بعدما فجّر مجلس إدارة جازان للتنمية الجديد مفاجأة من العيار الثقيل، وهو يعلن في بيان الجمعية العمومية للشركة عدم تبرئة المجلس السباق ماليًا عن السنة المنتهية، كانت شعلة التساؤلات تتلقفها تحليلات السعوديين، وخصوصًا المهتمين بالشأن الإقتصادي حول هذه السابقة quot;المعلنةquot; بهذه القوة في تاريخ الشركات المساهمة السعودية.

الرياض: يلحظ المتابع أن الجمعية العمومية لشركة جازان للتنمية، حينما أصدرت بندًا لا يبرئ ذمة المجلس القديم، كانت بالتوازي مع بندين مهمين يعنيان الموافقة على أداء المجلس القديم نظامًا، وهي الموافقة على ما ورد في تقرير مجلس الإدارة القديم عن السنة المنتهية، والموافقة على تقرير مراجعي الحسابات. وفي الوقت الذي قال فيه رئيس مجلس الإدارة السابق خالد الشثري لـquot;إيلافquot; إن المصوّتين بعدم إبراء الذمة ليسوا إلا شخصين فقط، كان البيان يقول إن 37% من رأس المال كان حاضرًا الجمعية.

يذكر أن شركة جازان للتنمية، التي كان اسمها شركة جازان الزراعية سابقًا، شغلت الرأي السعودي، بعد أحاديث عن أمورها المالية ومجلس إدارتها الجديد، خصوصًا بعد خسائرها المالية، التي بلغت بحسب قوائمها المالية للسنة المنتهية 2009 أكثر من 33 مليون ريال، وهي خسائر غير محققة من الاستثمار في أوراق مالية متاحة للبيع. إضافة إلى أن من 50% إلى 60% من رأس المال المدفوع للشركة يتم تشغيله وتدويره في أنشطة لا علاقة لها بالنشاط الأساس لها، وهو ما يُعتبر برأي الاقتصاديين تفويتًا لفرص مهمة، ويعرضها لمخاطر كبيرة، في وقت يبلغ مكرر ربحية جازان حاليًا إلى حدود الـ100 مرة، والعوائد على الاستثمار منخفضة جدًّا، ورأس المال العامل منخفض جدًّا.

ويشار إلى أن الخسائر في الشركات المساهمة، خصوصًا في سوق الأوراق المالية، طال الكثير من الشركات، إلا أن الحال مع الشركة المتعثرة أخذ صدى واسعًا، بحسب ما يقوله رئيس مجلس إدارتها السابق رجل الأعمال السعودي خالد الشثري، في حديثه لـquot;إيلافquot;، مبررًا ذلك بأنه هو رئيس مجلس إدارتها، ومعتبرًا هذا الأمر بحد ذاته سببًا في إثارة الموضوع. وأضاف quot;زارني اثنان من أعضاء المجلس الجديد، وعرضوا علي الاستمرار في منصب رئيس مجلس الإدارة، ولكنني رفضت. أنا قدمت كل شيء، ولم يعد بوسعي عمل الأكثر، فهي ليست ورثًاquot;.

علماً أن شركة جازان للتنمية، التي بمجرد تغيير اسمها من الزراعية تنوعت استثماراتها داخل السعودية وخارجها، تميزت طوال سنوات بغموض في أدائها، واتهامات بتجاوز قيمة أسهمها الحد المناسب مقارنة بأصولها، خصوصًا قبل الانهيار الكبير لسوق الأسهم السعودية في فبراير/شباط 2006.

وتستثمر الشركة، البالغ رأسمالها نصف مليار ريال سعودي، في مناحي شتى، وإن كان معظمها زراعياً بشقيه النباتي والحيواني، إذ تمتلك جازان للتنمية شركات عدة ومشاريع كلية وجزئية تحت إدراتها، مثل مزرعة إنتاج الربيان المستزرع والشركة المتحدة لمفارخ الأسماك وشركة سيلوندا المملكة المتحدة وأسماك تبوك وشركة سيلوندا اليونانية وشركة فجورد مارين التركية وفندق ومجمع سكني في جازان، والأخير تم تعويضه من الدولة إبان العمليات العسكرية السعودية ضد المتسللين الحوثيين على الحدود الجنوبية للمملكة. فيما تملك الشركة أيضًا أراضي في جازان ومكة والطائف، تتجاوز قيمتها 400 مليون ريال، من ضمنها مجمع سكني في جازان كلفته 92 مليون ريال.

والحديث عن إبراء الذمة من المجلس الجديد، الذي يرأسه رئيس تحرير جريدة الجزيرة السعودية خالد المالك، ويتكون من 6 أعضاء آخرين، أحدهم شقيق المالك وهو فهد، فيما يوجد شقيقان آخران أيضًا، وهما عبداللطيف وعبدالحميد العمري، كان في عرف محللين اقتصاديين لا يستوجب مساءلات قانونية، متسشهدين بحالات سابقة انطبقت على بعض الشركات، إلا أن ذلك في عرف الشثري في حديثه الخاص لـquot;إيلافquot; ليس إلا quot;بروباغنداquot; لا يعلم الهدف منها، مضيفًا بأنه يتحدى أن يلحق ذمته ريال واحد طوال السنوات التسع، التي قضاها في الشركة، التي يمتلك الجزء الأكبر بين مساهميها، موضحاً quot;إنني قدمت منجزاً عظيماً، ومشكلة المجلس الجديد هي الجهل بالأنظمة، وطريقة عمل الشركات المساهمةquot;.

وأكد أن هيئة السوق المالية ستلغي بند إبراء الذمة مع السنة الجديدة، لأنه ليس أساساً، ولأن الحالة تستوجب ثلاث سنوات حتى ولو برأ المجلس الجديد ذمة القديم، فإن ذلك لا يعني شيئًا خلال السنوات الثلاث. عن هذا الأمر، قال خبير اقتصادي سعودي يشغل منصبًا مهمًا في حديث مع إيلاف quot;إن مسؤولية أي مجلس جديد تأتي أهميتها من قرارات عدة، وتبرئة أو عدم تبرئة المجلس القديم مسألة قانونية مهمة في الشفافية نحو المساهمينquot;.

واعتبر quot;أن ذلك قانونيًا يشكّل حماية للمجلس الجديد، لأنه في حال برأ القديم، فهو يعني موافقته على أدائه كاملاً، والعكس صحيح أيضًا طوال مدة أداء المجلس الجديدquot;. الخبير الاقتصادي quot;المهمquot; أسهب في الحديث حول هذه النقطة، وأكد أن رئيس مجلس إدارة أي شركة، في حال لم يحاسب الإدارة، فهو قانونًا يتحمل أي خطأ أو سوء أداء ينتج منه.

ووسط الأنباء التي تدور عن تدهور الشركة المالي، كانت الأحاديث تدور عن الفندق، الذي تمتلكه الشركة في جازان، والأرض المباعة في مكة، ووصلت قضية الأخيرة للمحاكم، بعدما كان من المفترض أن يدفع الشاري 138 مليونًا، لكن الأمر لم يتم، واكتفت الشركة بتحصيل 14 مليونًا تعويضًا عن إلغاء الصفقة. والحديث عن المجلس الجديد يبدو متفائلاً على الأقل من خلال أداء سهم الشركة في سوق الأسهم، حيث ارتفع بمجرد إعلانه المجلس 4%، وهي نسبة لم تحققها من فترة طويلة، مع انطلاق جلسة افتتاحية، في وقت تتوقع فيه مصادر اقتصادية أن يركز المجلس الجديد على الاستثمار في جازان المنطقة، خصوصًا مع الانفتاح الجديد من الدولة عليها، سواء في ما يخص مدينة الملك عبدالله الاقتصادية أو المدينة العسكرية المزمع إنشاؤها، أو من خلال تنوع وغنى المنطقة على مستوى الثروات الطبيعية.