يخوض الفلسطينيون، ومنذ شهور عدة، معركة quot;تحرر وطنيquot; جديدة وفريدة من نوعها، وهي معركة مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة داخل أراضي الضفة الغربية، وكذلك التفكير الجدي بمنع 35 ألف عامل فلسطيني من العمل داخل المستوطنات.

ملكي سليمان من القدس: في حين تهدد إسرائيل باتخاذ عدد من الإجراءات والقرارات ضد السلطة الفلسطينية، منذ وقف المفاوضات غير المباشرة مع السلطة، التي لم تبدأ حتى الآن، وكذلك منع الفلسطييين من استيراد السلع عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية، وكذلك التهديد بوقف تحويل عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية، التي تقدر بملايين الدولارات شهرياً، إلا أن الفلسطييين، وعلى الأقل القيادة السياسية، لا تأخذ التهديد الإسرائيلي على محمل الجد، سيما وأن هنالك اتفاقيات اقتصادية موقّعة بينها وبين إسرائيل، ملزمة للطرفين، وبخاصة الطرف الإسرائيلي، بالسماح للسلطة الفلسطينية باستيراد البضائع والسلع عبر موانئها ومعابرها، كذلك الحال شراء السلع الفلسطينية المتفق عليها في إطار اتفاقية باريس الاقتصادية، التي دخلت حيز التنفيذ منذ بدء اتفاق أوسلو وحتى يومنا هذا.

كما إن الجانب الفلسطيني يراهن على الدعم الدولي، وبخاصة الأوروبي، في ما يتعلق بمنع تداول السلع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية في الأسواق البريطانية والأوروبية أيضاً، على اعتبار أنها (أي المستوطنات) مقامة على أراض فلسطينية محتلة. أما في ما يتعلق بقرار منع العمال من العمل داخل المستوطنات، الذي لم يتخذ بشكل فعلي وتشريعي حتى اللحظة، ولكن يتم التلويح به من قبل وزراء السلطة الفلسطينة، فهناك تباينات في وجهات النظر، إذ إن السلطة مطالبة بإيجاد البلديل لهؤلاء العمال، قبل منعهم من العمل داخل المستوطنات الإسرائيلية.

الاعتماد على البعد العربي
وفي لقاء خاص مع quot;إيلافquot;، أشار الدكتور عدنان أبو الحمص، أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت والمستشار المالي لشركة باديكو، أن quot;التهديدات الإسرائيلية بمنع الفلسطييين من استيراد السلع عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية جاءت كرد فعل على قرار السلطة الفلسطينية مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وكذلك التلويح بمنع العمال من العمل داخل مستوطناتهاquot;، لافتاً إلى أنها ليست المرة الأولى التي تطلق فيها إسرائيل هكذا تهديدات.

ورأى أن هذا التهديد يؤكد على أن الاقتصاد الفلسطيني بحاجة إلى استقلالية في عناصر إنتاجه وتوحيد جهود القطاعات كافة الاقتصادية الخاصة والعامة، وبالتالي فإن قضية مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية يعزز ضرورة وجود اقتصاد فلسطيني قوي، ويعزز أيضاً ضرورة العمل على تقوية وتحسين وضع الشركات الفلسطينية، كما يعزز الاعتماد على البعد العربي والإسلامي، سواء أكان الاستيراد من خلال الأردن أو مصر، منوهاً بأنه يجب أن لا يشعر الاقتصاد الفلسطيني بالقلق، وإنما العكس، فيجب أن يعزز هذا الاقتصاد ويقوى.

التهديدات الإسرائيلية غير مجدية
في سياق متصل، أوضح أبو الحمص أن quot;هنالك اتفاقات دولية، مثل اتفاقية باريس الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، التي تمنع الأخيرة من إيقاف الفلسطييين من استيراد سلعهم عبر أراضيهاquot;، مشدداً على ضرورة العمل على التركيز على البعد العربي والإسلامي في ما يتعلق بالاقتصاد الفلسطيني، وفي محاولة لتقليل تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي، التي أوجدها الاحتلال.

وقلل أبوالحمص من تأثير مقاطعة الفلسطييين للبضائع والمنتجات الإسرائيلية بشكل عام، غير أنه اعتبر تركيز الفلسطييين على منتجات المستوطنات له تأثير على المدى القريب وفي المستقبل، مذكراً بأن بعض الدول الأوروبية، مثل بريطاينا، حذّرت تداول منتجات المستوطنات الإسرائيلية في أسواقها ومحالها التجارية، إضافة إلى العديد من الدول في العالم ، ومعتبراً أن وقف التعامل مع منتجات المستوطنات يلحق الضرر باقتصادها، الذي يتكبد خسائر مالية كبيرة بشكل مستمر، ويضعف نموه، ويوقف الاستثمار الاقتصادي فيها، سيما وأن منتجات المستوطنات كانت توزّع بشكل كبير داخل الأسواق الفلسطينية، وبملايين الدولارات شهرياً.

عمال المستوطنات بحاجة إلى بديل
أخيراً، وحول منع العمال الفلسطييين من العمل داخل المستوطنات الإسرائيلية، أكّد أبو الحمص أنها خطوة في الاتجاه الصحيح، وتقوي الاقتصاد الفلسطيني، لكن لا بد من إيجاد البديل لهؤلاء العمال، الذين يعتمدون اعتماداً كلياً على العمل داخل المستوطنات الإسرائيلية، وهذا الأمر - برأيه- يتطلب إعداد خطة طوارئ، تشارك فيها وزارتا الاقتصاد والعمل، إضافة إلى القطاع الخاص الفلسطيني، مشيراً إلى أن الحديث عن 35 ألف عامل فلسطيني يعملون في المستوطنات الإسرائيلية أمر مبالغ فيه.