جنيف: يلوح في الأفق نزاع تجاري جديد على الجيل التالي من طائرات إيرباص بعد أيام من اعتبار حصول الشركة على مساعدة أوروبية أمراً غير مشروع، لكن يبدو أن أكبر وأغلى خلاف تجاري في العالم سيهدأ في نهاية المطاف عبر المفاوضات.

وكان تمويل طائرات ايه 350 الجديدة محوراً لشكاوى وشكاوى مضادة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة نيابة عن إيرباص وبوينغ، بالرغم من أنه لم يتم التطرق إليه في التقرير الذي أصدرته منظمة التجارة العالمية يوم الثلاثاء عن المساعدات المالية الأوروبية.

وبينما يبحث كل من الطرفين ما إذا كان سيستأنف الحكم الذي اعتبره كل طرف في صالحه يشير منطق عملية التقاضي أمام منظمة التجارة العالمية إلى أن المفاوضات كما تشير إيرباص ستقدم الحل في النهاية. ولم يتضح بعد كيف يمكن للاتحاد الأوروبي إلغاء أو حتى السعي إلى استرداد التمويل الذي اعتبر غير قانوني خلال فترة وجيزة.

وتثار تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة إذا ما سمح لها في النهاية برد انتقامي سترغب في فرض عقوبات بعشرات المليارات من الدولارات على أكبر شركاء تجاريين لها وعلى حلفائها في أوروبا. وتنطبق الحجج نفسها على تداعيات الدعوى التي رفعها الاتحاد الأوروبي ضد مساندة الولايات المتحدة لبوينغ، ومن المتوقع صدور الحكم المبدئي في نهاية يونيو /حزيران.

ويعود الخلاف الحالي إلى انهيار اتفاقية للطيران المدني في عام 1992 بين القوتين التجاريتين، وتعتقد إيرباص أن الحل سيتضمن إبرام اتفاقية جديدة، إذا ما تم التوصل إلى اتفاق يتماشى مع قواعد منظمة التجارة. وقد يشمل هذا لاعبين آخرين في سوق تقدر قيمتها بثلاثة تريليونات دولار خلال العشرين عاماً المقبلة، مثل البرازيل والصين وكندا وروسيا، وهي دول تخشى بوينغ أن تستخدم مساعدة غير عادلة إذا لم تكبح منظمة التجارة جماح الاتحاد الأوروبي.

وساق الجانبان مئات الأمثلة على المساعدة المالية لتطوير طائرات جديدة من قروض بدون فوائد والإنفاق على بحوث عسكرية إلى شق طرق بالقرب من مصانع يقولان إنها تنطوي على مساندة حكومية غير عادلة. لكن الشكاوى انصبت على قضيتين أوسع.

وتدفع الولايات المتحدة بأن القروض التي يقدمها الاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وأسبانيا إلى إيرباص، وهي وحدة لشركة اي.أيه.دي.اس لتطوير طائراتها الجديدة، ليست تجارية، وبالتالي تعتبر مساعدات غير قانونية، تضر بأنشطة شركات إنتاج الطائرات الأميركية. ويقول الاتحاد الأوروبي إن برامج بوينغ للطيران المدني تستفيد بصورة غير عادلة من مليارات الدولارات التي تنفقها الحكومة الأميركية على الأبحاث العسكرية.

ورحبت بوينغ بالحكم الصادر يوم الثلاثاء، ونقلت عن مسؤولين قولهم إن الولايات المتحدة انتصرت في كل القضايا الرئيسة. وذكرت إيرباص أن لجنة فض المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية عارضت 70 % من الشكاوى الأميركية. وأثار حكم المنظمة الشكوك حول وضع مليارات الدولارات من القروض الأوروبية لأكبر طائرة في العالم، وهي ايه 380 العملاقة، التي دخلت الخدمة قبل عامين، لكنها لا تزال بعيدة من تحقيق أرباح لإيرباص.

وقالت مصادر مقربة من القضية إن جزءاً كبيراً من القروض الحكومية التي تقدر الولايات المتحدة حجمها بنحو أربعة مليارات دولار كان يستهدف تقديم مساعدة غير قانونية لأنشطة التصدير. وأضافت المصادر أن فرنسا المسؤولة عن نحو 37.5 % من العمل في أكبر مشروع صناعي أوروبي أفلتت من انتقادات منظمة التجارة، مما يبقي على الشكوك بشأن قروض بنحو 2.5 مليار دولار.

ورحبت إيرباص بالحكم الذي قضى وفقاً لمصادر قريبة من التقرير بأن معظم المساندة التي قدمتها كانت محظورة أو غير قانونية، بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، حتى مع غياب برامج منظمة لتقديم المساعدة لإيرباص. ويجب وقف بعض هذه المساعدات خلال 90 يوماً. وبمجرد نشر التقرير - ربما في نهاية مايو/ أيار أو مستهل يونيو/ حزيران - سيكون أمام الجانبين 30 يوماً لاتخاذ قرار الاستئناف، على أن يتم إصدار الحكم الجديد خلال 60 يوماً.

ولن تضطر إيرباص لسداد القروض، إذا ما خسرت الاستئناف، لكن قد تطالب بتعديل شروطها. وقالت بوينغ ومشروعون أميركيون إن القرار الصادر يوم الثلاثاء يعني أنه يجب على الاتحاد الأوروبي إعادة التفكير في مساندته المزمعة لطائرة إيرباص الجديدة طراز ايه 350 المنافسة لطائرة بوينغ طراز 787.

وتقول إيرباص إن تقرير منظمة التجارة لا يؤثّر على تمويل ايه 350. ويوم الاثنين أوضح بيتر هاينتسه منسق شؤون الطيران في الحكومة الألمانية أن برلين على وشك تقديم 1.1 مليار يورو للطائرة الجديدة. لكن السبب في أن قرار المنظمة لن يؤثر على الطائرة ايه 350 هو أن اللجنة التي طلب منها فحص التمويل حتى 2006 قالت إن الطائرة الجديدة تقع خارج نطاق اختصاصها.

ولأن منظمة التجارة تنظر في سوابق قانونية يمكن إعادة استخدام حجج ناجحة ضد تمويل طائرات أخرى في أي نزاع جديد على الطائرة ايه 350. وعشية صدور الحكم، عارضت بيونغ رداً على تصريحات هاينتسه دعوة أخرى من إيرباص للتفاوض. لكن في غضون بضعة أشهر لن يكون النزاع قريباً من الحل. وقال مصدر قريب من التقرير quot;هؤلاء الناس سيضطرون لإجراء محادثات سياسيةquot;.