الفقراء في اسرائيل يبحثون عن الوجبات المجانية

لا يستطيع 66 % من الفقراء في إسرائيل تأمين الحاجيات الأساسية لأسرهم، ويلجأون إلى الجمعيات الخيرية طلبًا للمساعدة، في حين تشير المعطيات إلى أن الأطفال أيضًا باتوا ضحايا للفقر، ووصل عدد الذين هم دون مستوى خط الفقر إلى 850 ألفًا.


تل أبيب: أظهر تقرير جمعية مكافحة الفقر في إسرائيل quot;لتتquot; لعام 2010 ارتفاع نسبة الفقر في إسرائيل بنسبة 21 % زيادة عن العام 2009، حيث يعيش في إسرائيل 1.77 مليون شخص تحت خط الفقر، من بينهم 850 ألف طفل. وبيّن التقرير أن 75 % من الأطفال يتنازلون عن وجبة أكل في اليوم، نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها أسرهم.

في حين لم يتلق 83 % منهم علاج الأسنان نتيجة الفقر، وهذا ما دفع بـ 22 % من الأطفال إلى التفكير بالانتحار وإنهاء حياتهم بسبب العوز. وفي قراءة لمعطيات التقرير، يتبين وجود 66 % من الفقراء الذين لا يستطيعون تأمين الحاجيات الأساسية لأسرهم ويلجأون إلى الجمعيات الخيرية طلبًا للمساعدة، في حين أكدت الجمعيات الخيرية أنها لا تستطيع تلبية احتياجات 64 % من الطلبات المقدمة إليها.

وأشارت المعطيات إلى أن 20 % من الأطفال الفقراء يبقون بلا أكل في المدارس، في حين يقوم 8 % من الأطفال بسرقة الطعام من الآخرين، وتوقف 70 % من الأطفال الفقراء عن النشاطات الاجتماعية في المدارس بسبب الأوضاع الاقتصادية.

تقرير quot;المجلس لسلام الطفلquot; لفت إلى أن عدد الأطفال الفقراء في ارتفاع، وكذلك عدد الأطفال الذين تم التحقيق معهم أو الذين مكثوا في المستشفيات أو الذين يتصفحون شبكة الانترنت، كما بيّن أن الأطفال يقرأون أقل. فعدد الأطفال في إسرائيل وصل إلى 2.468.700 طفل في نهاية العام الماضي 2009، يشكلون ما نسبته 32.7 % من مجمل عدد السكان، في حين شكل الأطفال ما نسبته 33.8 % في العام 2000.

وأشارت معطيات التقرير إلى تراجع في نسبة الأطفال اليهود، حيث تبين أن نسبتهم في نهاية العام 2009 وصلت إلى 69.4 %، بالمقارنة مع 75 % في العام 1995. وأن 24.1 % من الأطفال مسلمون (مقابل 20.2 % في العام 1995)، و2.9 % تم احتسابهم على أنهم quot;بدون تصنيف دينيquot;، و1.7 % أطفال مسيحيون (مقابل 2.7 % في العام 1995)، و1.9 % دروز (مقابل 2.2 % في العام 1995).

معطيات تقرير المجلس لسلامة الطفل تكشف أن واحدًا من كل ثلاثة أطفال يعيش تحت خط الفقر، وأن عدد الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر يتواصل منذ 3 عقود، بحيث تضاعف بـ4.5 مرات مقارنة مع العام 1980، حيث بلغت نسبة الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر 8.1 %.

للإطلاع على أسباب تزايد نسبة الفقر في إسرائيل، رغم تفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحكومته بخروج الاقتصاد الإسرائيلي معافى من الأزمة الاقتصادية العالمية، التقت quot;إيلافquot; مع المحاضر في مجال الاقتصاد في جامعة تل-أبيب وائل كريم، وهو في الوقت نفسه، يشغل منصب مدير عام مركز الأعمال العرب.

وقال كريم لـquot;إيلافquot; إن quot;إسرائيل تعاني فعلاً مشكلة جدية في موضوع الفقر، وكل ما يسمى توزيع الموارد الاقتصادية وارتفاع الفارق الطبقي بين الفقراء والأغنياء، الأخذ بالازدياد. وبحسب كريم فإن النمو الاقتصادي في إسرائيل تركز في الطبقتين الوسطى والغنية، وهو نابع من التطور التكنولوجي، حيث تركزت ثماره في الطبقة الوسطى والغنية، والفقراء لم يحظوا بذلك، وخصوصًا الوسط العربي في إسرائيل، والطبقات الضعيفة الأخرى.

وأضاف إن الإحصائيات الأخيرة تتحدث عن أن 52 % من المواطنين العرب فقراء، ويعيشون تحت خط الفقر، وهذا يعني أن كل عربي ثاني في إسرائيل هو فقير، ومن الناحية الأخرى نتحدث عن نسبة مماثلة في أوساط الأطفال في إسرائيل من هم تحت خط الفقر.

ورأى أن quot;هذا نابع من سببين، الأول لكون الطبقات الضعيفة في معظم الحالات هي من المواطنين العرب والمتدينين اليهود، وهي عائلات كثيرة الأولاد، وتعاني معدل دخل منخفض. ومن الناحية الثانية تعود إلى سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي الاقتصادية التي يمكن وصفها بالرأسمالية التاشرية (نسبة إلى رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر) ويتعامل بها بصورة واضحة، وذلك من خلال انخفاض المساعدات الحكومية للطبقات الفقيرة والضعيفة في إسرائيل، وهذا هو السبب الثاني الذي أدى إلى تخفيض مخصصات الأولاد والشيخوخة، وأسهمت في زيادة عدد الأطفال الفقراء في إسرائيل في السنوات الأخيرةquot;.

وتابع قائلاًquot; الفقر في إسرائيل يتركز لدى العرب لكونهم يعتاشون من مجالات دخل ضعيفة، ومجال البنى التحتية وتراجع نسب الاستثمار الحكومي في الوسط العربي، هذا إلى جانب تراجع القطاع الزراعي في إسرائيل، نتيجة لسياسات مختلفةquot;. وأوضح أن quot; هذا إلى جانب عدم تداخل الوسط العربي في الصناعات التقنية الدقيقة والهايتك، الذي تطور في إسرائيل، وبالتالي لم يصل هذا المجال للوسط العربي، فإسرائيل تخطت الأزمة الاقتصادية العالمية بفضل تطورها الاقتصادي في قطاع الهايتك، واستطاعت أن تصدر أفكارًا تكنولوجية كثيرة، وهي وصلت إلى أكثر من 16 ألف براءة اختراع خلال سنة واحدةquot;.

وأشار إلى أن quot;هذه تشكل رافعة اقتصادية أساسية للاقتصاد، التي أدت بالتالي إلى تخطيها الأزمة الاقتصادية، وقد شهدت لها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي انضمت إليها اسرائيل قبل شهور عدةquot;.

وفي رده على سؤال quot;إيلافquot; حول كيفية الخروج من هذا الوضع، قال كريم إن quot;الحل الذي طالبنا به والذي طالبت به منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD يكمن في أن تقوم إسرائيل بإجراء تغيير نوعي في سياستها الاقتصادية في كل ما يتعلق بالأقلية العربية فيها، وكذلك الطبقات الفقيرة، ولأجل تحقيق ذلك يجب التركيز على نقطتين وهما: تفعيل الصناعة والاستثمار في داخل الوسط العربي من خلال استقطاب رافعات اقتصادية وإقامة المصانع وورش عالمية داخل القرى والمدن العربية، وليس فقط في البلدات اليهودية، وبذلك نحارب البطالة المتفشية داخل هذا الوسطquot;.

وتابع quot;من ناحية أخرى أن تقوم الحكومة بالاستثمار وتشجيع المبادرات الاقتصادية العربية، لكي تشكل رافعة بعيدة المدى وتثبيت عجلة النمو الاقتصادي الداخليquot;. وختم كريم حديثه بالقول إن المحور الثالث في المدى القريب هو المساعدات العينية من خلال التأمينات للعائلات الكثيرة الأولاد.