تشهد منطقة اليورو تحولات كبيرة غير مسبوقة منذ إنشائها في عام 1999 مع وضع خطة إنقاذ لليونان التي تعاني من أزمة إقتصادية، مما دعا دول أوروبا إلى التفكير بآلية عمل مناسبة وإبتكار رد منسق على مثل هذه الأزمات، بالإضافة إلى ظهور ملامح تشكيل حكومة إقتصادية وإختلافات كبيرة حول أولوياتها.

بروكسل: اتفق وزراء المال في منطقة اليورو اليوم الإثنين على الخطوط العريضة لخطة مساعدة مالية في حال إحتاجت إليها اليونان، والتي ستكون غير مسبوقة منذ ظهور العملة الأوروبية المشتركة قبل 11 عاما، ويتعلق الأمر بمساعدات ثنائية من دول أخرى أعضاء في منطقة اليورو على شكل قروض.

و قالت مصادر أوروبية في وقت سابق ان دول منطقة اليورو تخطط لتكريس مبلغ عشرين مليار يورو كسلة إنقاذ احتياطية لليونان عند الضرورة وتتجه لتمكين اليونان من ضمانات قروض ألمانية وفرنسية تحديداً، أو من سندات اكتتاب في قرض عام، وتريد الدول الأوروبية وعبر إعلان تضامنها العلني مع اليونان وقف المضاربات على اليورو وتجنب إرساء صندوق للنقد الأوروبي في نفس الوقت.

من جهته علق بول غروو أستاذ الإقتصاد في جامعة لوفان في بلجيكا قائلاً quot;ان هذا التضامن أساسي بين كافة الدول الأخرى للمحافظة على إنسجام منطقة اليوروquot;.

وبغض النظر عن مشكلة اليونان المرحلية، تعددت الأفكار خلال الأسابيع الأخيرة لتفادي أزمات أخرى.

حيث إقترحت ألمانيا إنشاء صندوق نقد أوروبي على غرار صندوق النقد الدولي يفتح أمام الدول التي تواجه صعوبات مالية، مجال الإقتراض منه.

ومن جهتها طالبت بلجيكا بإدارة الديون الأوروبية بشكل مشترك، بينما يريد آخرون وكالة تصنيف أوروبية حول اقتراض الدول.

وقال رئيس مؤسسة الدراسات الاوروبية جان دومينيك جولياني quot;أن الخطة اليونانية خطوة إيجابية نحو صيغ اكثر ديمومة قد تسمح بالتقدم نحو استكمال وحدة اقتصادية ونقدية كاملةquot;.

لكن النقاش الذي يتناول اسس منطقة اليورو لا يخلو من التناقضات كما تدل عليه الاختلافات بين فرنسا والمانيا حول الاولويات الاقتصادية وافضل الطرق لتنسيق السياسات الوطنية.

وتستند برلين الى نغمة قديمة وتقول انه يجب بالخصوص استخدام صندوق النقد الاوروبي لتشديد الانضباط في الميزانية المتراجع منذ 12 سنة، في حين يذهب وزير ماليتها فولفغانغ شويبل الى حد التحدث عن امكانية اقصاء الدول التي لا تحترم المعايير في منطقة اليورو.

الا ان بول غروو يرى ان هذه الفكرة quot;ستقضي على منطقة اليوروquot;، لأنه quot;اعتبارا من فتح المجال بشروط أمام اقصاء بعض الدول، ستكون نهاية هذا الاتحاد لان ذلك سيدخل ديناميكية مضاربةquot;.

وترى فرنسا، ان هذه الازمة يجب ان تكون قبل كل شيء فرصة لتشكيل حكومة اقتصادية حقيقية وتحسين تنسيق السياسات الوطنية بهدف مكافحة فوارق المنافسة في منطقة اليورو، وردت باريس على لسان quot;كريستين لاغاردquot; وزيرة الاقتصاد الفرنسية على تشديد برلين على عجز الميزانية، بإنتقاد النموذج الإقتصادي الألماني، وقالت أنه مبني على مبدأ الضغط على المرتبات وتقليص تكاليف العمل، وان الفائض التجاري الألماني الضخم قد لا يمكن للدول الأوروبية تحمله إلى ما لا نهاية، واتهمتها بالتركيز على عناصر الصادرات لحفز اقتصادها على حساب شركائها الآخرين، وقالت أنها تأمل بأن تفكر برلين قليلا بشركائها وتشجع حركة الطلب الداخلي بدلا من التركيز على الفائض التجاري فقط والذي يكلفها احتواء قويا للرواتب مما يكبح الاستهلاك.

ومع هذه الإختلافات والتناقضات يأتي السؤال: هل ستتمكن دول منطقة اليورو من العبور إلى مرحلة اندماج افضل؟

في هذا السياق رد بول غروو قائلاً quot;الآن وقد تم التوصل الى اتفاق لمساعدة اليونان ماليا، هناك خشية من المراوحة وعدم الذهاب بعيداquot; في فكرة صندوق النقد.

إلا ان فابيان زوليغ الاقتصادي في مركز السياسة الاوروبية، إعتبر أنه quot;من الطبيعي ان تكون هناك أفكار مختلفة جدا في هذه المرحلةquot;.