في وقت بدأت تشهد فيه العاصمة اللبنانية، بيروت، حالة من الإزدهار والرواج في قطاع العقارات والأبنية المعمارية الحديثة، بدأت تظهر مخاوف بشأن المستقبل الغامض الذي أضحى ينتظرالقديمة منها، ذات الطابع التراثي والتاريخي، التي لطالما عَلقت بسحرها وجمالها في أذهان الكثيرين من السياح الذين يتوافدون على البلاد كل عام.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: في سياق حديث مطول لها حول مصير المنازل الأنيقة التي تعود للعصر العثماني كتلك المنتشرة في حي الجميزة في بيروت في ظل الطفرة العقارية التي تشهدها العاصمة وسط موجة غلاء غير مسبوقة، قالت صحيفة فاينانشيال تايمز أن الفجوات التي بدأت تظهر على واجهات المباني القديمة المصنوعة من الحجر الرملي، بدأت تلقي بظلالها على رونقها، وأفسحت الطريق أمام ظهور بنايات شاهقة جديدة.

وأشارت وزارة الثقافة اللبنانية في هذا السياق إلى أن الطفرة العقارية المذهلة التي بدأت تتضح معالمها أخيراً، حرمت بيروت بالفعل من عدد كبير من منازلها القديمة، ناهيك عن ما يقرب من ثلث الـ 300 مبنى، التي تم تصنيفها باعتبارها quot; بنايات ذات أولوية تراثيةquot;.

ولفتت الصحيفة هنا إلى أن ما يقرب من ستة آلاف لبناني قد انضموا إلى جماعة تم تدشينها مؤخراً على موقع التواصل الاجتماعي quot;فيس بوكquot; يُطلق عليها quot;أنقذوا تراث لبنانquot;، خشية أن تفقد مدينتهم بإطراد هويتها المتوسطية التاريخية وتمضي في طريقها لتتحول إلى نموذج مصطنع لإمارة دبي.

وأوضحت الصحيفة أن جهود هؤلاء الأشخاص المتحمسين لحماية التراث بدأت تؤتي بثمارها، حيث خصصت السلطات مؤخراً خطاً ساخناً يتيح للمواطنين إمكانية الإبلاغ عن البنايات المُهددة.

ووافقت وزارة الداخلية على منح وزارة الثقافة حق النقض الأول على أي طلبات يتم تقديمها لتدمير المباني القديمة، قبل تسليم الملفات إلى بلدية بيروت.

في حين يعتقد كثيرون أن القائمين على تلك الحملة يخوضون نضالاً غير مجدي ضد الواقع الاقتصادي. ولفت هنا رجا ماكارين، من شركة رامكو للتطوير العقاري، إلى أن هذا هو الحال بالنسبة لمعظم العواصم حول العالم.

ومضت الصحيفة تقول في هذا الشأن أن الطفرة المعمارية التي طرأت على العاصمة بيروت حدثت بشكل كبير نتيجة لبيع شقق فاخرة للمغتربين اللبنانيين الذين يعملون في الخليج، وأصبحت العقارات في بلادهم استثماراً جاذباً بالنسبة لهم.

وأوضحت الصحيفة أيضاً أن أسعار الأراضي في بعض المناطق قد ارتفعت بمعدل يزيد عن الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة. فضلا ً عن أن الأسعار في وسط بيروت باهظة للغاية بالنسبة لمعظم السكان المحليين. ويكفي أن دراسة مسحية حديثة وضعت الإيجارات في بيروت بالمركز العاشر في قائمة الإيجارات الأكثر غلاءً في العالم.

وقد تضطر 50 ألف أسرة تعيش في شقق بالإيجار للانتقال إلى الضواحي، إذا ما تم تمرير هذا القانون المقترح لتحرير اتفاقات الإيجار، طبقاً لما ذكرته فاينانشيال تايمز. وقد اتهم الناشطون المهتمون بالدفاع عن التراث شركات التطوير العقاري بعدم مراعاة التأثير الذي تحظى به ممتلكاتهم متعددة الطوابق على حركة المرور، ووسائل الراحة، والبيئة المحلية.

وتابعت الصحيفة الحديث بنقلها هنا عن محمد فواز، الرئيس السابق لهيئة التخطيط العمراني الحكومية، قوله quot; رغم تواجد مثل هذه النظم من الناحية النظرية، إلا أن تأثيرها معدوم من الناحية العملية.

ودائماً ما يقوم المطورون العقاريون بممارسة الضغوط على الحكومة، لكن تلك الضغوط أصبحت أكثر شدة وقوة بعد الحرب الأهلية، لدرجة أن السلطات لم يعد بمقدورها أن تقاومquot;.