين خلال الأيام الثمانية المنقضية، ما استلزم توريد كميات إضافية

من الحليب المجفف للقضاء على الندرة الحاصلة.

ويتهم المنتجون الخواص السلطات بتهميشهم وعدم تشجيعهم رغم كون إنتاجهم يغطي أكثر من 65 بالمائة من إجمالي طلبات السوق المحلية، بهذا الشأن، يشير quot;عبد الوهاب زيانيquot; رئيس اتحادية منتجي الصناعات الغذائية، إلى إشكالية التسعيرة التي تبقى بحسبه بعيدة عن حقيقة السوق، حيث يؤكد أنّ كلفة اللتر الواحد من الحليب هي 48 دينارا، غير أنّ الحكومة الجزائرية تحدد السعر بخمسة وعشرين دينارا (ما يعادل 33 سنتا أمريكيا، أو ربع يورو) أي بفارق يقدر بـ23 دينارا للتر الواحد، وهو ما يعني quot;إنتاج بالخسارةquot; على حد تعبير ممثل المنتجين.

ويصر أصحاب المعامل على تقديم السلطات لدعم المنتجين الخواص على نحو يمكنهم من مواجهة الخسارة التي أفرزها ارتفاع أسعار مسحوق الحليب وكذا المنتجات الزراعية في الأسواق الدولية منذ أشهر، كما يطالب هؤلاء بوضع آليات عادلة للتوزيع والتعويضات من خلال التزامات مكتوبة، علما أنّ الحكومة خصصت خلال فترات سابقة نحو 110 ملايين يورو لدعم سعر الحليب.ويتهم المحولون الديوان المهني للحليب (مملوك للحكومة)، بخفض حصصهم من مسحوق الحليب المستورد، الشيء الذي أنتج ندرة حليب الأكياس، في حين تعزو إدارة الديوان المهني للحليب، ما يحدث إلى مجرد اختلالات يُراد تضخيمها من لدن بعض المنتجين.

بهذا الصدد، يقول quot;عبد الحفيظ جلوليquot; مدير الديوان المهني للحليب، أنّ الأخير مواظب على تموين الملبنات بمسحوق الحليب، ويرجع جلولي هذا النقص في حليب الأكياس إلى quot;ظاهرة المضاربةquot; التي يقوم بها بعض الفاعلين، بالإضافة إلى الاضطراب المسجل على مستوى دوائر التوزيع، وهو أمر راجع ndash; بحسبه - إلى كون بعض الملبنات تمون مناطق خارج نطاق نشاطها. بدوره، يؤكد quot;رشيد بن عيسىquot; الوزير الجزائري للزراعة والتنمية الريفية، أنه لا يوجد هناك نقص في حليب الأكياس بل خلل في مختلف حلقات هذه المادة بين المحولين والموزعين.

ويلفت الوزير إلى أنّ هذا الوضع سجل في الوقت الذي يخوض فيه مختلف فاعلي القطاع، مفاوضات من أجل وضع جهاز جديد سيسمح بتطوير وإنتاج مستدام ومهيكل وفق عقد النجاعة الممتدّ إلى آفاق العام 2014.

من جانبهم، يبدي عديد المستهلكين، تخوفا من استمرار شبح الندرة، ويقول بلقاسم إنّه يعاني في سبيل توفير الحليب لعائلته الكبيرة، بينما تتساءل دليلة عما ستفعله إذا ما طال هذا quot;المسلسلquot;، في حين يدعو محرز، رزقي وعبد الحميد إلى وضع استيراتجية شاملة تنأى بمنظومة الحليب عن القلاقل الظرفية التي تهددها في كل مرة.

وسبق لوزارة الزراعة والتنمية الريفية، أن اتهمت بعض المتعاملين باتخاذ المستهلكين كـquot;رهائنquot;، مثلما شدّدت على عقلنة استعمال مسحوق الحليب في سائر عمليات التحويل بغرض تعزيز طاقات الإنتاج المحلية.

وارتضى quot;مصطفى بن بادةquot; وزير التجارة الجزائري، مؤخرا، إطلاق النار على قطاع من منتجي الحليب، محمّلا إياهم مسؤولية الاضطرابات التي عرفتها منظومة التوزيع، حيث قدّر أنّ الأمر يتعلق بـquot;توتر مفتعل أحدثه منتجون خواصquot; على حد تعبيره، حيث لمّح بقوة إلى محاولة فريق من هؤلاء عرقلة خطة السلطات الباحثة عن إيقاف الاستيراد المفرط لمسحوق الحليب، بعدما مكّن المخطط الجاري تنفيذه من تخفيض الفاتورة الإجمالية للحليب ومشتقاته من 1.28 مليار دولار سنة 2008، إلى 862.76 مليون دولار في العام الأخير.ذ

ويُشير وزير التجارة الجزائري إلى حوالي عشرة منتجين يريدون إدامة الاقتصار على نشاط التحويل فحسب، في خطوة تعارض السياسة القطاعية لكسر التبعية لمسحوق الحليب، علما أنّ إنتاج الجزائر من الحليب الطازج انتقل من 2.23 مليار لتر سنة 2008 إلى 2.45 مليار لتر خلال العام الأخير. وتبعا لمخطط تقليص واردات مسحوق الحليب، تراهن الجزائر على رفع إنتاج هذه المادة الإستراتيجية إلى 3.5 مليار لتر في آفاق 2014، ولتحقيق هذا الهدف، سيتم رفع عدد قطيع البقر الحلوب والمكوّن حاليا من 850 ألف رأس بقرة حلوب، بواسطة اللجوء إلى استيراد الأبقار الولودة وكذا الرفع من أعداد الأبقار الملقحة اصطناعيا والمقدرة بـ130 ألف بقرة سنويا، فضلا عن زيادة الاعتماد على الأعلاف الخضراء.