يحتدم الجدل في الجزائر بشأن ما يكتنف قطاع الإنشاءات العامة، فرغم المخصصات الضخمة التي جرى إنفاقها على الطرقات منذ 2002، إلاّ أنّ الإهمال لا يزال سيد الموقف، في وقت لم يتم استكمال مشروع الطريق السيار رغم استنزافه مليارات الدولارات.

كامل الشيرازي من الجزائر: يوجه الخبيران أنيس نواري ووهاب رحيمي انتقادات حادة لسيرورة ورش الإنشاءات العامة في الجزائر، حيث يتقاطعان في كون quot;الإنفاق كبيرا، والنتائج هزيلةquot;، ويستغرب نواري ورحيمي رصد مبالغ خيالية لما سُمي بـquot;مشروع القرنquot; ويتعلق الأمر بـquot;الطريق السيار شرق/غربquot; الذي استفاد من غلاف ضخم، إلاّ أنّه لم ير النور بعد، علماً أنّه كان من المفترض تجسيد المشروع بالكامل مطلع سنة 2009، غير أنّ آجال إنجازه تأخّرت لاعتبارات لا تزال مجهولة، تماماً مثل مشروعات أخرى، أبرزها الطريق العابر للصحراء.

بدوره، يستهجن أنيس بن مختار ترك ورش كان مبرمجاً إتمامها خلال الفترة السابقة، وجرى توسيع آجالها إلى خمس سنوات إضافية، على غرار طريق الهضاب العليا، وعدداً من الطرقات الاجتنابية، إضافة إلى ازدواجية الطرق الوطنية شمال جنوب، ويدفع عامل الإرجاء الذي فرض نفسه كثابت في القطاع، بمحدثنا إلى الجزم بأنّ مشاريع إنجاز طرق سريعة بطول إجمالي يبلغ ألف كلم عبر المدن الساحلية وغيرها من المنشآت الفنية من أنفاق وجسور وموانئ، لن يتم تتويجها بحلول العام 2014، وهي مرشحة بحسبه لتأخر متجدد.

بيد أنّ عمار غول الوزير الجزائري للإنشاءات العامة، ينفي صحة الانتقادات رأساً، ويشدّد على ضرورة كفّ من نعتها quot;بعض الأطرافquot; عمّا سماها quot;المزايداتquot; وquot;صناعة الأوهامquot;، واعتبر الوزير أنّ ذلك لن يخدم البلاد ولن يجعلها تتقدم ولو بخطوة واحدة.

ويفيد المسؤول عينه أنّ القيمة الإجمالية quot;الحقيقيةquot; لإنجاز مشروع الطريق السيار شرق-غرب هي أحد عشر مليار دولار quot;لا أكثر ولا أقلquot;، وكشف الوزير أنّه تمّ إنجاز 90 % من هذا الطريق الموصوف بـquot;مشروع القرنquot;.

بالتزامن، نوّه غول بأنّه تم تجسيد الشوط الأكبر من الطريق السيار الممتد من الحدود الجزائرية-المغربية إلى الحدود الجزائرية-التونسية، مركّزاً على أنّ ذلك تمّ في مدة قياسية وقبل انقضاء آجاله التعاقدية، معتبراً أن ما تم تحقيقه إلى حد الآن يعد انتصاراً كبيراً للجزائر ومفخرة لكل الجزائريين، مثمناً جهود جميع الفاعلين من عمال وكوادر وكفاءات.

وأشار غول إلى أنّ مشروع الطريق السيار مكّن من كسب وتكوين 4500 كادر من الطاقات والكفاءات الجزائرية ملمة بشؤون الطرق السريعة، وستكون الرأسمال الحقيقي للجزائر ما بعد البترول، كما ستسمح بتأطير أي مشروع في المستقبل، على حد قوله.

ويثمن الوزير نتائج قطاعه الحالية والمستقبلية، ملحاً على أنّ المشروعات الجاري تنفيذها، ستفتح آفاقاً اجتماعية اقتصادية متجددة ستسمح بخلق تسعمائة ألف فرصة عمل جديدة في آفاق 2014، وهو ما سيدعم 1600 مشروع للإنشاءات العامة تجسدت قبل فترة.

واقترب مشروع القرن quot;الطريق السيّار شرق/غربquot; الذي انطلقت أشغاله في سبتمبر/أيلول 2006، من شطره الأخير، علماً أنّ هذا الطريق يمتد على مسافة 1216 كلم بين الطارف شرقاً وتلمسان غرباً، كما سيربط 32 ولاية، إضافة إلى ربطه الموانئ والمطارات.

في غضون ذلك، شدد مسؤول حكومي جزائري على أنّ مشروع الطريق العابر للصحراء مرتبط بتشجيع المبادلات بين الدول الأعضاء فيه، ودعا محمد عيادي، الأمين العام للجنة المكلفة بإتمام المشروع، إلى ضرورة إعداد دراسة حول فرص المبادلات التجارية بين الدول الست المعنية بالطريق العابر للصحراء، وهي الجزائر وتونس ومالي والنيجر ونيجيريا والتشاد.

وتجدر الإشارة إلى أن الطريق العابر للصحراء الذي تمّ الشروع فيه قبل خمس سنوات، وعرف تعثرات كثيرة، عانى نقصاً في التمويل، ما أعاق إنهاء بعض الأجزاء على غرار المحور الرابط بين الجزائر ولاغوس، وهو ما يهدد بعدم إنهاء المشروع في آجاله المحددة نهاية العام الجاري، رغم تمكّن الجزائر من إنجاز 1200 كيلومتر من حصتها البالغة 1400 كلم، تماماً مثل نيجيريا، التي أنجزت هي الأخرى 1200 كيلومتر، بينما استكملت النيجر ألف كيلومتر، في حين لا تزال التشاد تدور في فلك مشاكل منعتها من الوفاء بحصتها.

وتنظر الجزائر كما دول منطقة الساحل إلى الطريق العابر للصحراء كبوابة للنهوض بمخططات التعاون الاقتصادي بين الأفارقة، وتقوية فرص الشراكة بينهم، بعدما ظلّ مستوى المبادلات متواضعاً لسنوات طويلة.