هاجمت حكومة كردستان السياسات النفطية للحكومة العراقية المركزية في بغداد، متهمة إياها بالفشل في إدارة ملف الطاقة والنفط، وخلق أرضية للتهريب وتبذير المال العام، وبالتالي الإضرار بمصالح الشعب، واصفة تصريحات الشهرستاني الأخيرة باللا مسؤولة.

أسامة مهدي من لندن: هاجمت حكومة كردستان بشدّة السياسات النفطية للحكومة المركزية في بغداد، معتبرة أنها خاطئة، وأن توجّهاتها فاشلة في إدارة ملف النفط والطاقة، وأضرت بمصالح الشعب، وخلقت مجالاً للتهريب وتبذير المال العام، والتركيز على المصالح الفئوية الضيقة على حساب مستقبل العراق ومصلحة شعبه، رافضة اتهامات بغداد لها بتهريب النفط إلى ايران، ووصفت تصريحات وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني في هذا الصدد بأنها غير مسؤولة.

وقال الناطق الرسمي باسم حكومة كردستان كاوة محمود إن تصريحات الشهرستاني الأخيرة، التي اتهم فيها سلطات الإقليم بتصدير النفط خارج سيطرة الحكومة المركزية، مما يعوق خروج العراق من عقوبات الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، غير مسؤولة بالنسبة إلى قضية تتعلق بملف النفط والغاز في العراق، الذي طالما تعامل معها بشكل إستفزازي ومضر بالإقتصاد الوطني العراقي، وأهدر الفرص الكبيرة لإستثمار الثروة النفطية لخدمة العراقيين جميعًا.

واعتبر محمود في تصريح صحافي تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه أن quot;الشهرستاني اعتاد هذا السلوك، متجاوزًا مواد الدستور العراقي، التي تتعامل حكومة إقليم كردستان بموجبها، ومتخطيًا الإسلوب اللائق والعرف المعمول والطريقة المثلى في التعامل والتشاور والإستفسار للوصول إلى الحقيقة. وقال quot;لقد حقق إقليم كردستان إنجازات واضحة في مجال السياسة النفطية، تعود بالفائدة على مجمل العراقيين، لكون هذه الثروة وعائداتها ملك العراقيين جميعًا، وقد إعتمد الإقليم على قانون النفط والغاز في كردستان، الذي ينسجم مع دستور العراق الاتحاديquot;.

ورأى أنه quot;كان من المفروض أن يتوقف الشهرستاني عن كيل الإتهامات الباطلة، ويصرف جهده الأساسي للمساهمة في إصدار قانون النفط والغاز في العراق، ويركز جهوده على مكافحة أعمال التهريب في مناطق العراق الأخرى، كما عليه أن يدرك بأن البيئة السياسية في إقليم كردستان، التي تحتضن مبادئ الديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد، هي البيئة التي بإمكانها تحقيق التنمية والتقدم ومكافحة الإرهاب وتحقيق السياسة الناجحة في إدارة الإقتصاد الوطني.

بغداد تعتبر بيع الأكراد النفظ إعاقة لخروجها من الفصل السابع

في حين أن البيئة التي تنتج الإرهاب والتناحر الطائفي المتزامنة مع السياسات الإقتصادية الخاطئة والتوجهات الفاشلة في إدارة ملف النفط والطاقة، برأيه، هي البيئة التي تنتج الأزمات تلو الأزمات، ولا تستطيع تقديم الخدمات للمواطن، وتضرّ بمصالح الشعب، وتخلق مجالاً للتهريب وتبذير المال العام، وتركز على المصالح الفئوية الضيقة على حساب مستقبل العراق ومصلحة شعبهquot; على حد قوله.

وأكد الناطق الكردستاني أن حكومة الإقليم، وبدعم من رئيس الإقليم مسعود بارزاني، معنية بعموم الشأن العراقي، وهي حريصة على المال العام ومصلحة الشعب العراقي وتحقيق التقدم والتنمية، وبإمكانها أن تقدم النموذج الذي تحقق في الإقليم كتجربة عملية رائدة للإستفادة منها في عموم أنحاء العراق، وهي في صدد إعلان الإجراءات المتخذة، التي سبق وأن تقررت بإشراف رئيس الإقليم حول منع تهريب الثروة الوطنية، وهي إجراءات تنسجم مع القانون الدولي ودستور العراق الاتحادي، وتمنع التجارة غير الشرعية.

واتهم الشهرستاني بإلحاق الضرر بمصلحة الشعب العراقي وبالإقتصاد الوطني وبقطاع النفط بشكل خاص ومن حق العراقيين في وسط البلاد وجنوبها. وقال إن المواطنين يستاءلون عن جدوى تلك السياسات، وهم يعانون الأمرين، بسبب إرتفاع معدلات الفقر والبطالة وفقدان الخدمات الأساسية والكهرباء.

وطالب الناطق وزير النفط العراقي بالتوقف عن كيل الاتهامات quot;الباطلةquot;، ودعاه إلى الاهتمام بإصدار قانون النفط والغاز في العراق، ومكافحة أعمال التهريب في مناطق العراق الأخرى، وعدم الاستمرار quot;بتجاوز مواد الدستور العراقي، التي تنظم العلاقة مع حكومة الإقليمquot;.

وكانت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; قدقالت في الثامن من الشهر الحالي إن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق لوجود عمليات تهريب للنفط الخام العراقي، وإن المشتقات النفطية تتم عبر المنافذ الحدودية في إقليم كردستان إلى إيران، في الوقت الذي تعمل فيه واشنطن على فرض عقوبات على طهران.

من جهتها، أعلنت الحكومة العراقية اليوم الخميس أن وفدًا من وزارة النفط العراقية سيزور إقليم كردستان خلال اليومين المقبلين للوقوف على حقيقة الأنباء التي تحدثت عن تهريب النفط عبر المنافذ الحدودية في الإقليم، مؤكدة في الوقت نفسه أن الحكومة العراقية تبذل قصارى جهدها من أجل تفادي أي ضرر يمكن أن يطال الاقتصاد الاتحادي أو اقتصاد الإقليم.

ويحتل العراق المرتبة الثالثة عالميًا بعد السعودية وإيران من حيث الاحتياطي النفطي المؤكد، مع 115 مليار برميل، وهو ينتج حالياً 2.5 مليون برميل يوميًا، يصدر منها حوالى 1.85 مليون برميل، خصوصًا من حقول قرب البصرة الجنوبية.

وكان الشهرستاني قد حذّر حكومة إقليم كردستان الثلاثاء الماضي من الاستمرار بتصدير النفط ومشتقاته إلى إيران، معتبرًا ذلك خرقًا لقرارات الأمم المتحدة وإعاقة لخروج العراق من عقوبات الفصل السابع للمنظمة الدولية. وعبّر عن استغراب الحكومة العراقية ورفضها لقيام سلطات إقليم كردستان بتصدير النفط ومشتقاته إلى إيران، والاحتفاظ بالإيرادات في موازنة الإقليم. مشيرًا إلى أن وزير الثروات الطبيعية في الإقليم آشتي هورامي قد أقّر بذلك، برغم أن الإقليم يحصل على موازنته السنوية من الموازنة العامة للدولة العراقية.

واستغرب الشهرستاني أن تقوم حكومة كردستان بتصدير المشتقات النفطية، في وقت يعاني العراق نقصًا فيها، ويستوردها من الخارج، حيث يحرم ذلك المواطنين العراقيين منها، معتبرًا ذلك أمرًا غير مقبول. ولفت إلى أنه وفقًا لقرارات الأمم المتحدة فإن أموال النفط تودع عادة في صندوق التنمية العراقي خارج البلاد، لكن احتفاظ حكومة كردستان بإيرادات تصدير النفط أمر مخالف لقرارات الأمم المتحدة، وإعاقة لمساعي العراق إلى الخروج من عقوبات الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، التي فرضت عليه عقب غزو الكويت العام 1990.

وأوضح أن مجلس الوزراء العراقي قد ناقش هذا الأمر، وطلب استدعاء مسؤولين في الإقليم لبحث هذا الأمر المهم معهم، وعدم السماح باستمرار عمليات التصدير هذه، التي تضرّ بمصالح العراق الاستراتيجية.