أصبحت الأراضي الزراعية في مصر مهددة بالبوار والتصحر، وذلك بعد قرار دول حوض النيل بتقليل حصة الدولة من ماء النهر، الأمر الذي أشعل غضب المزارعين في مصر.

القاهرة: يبدو أن آثار أزمة مياه النيل ظهرت مبكراً، واستعدت الحكومة المصرية لمواجهة هذه الأزمة بترشيد استهلاك المياه، وفرض الغرامات على من يهدرها في quot;الرش والغسيلquot; وسوء الاستخدام. وبعيداً من الأسباب السياسية تناقش quot;إيلافquot; خلال التقرير التالي مدى تأثر الحياة في مصر، بعد قرار دول حوض النيل بتقليل حصة مصر من مياه النيل.

أصبحت أزمة حصة مياه النيل هي الحجة الدامغة أمام المسئولين في ما يتعلق بمشكلات المياه، فهناك أكثر من 250 قرية في القاهرة الكبرى تعاني انقطاعاً في المياه بصورة شبه دورية في فترة ما بعد الفجر إلى العشاء، وهي الفترة التي يحتاج فيها السكان الماء. وعندما حاول الأهالي الاستغاثة بالمجالس المحلية جاءهم الرد quot;بأن الناس تهدر المياه بسوء استخدامها، ومصر مقبلة على أزمة مياه كبيرة، فلابد من توفير المياه حتى لا تموتون من العطش في المستقبلquot;.

ومشكلة انقطاع المياه ليست من أهم النتائج المترتبة على أزمة مياه النيل، ولكن المعضلة الأكبر تكمن في الزراعة، حيث يواجه المزارعون أزمة حقيقية هي عدم توافر مياه الري بالترع والمصارف، وتعددت شكاوى الفلاحين للإدارات الهندسية للري في محافظات مختلفة دون جدوى. واضطر المزارعون للري عبر المياه الجوفية، وهي طريقة ذات تكلفة عالية، واضطر البعض الآخر لاستخدام مياه الصرف الصحي.

وقد رصدت quot;إيلافquot; تجمهر المزارعين أمام الإدارات الهندسية، فهذا عبد الله عبد السلام - مزارع يقول quot;ننتظر وصول المياه للترعة منذ أكثر من عشرة أيام، وقد تعرضت الأراضي للجفاف، والمسؤولون quot;يضعون أيدهم في الماء الباردquot;، وكلما تجمعنا أمام الإدارة الهندسية قال لنا رئيس الإدارة إننا لابد أن نتعاون من أجل مواجهة مشكلة ندرة المياه، ولكن هل هذا التعاون يعني أن نسكت عن عدم وصول مياه الري، إلى أن تجف الأرض وتبورquot;.

فيما أوضح المهندس سعيد رئيس الإدارة الهندسية في إحدى محافظات الدلتا أن هناك خطة لتوفير المياه لابد أن نتبعها جميعاً، ولابد للفلاحين أن يعوا أن ما يحدث الآن من تقشف يحتاج تعاوناً، وليس تجمهراً، والمطالبة بالمياه، فالذي يستطيع الري عن طريق المياه الجوفية ويكون ذلك سهلاً، عليه فليفعل.

وصرح مسؤول في وزارة الري أن هناك محاولات لاحتواء الأزمة عن طريق تطهير مجاري الترع والمصارف وتطوير آليات الري لتناسب متلطبات الأراضي الزراعية، لافتاً إلى أن هناك خططاً يتم دراستها لتحويل نظام الري في بعض المحافظات المصرية، وخاصة الوجه البحري، من نظام الري بالغمر إلى الري بالتقطير، من خلال شبكات تتصل بين الترع، وبين الأراضي المراد ريها. ومن بين بنود الاقتراح أن تقوم وزارة الموارد المائية بالتنسيق مع وزارة الزراعة بتحديد المحاصيل التي سيتم زراعتها في كل محافظة من محافظات مصر.

ورد الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية موضحاً أن هناك خطاً ساخناً خصص لتلقى شكاوى المزارعين عن نقص المياه، إضافة إلى وجود غرفة عمليات تقوم على حل المشكلات المتعلقة بمياه الري في شتى المحافظات، على أن يتم التنسيق بينها وبين مديريات الري بالمحافظات والإدارات التي تلقت أوامر بإعداد تقارير مفصلة عن الأوضاع الراهنة، لتقوم لجنة متخصصة بتوفير الحل والحل البديل في أسرع وقت ممكن.

واعتبر الوزير أن ما زاد مشكلة ندرة المياه تعقيداً هو التبكير في زراعة المحاصيل الصيفية التي تحتاج مياهاً كثيرة، وكذلك زيادة المزارع السمكية في بعض المحافظات.