عادة ما تؤثّر العواصف والأمطار في اقتصاديات الدول، لكن الأهم من ذلك هو إيجاد حلول للمشاكل، التي عادة ما تحدث، للتقليل من حدة الخسائر الناجمة من تلك الظروف، وما حدث في مدينة الرياض، على الرغم من تكراره في كل موسم وكل عام، إلا أن المشاكل تتكرر، ونداءات المتخصصين والنقاد تتواصل، ولا تقدم يلحظ بشكل كبير، رغم دعم الدولة لذلك.

الرياض: لم يعد مستغرباً على ساكني مدينة الرياض ndash; المدينة الحلم ndash; ما يحدث فيها كل عام ، وبشكل موسمي، فهطول الأمطار وامتلاء الشوارع بالماء لدرجة الفيضانات الشوارعية، إضافة إلى تعطل حركة المرور ليومين، وإجازة مدرسية اضطرارية، أصبح أمراً عادياً ومتقبلاً، ولم يعد غريباً أبداً. وعلى العكس تماماً، أصبح المواطنون يتبادلون رسائل البريد الالكتروني التي تحمل في طياتها صور الأمطار، والنكات المتعلقة بذلك عبر رسائل المحمول.

المشكلة واضحة، ولا تحتاج بحثاً أو تقصياً، على الرغم من تعددها، ومن اختصاص أكثر من جهة حكومية، إضافة إلى المجتمع، فمشكلة التصريف والبلديات، وكذلك حركة السير، والإنقاذ الذي بحاجة إلى quot;إنقاذquot;، عطفاً على السلوك الفردي في مثل هذه الحالات، ونقصد بذلك التفريق بين حالات الخطر والترفيه.

لا شك في أن لمثل هذه الظروف آثاراً اقتصادية، سواء على المدى القريب أو البعيد، فهناك مشاريع عديدة تمت ترسيتها على مؤسسات وشركات مختلفة بمئات الملايين، اتضحت مشاكلها حالياً، إضافة إلى أن هناك العديد من الأضرار الواضحة للعيان، عطفاً على تعطل حركة المرور في العديد من الأماكن والشوارع، أضف إلى ذلك توقف الدراسة والعمل والمطارات لمدة يوم كامل، ما يؤثّر اقتصادياً في الدولة عبر تعطّل الموظفين ومعظم المصالح.

مشاكل التصريف
قبل أعوام عدة، برر أحد المسؤولين من خلال إحدى الصحف المحلية موقف البلديات من سوء التصريف الصحي وتصريف السيول، وأخطاء التنفيذ لعدد من الأنفاق التي تجمعت فيها المياه، فما كان له إلا أن قال إنه ليس من المنطقي أن يتم صرف مليارات الريالات لتصريف السيول بسبب أمطار تهطل يومين في السنة فقط. وطبيعي جداً أن هذا التصريح لا يعبّر بالضرورة عن رأي المسؤولين بشكل كامل، وإنما يعبّر عن شخصه فقط، فمن حقوق المواطن التمتّع بمشاريع بلدية، تمتاز بالجودة الكاملة، حتى وإن كانت الظروف تأتي مرة أو مرتين في السنة، وهذا هو ديدن الحكومة حالياً في توفير كل متطلبات المواطن في شتى المجالات.

ولا يجب أن نغفل الجهد المبذول حالياً لحلّ مشكلة التصريف بشكل عام، سواء أكان للسيول أو للصرف الصحي، على الرغم من خطورة التنفيذ وإزعاجه وتشويهه للشوارع، ولكن الخطوات تتقدم سريعاً نحو إنهاء كل شبكات الصرف، ويصبح الحلم واقعاً بالنسبة إلى سكان الرياض، في انتظار إنهاء مشكلة السيول فقط، وتصبح الأحلام كلها محققة، ويعيش المواطن في أمن جراء هطول الأمطار التي يغلب عليها الخوف، وإن سلم الشخص منها خرج بخسائر مادية كبيرة.

تنفيذ مشاريع الأنفاق
21 مليار ريال هو مخصص ميزانية المملكة هذا العام لوزارة الشؤون البلدية، وتتضمن الميزانية إنشاء جسور وأنفاق داخل المدن أو بالأصح استكمال إنشائها. ومن هذا المنطلق، نأتي للمشكلة الأكبر خلال هذا العام، وهي أخطاء التنفيذ، وتعميد المشاريع الضخمة لشركات مقاولات دون رقابة، وتنفيذ لا يرتقي إلى مستوى الجودة المطلوب.

الدليل على ذلك ما حدث خلال الأيام الماضية عند هطول الأمطار، فأخطاء التنفيذ بدت واضحة جداً في أرقى أحياء الرياض في الجزء الشمالي من المدينة، حيث من المفترض أن تكون الطرق والأنفاق والجسور على مستوى المدينة أولاً، ثم على مستوى الأحياء. فليس من المنطقي والمعقول أن يتم احتجاز عشرات السيارات وغرق مثلها داخل الطرق التي تم تنفيذها أخيراً، بسبب تراكم المياه فوق الشوارع، عطفاً على الأنفاق التي امتلأت إلى الآخر تماماً، وفي داخلها العديد من السيارات.

ويوضح أحد المهندسين المتخصصين في هذا المجال أن ارتفاع منسوب المياه داخل الشوارع كان بسبب أخطاء في التنفيذ أو التصميم، وفي كلتا الحالتين تعتبر هذه الأخطاء غير مقبولة، فكيف يتم إجازة تصميم لأحد الانفاق أو الشوارع من قبل مهندسي البلدية، وإن تمت إجازته، فيكف تمت الرقابة عليه، واستلام المشروع من المقاول ودفع مستحقاته، وما حدث في أحد الأنفاق في أحد الطرق الرئيسة في شمال الرياض أثناء العاصفة لهو إشارة خطرة، يجب التنبه إليها في اختيار المقاولين المنفذين للمشاريع مستقبلاً.

الحركة المرورية والتعطل الكبير
يذكر أن أقصى مسافة يمكن قطعها داخل المدينة تقدر بـ60 دقيقة تقريباً، وإن زادت بسبب بعض الازدحام المروري والتنقل خلال أوقات الذروة ربما تصل خلال 90 دقيقة، لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال، ولكن أن تصل من مسافة قريبة خلال 4 ساعات أو 5 ساعات، فهذا الأمر غير منطقي أبداً، وإن كان السبب هطول أمطار.

أحد المتصلين بإحدى الإذاعات السعودية، التي قامت بتغطية الحدث أبان هطول الأمطار وحدوث العاصفة ndash; التي لا يمكن مقارنتها بعواصف المحيط الهادي وجزر الكاريبي وتسونامي ndash; قال إنه قطع مسافة طويلة من مقر عمله إلى بيته، ولم يشاهد دورية مرور واحدة، ولا سيارة دفاع مدني، والمواطنون محتجزون داخل السيول!.

السؤال هنا، هل هناك قلة في رجال المرور أو سياراتهم؟.. أو هل هناك نقص أيضاً في الدفاع المدني، الذي يصفه الكثيرون بأنه بحاجة إلى إنقاذ قبل أن يُنقِذ. أحد المواطنين يتصل أيضاً، لافتاً إلى أن هناك شباباً متطوعين قاموا بالوقوف عند الإشارات لتنظيم السير، في ظل غياب المتخصصين بهذا الأمر، أو أن نظاماً ساهراً سيتولى الأمر.