طلال سلامة من برن (سويسرا): تعتبرها السلطات الرسمية مصائب ضريبية في وقت ينظر اليها الأغنياء بأنها الحل المؤقت لعدم رغبتهم في تقاسم أرباح أعمالهم التجارية مع حكوماتهم. نتحدث هنا عن الجنات الضريبية التي نجحت، برغم الاتفاقيات التي أبرمتها السلطات الأوروبية لإبادتها من الخرائط السياسية-الجغرافية، في البقاء على قيد الحياة.

لا بل يُجمع الخبراء السويسريون على أن هذه الجنات ستبقى خالدة طالما بقي المال متداول به على سطح الكرة الأرضية. في الوقت عينه، يفيدنا هؤلاء الخبراء أن الجنات الضريبية، الملجأ الآمن للمتهربين من دفع الضرائب في دولهم، تمر حالياً بأزمة من المتوقع أن تدوم، بين مد وجزر، في السنوات الخمس المقبلة. إذ إنه في عام واحد فقط تراجعت القيمة الكلية للأموال المودعة لدى المصارف، المستوطنة في هذه الجنات، من 1.2 تريليون دولار إلى تريليون دولار تقريباً.

في سياق متصل، يشير الخبير فيكتور ماير، من مصرف اي اف جي انترناشونال في زوريخ، لصحيفة quot;إيلافquot; إلى أن الأزمة التي تمر بها الجنات الضريبية، لناحية تراجع الايداعات، غير مقلقة، ولن تؤثر على سمعة شركات الأوف شور، وهي تلك التي تتمركز في بلد معين، إنما تنفذ أعمالها في بلد آخر يخضع لسيادة دولة أخرى، التي تدير عمليات نقل وخزن الأموال في الخارج.
لغاية عام 2002، كان مجموع الأموال الأجنبية المودعة في هذه الجنات لا يتجاوز 200 بليون دولار. أما الآن، فاننا نستطيع التحدث عن ترليونات الدولارات المحصنة داخل قلعات مصرفية لا تنصاع للضغوط السياسية الدولية بسهولة.

علاوة على ذلك، ينوه هذا الخبير بأن سنغافورة تريد تعزيز مكانتها داخل اللائحة التي تحتوي على تلك الدول التي تقوم بتسهيل فتح الحسابات المصرفية للمتهربين من دفع الضرائب (تحتل ولاية ديلاوير الأميركية المركز الأول لكونها تحتضن أكثر من 1.5 تريليون دولار من الأموال الأجنبية المهربة). إذ إن صناديق التحوط الصغيرة يمكنها الآن ممارسة أنشطتها في سنغافورة من دون رخصة. ما يساعد في تأسيس شركات مالية، محلية وأوف شور، ستقوم، من دون شك، في مؤازرة أنشطة الجنات الضريبية غير الشفافة.

في ما يتعلق بسويسرا، يتوقف هذا الخبير للإشارة إلى أن التعاون السويسري الأميركي، للكشف عن هوية المواطنين الأميركيين الذين يمتلكون حسابات مصرفية لهم هنا، لا يُقنع المصارف المحلية التي تخشى من تدهور سمعة بنية الأسرار المصرفية السويسرية، عالمياً. ما قد يؤثر على مكانتها الدولية في استقطاب الأثرياء الأجانب إليها.