صلاح سليمان من ميونيخ: هل يمكن أن نتخيل نضوب الغاز أو النفط ؟ وهل يستطيع العالم التعايش مع هذا الواقع في حالة حدوثه؟.. وهل هناك بدائل للطاقة النفطية؟، وما هي المدة الزمنية الباقية قبل نضوب الوقود الأحفوري المتبقي في العالم؟.

أسئلة مهمة يمكن أن تدور في عقل أي شخص، لكنها تقلق بشكل خاص علماء الدول الصناعية الكبرى، التي تعتمد بشكل كبير في صناعتها على الوقود الأحفوري، ورغم المحاولات المستمرة في إيجاد بديل لهذه الطاقة المهمة، إلا أن الاعتماد لايزال متزايداً على النفط ومشتقاته.

ويشير تقرير الوكالة الدولية للطاقة حول فرضية نضوب الوقود الأحفوري المثيرة للغاية إلى أن النفط أمامه 15 سنة تقريباً حتى ينضب، والغاز 30 سنة. أما الفحم فأمامه 100 سنة على وجه التقريب، وعندئذ ستتفاقم المشكلة إذا لم يظهر في الأفق حلّ.

وللتخفيف من حدة هذا الواقع، يتناول التقرير أماكن مصادر الطاقة البديلة، ومن ثم الأماكن المجهولة في العالم، والأخرى التي لم تصل إليها يد الاكنشافات بعد. ومن أهم تلك المناطق على الإطلاق منطقة القطب الشمالي، فتقارير العلماء تشير إلى أنها أكبر منطقة غنية بالنفط والغاز، ولكن كم هي هذه الكمية الموجودة فيها تحديداً ؟ حيث لا توجد إجابة محددة، إذ إن أبحاثاً فاصلة لم تسجل في هذا الشأن، تشير إلى إمكانية محتوى المخزون منه، لأن أبحاثاً جديدة مازالت غير مدرجة في ترتيب الدول أو المناطق التي فيها احتياطي من النفط أو الغاز في المنظمات النفطية الدولية.

يذكر أن ثلث إجمالي الطاقة المستخدمة في العالم الآن هي الطاقة التي تعتمد على النفط، ويصل حجم المستخدم منه إلى 4 مليارات طن سنوياً، وأهم مصادره العالمية هي المملكة العربية السعودية، وإيران، والعراق، والكويت والإمارات، لكن أهم ما يقلق العلماء أن مخزون النفط في هذه الدول بدأ فعلا في النفاذ بصورة تدريجية، في وقت يعتبر فيه البحث عن مصادر وآبار جديدة مكلف للغاية، وتصل في بعض الأحيان الدراسات الإنتاجية إلى أن حفر بئر جديد قد يكلف أكثر من العائد المستخرج منه، خاصة إذا كان مخزون النفط في صخور غير رسوبية على سبيل المثال.

الغاز والفحم
توجد أكبر احتياطيات الغاز حالياً في روسيا، وتأتي في المرتبة الثانية إيران، ثم قطر والسعودية، ودول أوبك الأخرى، ويحدد العلماء فترة نضوب الغاز بـ 60 عاماً، وذلك في حالة الاستعانة بالمخزون الموجود حالياً في منطقة القطب الشمالي.

أما الفحم، الذي يعتبر مصدراً آخر من مصادر الطاقة، فمخزونه العالمي يصل إلى 1000 مليار طن، موزعة على دول العالم المختلفة، نصف هذه الكمية موجود في الطبقات الأرضية لدول كالصين والهند وبولندا. ووفق تقديرات العلماء، فإن هذا الاحتياطي يكفي لمدة الـ 160 سنة المقبلة، إذ تصل نسبة الاستهلاك السنوي منه إلى 6.5 مليار طن سنوياً. من جهة أخرى، يقدر العلماء أن هناك مخزوناً إضافياً مازال محفوظاً في باطن الأرض في سيبيريا، وحتى الآن لم تصله يد الكشف.

مصادر هائلة للطاقة في القطب الشمالي
في المقابل، تتجه أنظار العلماء الآن للبحث عن مصادر جديدة للطاقة في القطب الشمالي، فالتقديرات كلها تشير إلى أنه البديل الممكن للدول النفطية الحالية في إنتاج النفط. وقد بدأ العلماء بالفعل في إجراء الأبحاث المتقدمة بشأن القيام بعمليات استكشافية واسعة في القطب الشمالي، في ظل الارتفاع المتواصل في أسعار النفط.

وإذا كان النفط سينضب خلال السنوات المقبلة، فإن خمس دول، تقع على ساحل القطب الشمالي المتجمد، وهي الدنمارك والنرويج وروسيا والولايات المتحدة وكندا، ستبلغ استثماراتها في غضون السنوات القليلة المقبلة مليارات الدولارات، من أجل القيام بعمليات استكشاف جيولوجية واسعة لمصادر الطاقة المختلفة تحت سطح الجليد المتجمد في منطقة القطب الشمالي. ويؤكد العلماء أن هناك اكتشافات أولية مرضية في جزيرة لابتيف زي quot;Laptewseequot; في شرق القطب، وفي جزيرة quot;Novaja Semljaquot; في غرب سيبيريا، كذلك في الجزيرة الكندية اليز مير quot;Ellesmerequot; الواقعة في آلاسكا في سيبيريا. وتفيد التفارير بأن ربع الغاز الأرضي موجود الآن في سيبيريا وحدها.

تلك الحقائق الموجودة في القطب الشمالي يؤكدها البروفوسير برنارد كريمر من المعهد الاتحادي للعلوم الجيولوجية والمواد الخام في هانوفر. وفي هذا الصدد يقول إن منطقة القطب الشمالي هي بالفعل أكبر مخزن يحتوي على الغاز الممتد من بحر الشمال إلى سيبيريا وأميركا الشمالية، كذلك فإن النفط أيضاً موجود، ومصادره معروفة الآن، على أطراف القارة القطبية المتجمدة.