عصام المجالي من عمّان: بعد مرور سنة ونصف سنة على الأزمة المالية العالمية، شهد النشاط العقاري تباطؤاً وركوداً أثّر على الاقتصاد الأردني بشكل عام. وتكمن أهمية القطاع العقاري في ارتباطه في احتياجات المواطن الأساسية، والمسكن، وقدرته على تأمين هذه الحاجة من جهة، وقدرة المطورين والمستثمرين على مواكبة الطلب من جهة أخرى.

يحدد الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الوزني أبرز التحديات أمام القطاع العقاري بتباطؤ الاستثمارات الخليجية وارتفاع أسعار الفائدة للإقراض لطرفي المعادلة البائع والمشتري وتعطيل محركات النمو الأمامية والخلفية. وقال quot;إن الاستثمار المباشر في القطاع العقاري من مختلف التصنيفات للشركات وصل إلى مليار دينار، فيما وصلت الاستثمارات الخليجية في الأردن إلى نحو 12 مليار دولار، 20 % منها في القطاع العقاري، لكنها في حالة توقفquot;.

ورأى أنه quot;رغم هذه التداعيات، إلا أنه ما زالت هناك فرصة تتمثل في تنفيذ عدد من عمليات الاندماج والاستحواذ التي تدعم رأسمال الشركات، وتزيد من قدرتها على تجاوز آثار الأزمة، وتأسيس الجمعيات والاتحادات المنظمة لعمل هذا القطاع وإعادة هيكلة الشركات وتحديد أولويات للمشاريع التي يجب تنفيذيها وتقديم مقترحات بخصوص وسائل للتمويل للمطورين والمشترين مع البنوك والمؤسسات الماليةquot;.

ودعا الوزني إلى إنشاء شركة مبادلة أردنية إقليمية، لاستبدال جزء من قيمة الفاتورة النفطية باستثمارات تقام في المملكة، بدلاً من الاعتماد على المساعدات والمعونات غير المستدامة. وأشار في محاضرة بعنوان quot;قطاع التطوير العقاري، نظرة جديدةquot; إلى أن السوق المحلية تحتاج تنشيط الطلب على خدمات الإسكان، وإلى معادلة جديدة تعتمد على فكرة quot;التمويل التكافليquot;، بحيث تكون القروض الإسكانية بدون دفعة أولى، وتتناسب مع مستويات الدخل المتوسط والمتدني.

ولفت في الندوة، التي نظمتها جمعية البنوك في الأردن، إلى أن الحاجة ملحة لإدخال quot;نظام الايجارة المنتهية بالتملكquot; مع ضمان رفع فترة السداد إلى أطول من المعمول به حالياً. وأكد أن التطوير العقاري له إسهامات كبيرة في التنمية الاقتصادية، لوجود روابط quot;أمامية وخلفيةquot; مشغلة لقطاعات اقتصادية، قبل مرحلة التنفيذ وبعدها.

وفي ما يتعلق بالأزمة المالية وتداعياتها على الاقتصاد الأردني، اعتبر أن quot;الأزمة التي تعانيها الأردن صناعة محليةquot; لأن دول كثيرة أصابتها الأزمة، بدأت تتعافى منها، بينما في المملكة quot;لانزال نعانيquot;. ورداً على تساؤلات يطرحها الخبراء حول مدى تأثر الأردن بالأزمة، وفيما إذا ضربت الاقتصاد الوطني، أوضح الدكتور الوزني أن الأردن تأثّر جراء الأزمة كغيره من الدول المحيطة، بسبب الانفتاح على الاقتصاد العالمي، حيث أظهرت بيانات ضريبة الدخل تراجعاً، بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي.

وأشار إلى أن معالم تأثير الأزمة بين دول العالم والأردن كانت مختلفة، حيث شهد العالم انهيار مؤسسات مالية، وهذا ما لم يحصل في الأردن، بسبب حصافة الجهاز المصرفي، حيث انتهجت البنوك نهجاً حذراً تجاه المشتقات المالية، فيما كان لتعليمات البنك المركزي الدور الأكبر في ضمان استقرار البنوك الأردنية.

وفي ما يتعلق بأزمة الرهن العقاري، التي كانت إحدى مسببات الأزمة المالية العالمية، قال إن الجهاز المصرفي كان حكيماً في موضوع الإقراض العقاري، بحيث تشدد في منح التسهيلات الائتمانية للمشروعات على المخططات، إلى جانب تحفظ المواطنين بهذا الخصوص.

وأكد أن المملكة لا تشهد أزمة رهن عقاري، فالبنوك يوجد لديها احتياطات فائضة تتجاوز 4 مليارات دينار، تعتبر قابلة للإقراض. ووصف أن جوهر الأزمة المالية العالمية كان quot;أزمة ائتمانquot;، وهذا أيضاً لم يحصل في الأردن بدليل البيانات المالية المريحة للبنوك والاحتياطات في البنك المركزي وغيرها من المؤشرات المالية.

وأضاف أن أكثر ما أثّر على الاقتصاد الوطني هو quot;الرعبquot; المبالغ فيه من حيال الأزمة وتأثيراتها، ما أدى إلى أن تنظر البنوك إلى ضمانات القرض، قبل أن تدرس التدفقات النقدية أو جوهر العمل الرئيس للمشروع. وأوضح أن نسبة التسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاع العقاري في عام 2009 حوالي 18.6 % من إجمالي التسهيلات الكلية، ما يشير إلى أنها أقل من نسبة التركزات المطلوبة من قبل البنك المركزي لقطاع الإنشاءات.